وكأن الغلابة مكتوب عليهم العذاب.. وكأن سكان الأقاليم بشر درجة تانية خرجوا من حسابات الدولة فالخدمات معدومة وأبرزها الخدمات الصحية وإن وجدوها فإنها علي بعد أميال حتي إذا وصلوا ماتوا. فمنظومة الصحة يجب إستعادتها بعد الإنهيارالواضح. ومستشفيات الأرياف لاتعدو إلا سكن للأطباء فهي حوائط خاوية تفتقد الأجهزة التي تسهم في إنقاذ حياة أي إنسان. ولقد عايشت تجربة مريرة كانت نهايتها موت صديقي الغالي محسن خليل أبوالليل في أوج شبابه فقد تعرض لحادث نقل علي أثره لمستشفي القرية الذي حوله للمستشفي العام بمركز الحسينية الذي يفتقد أبسط أدوات العلاج ولايستطيع الأطباء إتخاذ قرار بإعطاء المريض الذي تعرض لحادث حقنة لوقف النزيف. وعلي طريقة المحولجية حولوه لمستشفي فاقوس العام ومنه للزقازيق لتستغرق الرحلة أكثر من 80 كيلو وتتضاعف المأساة بالطريق الذي لايصلح لسيرالحيوانات. رحلة الموت في طريق الزقازيق يعاني منها سكان أكثر من محافظة يربطهم هذا الطريق ولا يليق بمحافظ الشرقية سيد عبد العزيز السكوت علي المذلة التي يتعرض لها الأهالي في المستشفيات وطريق الصالحية -الزقازيق التي إن تصلها لاتجد إلا مدينة تحولت إلي مقلب زبالة وطرق مهدمة. ورسالتي لوزيرة الصحة مها الرباط هي أن مواطني الأقاليم لهم حقوق. فحرام وصول حالة المستشفيات لهذا المستوي. أين الرحمة والإنسانية؟ أرواح الناس في خطر والأحاديث التليفزيونية لن تشفي المرضي. أما محافظ الشرقية فعليه أن يدرك أن النزول للناس والتعرف علي مشاكلهم بعيدا عن الزيارات الرسمية هو سبيل معرفة علي سبب المشكلات وحلها. إنزل ياسيادة المحافظ فلم تعد الزقازيق وحدها تعاني بل ينافسها قري ومدن وطرق باقي المحافظة. ماذا تنتظرون لقد مر الدستور بسلام فلماذا لايتحرك مسئولو المحافظة ورؤساء المدن ؟هل تنتظرون الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية وبعدين نبدأ نشوف مشاكل الناس ؟فإن لم تكن تعرف حجم المعاناة فإني علي استعداد لإصطحاب معاليك في جولة علي الطرق والمستشفيات لكني أشفق عليك فلن تحتمل أعصابك رؤية هذه المآسي. إنزل ياسيادة المحافظ فأرواح الغلابة لها أيضا ثمن. يبدو أن أبناء الريف مكتوب عليهم الموت لأنه أرحم من دخول المستشفيات. ولابد أن تعي الحكومة والرئيس القادم أن إصلاح التعليم والصحة أساس وركيزة إعادة الحياة للمصريين وصون كرامة المواطن. فلا تقدم بدون صحة سليمة ولاتنمية بدون إنسان قوي قادر علي العمل والبناء. محافظات مصر تحتاج لزيارات ميدانية للتعرف علي الخراب الذي طال الخدمات وخاصة المستشفيات التي تفتقد أقل وسائل الإسعاف ولابد من إصلاح المنظومة الصحية ونشر المستشفيات المجهزة في قري مصر والاهتمام بالمستشفيات العامة بالمراكز. ولعل الصورة في محافظة الشرقية هي نفسها بباقي المحافظات.. بالكربون.