د . محمد داود سيبقي خالدا في سجلات العزة والكرامة ذلك اليوم الذي تعاهدت فيه قوات البوليس المصري المسئولة عن تأمين مبني محافظة الإسماعلية بقراءة الفاتحة في 25 يناير عام 1952 علي عدم الإستسلام أو تسليم مبني المحافظة للمحتل الإنجليزي إلا علي جثثهم، حيث قام الملازم أول مصطفي رفعت وزميله الملازم أول عبد المسيح الذي لم يتردد في قراءة الفاتحة مع زملائه المسلمين وطلب الجميع مسلما ومسيحيا الشهادة عن طيب خاطر دفاعا وعشقا لتراب مصر. رغم قلة أعدادهم وضعف أسلحتهم ومعداتهم وسقوط العديد من الشهداء ومئات الجرحي، وكان ذلك اليوم هو يوم البسالة والشجاعة لرجال الشرطة المصرية، وأروع صورالتكاتف والصمود لأهالي الإسماعيلية، فتقاسموه ليكون عيدا لهما، ولكل المصريين. في تلك المعركة التي أذهلت قوات الإحتلال الإنجليزي وقائدها (اكس هام) الذي اعتقد أن المعركة غاية في البساطة والسهولة وذلك لعدم تلاؤم العدة والعتاد لقوات البوليس المصري مع ما اعتاد القائد اكس من دبابات واسلحة ثقيلة وجيش من المقاتلين المدربين علي الحرب واوزارها، ولكنه فوجئ بما لم يتوقعه من رجال سطروا بأرواحهم ودمائهم أروع صور الوطنية والرجولة بإصرار وعزيمة لاتلين علي عدم تسليمهم لأسلحتهم والخروج كأسري واضعين أيديهم فوق رؤوسهم بحسب ما طلب القائد الإنجليزي حيث خرج اليه القائد المصري البطل الملازم اول مصطفي رفعت موجها انذارا للقائد الإنجليزي بأن يأخذ قواته من محيط المبني وإلا سيبدأ بالضرب لأن تلك أرضي وأنت الذي يجب أن ترحل منها، وتركه وعاد إلي المبني حيث زملاؤة الذين نطقوا بالشهادة في صوت واحد تعبيرا عن التحدي والصمود والاستشهاد من أجل العزة والكرامة وبالفعل استشهد منهم أكثر من ستين شهيدا وأُصيب أكثر من ثمانين بطلا، ولكنهم حققوا ماأرادوا ولم يستسلموا وخرجوا مرفوعي الرأس في نصر وشموخ. هذه هي الشرطة المصرية علي مر تاريخها الوطني تقدم ملاحم من النضال والبطولات والتضحيات، ولم تعبأ بالقيل والقال وتحملت المسئولية الوطنية بحماية وتأمين شعبها، وقدمت ومازالت خدمات جليلة لشعب مصر في مجالات عديدة لايستطيع احد ان ينكرها، وتقدمها لأشقائهم من المصريين بود وإحترام متبادل، ولم تتقاعس يوما عن أداء واجبها الوطني تجاه إخوانهم من أبناء هذا الشعب العظيم. لقد انحازت الشرطة المصرية إلي الإرادة الشعبية الحرة ودافعت وشاركت في ثورة 30 يونيو لأنها لم تكن بعيدة عن نبض الجماهير ومعاناتها، وكانت ترقب كل ما يحاك بمصر وشعبها، حتي انتفضت الجماهير المصرية وإنتفض معها رجال الشرطة ليبهر المصريون العالم ويزلزلوا الأرض في حماية شرطتهم الوطنية وجيشهم الباسل. سيظل رجال الشرطة هم حائط الصد المنيع ضد كل ما يهدد امن المصريين وسلامتهم مهما كانت التحديات، ويشهد التاريخ علي ذلك بما تقدمه في كل يوم وليلة من تضحيات وبطولات في حربها ضد الإرهاب الأسود الذي أتت به الجماعة الإرهابية بفصائلها وجماعتها المنبثقة عنها، ولن يخشي الرجال من أولئك المجرمين، ولن يهدأ لهم بال أو خاطر إلا بالقضاء عليهم جميعا ودحرهم في القبور والجحور التي أتوا منها. إن النجاحات الأمنية التي حققتها الشرطة دفعت ثمنها 420 شهيدا، وأكثر من 1150 مصابا بكافة أنواع الإصابات التي يتخيلها بشر في خلال الثلاث سنوات الماضية، ويُتمت أطفال فقدت الدفء والحنان، وتَرملت زوجات شابة دفنت الحزن والحسرة في قلبها، وانفطرت قلوب أبوين مكلومين فقدوا السند والقوة، ورغم كل ذلك لم ولن يثنيهم أويُخيفهم، وسوف يستمرون في تقديم الغالي والنفيس دفاعا عن كل ما يهدد أمن مصر وشعبها الأبي. لقد اسعدت قوات الشرطة شعبها ووفرت له الحماية والاطمئنان ليحتفل بأعياده ومناسباته الدينية سواء الخاصة بالأخوة الأقباط او المسلمين، وكان عرس الاستفتاء علي الدستور خير شاهد علي قدرة وقوة رجال الشرطة وتفانيهم في تمكين ملايين المصريين من الإدلاء بأصواتهم والتعبير عن إرادتهم في أمن وأمان، وبشهادة عالمية بأداء وحرفية رجال الشرطة المصرية. المجد والشرف لرجال الشرطة الأوفياء في عيدهم الوطني، وقبلة حب وإنحناء علي جبين كل شهيد جاد بروحه ودمه، ودعاء من القلب لكل مصاب دافع عن الوطن من أجل أن يحيا المصريون في أمن وأمان، وكل عام وشرطة مصر بقادتها وضباطها وأفرادها وجنودها بخير.