هل كتب علي الفقير ألا يعيش فقره فقط وإنما تنتابه حالة من القلق دائما في كيفية الحصول علي لقمة عيشه أو دواء يداوي أمراضه أو كسوة يتقي بها برد الشتاء وحر الصيف. منطق الفقير لا يعرف توجهات الشخص الذي يسد حاجة المحتاج والبائس والمسكين وإنما منطقه أن يدعو لكل من أحسن إليه وأن يستمر الأمر علي الدوام. مشكلة الفقر والمرض والجهل تتوغل في بلدنا بشكل مريع لذلك عندما انشئت جمعيات خيرية تحت مسميات دينية مركزها بعض الجوامع المعروفة لتقديم هذا العون المادي والعلاج وتخصيص فصول دراسية مجانية أو بسعر زهيد تعويضا عن فشل التعليم الحكومي وبعدا عن تكاليف الدروس الخصوصية ذات الأسعار الفلكية تمسك الناس بها وارتبطت حياتهم بما تقدمه لهم. هذا الوضع الخيّر الملموس أدي إلي أن تتبرع الناس لهذه الجمعيات بأموال كثيرة ولم يقف الأمر عند الأفراد بل ان هناك تبرعات ضخمة من بعض الشخصيات الثرية في العالم ومن الدول العربية. وفي لحظة تتسم بعدم الفهم أو التسرع، صدر قرار بحل هذه الجمعيات بعد اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية واتسع نطاق القرار ليشمل ليس جمعيات الإخوان فقط بل كل الجمعيات التي تتسم بصبغة دينية وأصبح الشك عنوانا يبعث القلق وعدم الطمأنينة في نفس المواطن البائس في كيف سيحصل علي قوت يقيم به أوده ومن أين سيجد الدواء الذي يعافيه من سقمه والإعانات المادية التي تساعده في تعليم أولاده ومتطلبات الحياة. الحكومة كان عليها أن تحقق عملا ايجابيا بأن تعلن الحقيقة كاملة بأن لديها قرائن علي أن هذه الجمعيات الدينية تقدم دعما لتمويل بعض العمليات الإرهابية من خلال التحويلات التي تصل إليها ولا تذهب للفقراء، وأن تقدم الأدلة التي تؤكد هذا المعني. الحكومة كان عليها أن تعلن الأرقام الفلكية من خلال التبرعات والتحويلات ومن واقع كشوف الحسابات تحدد ما يأخذه الفقراء منها وأين يذهب ما يتبقي منه خاصة أنه بالملايين وربما بالمليارات. الحكومة كان عليها أن تصبغ علي قرارها الذي زرع الخوف لدي الفقير بأنها ستحرمه من كسرة الخبز والدواء والإعانات محل الإحسان معاني تطمئن المواطنين وهم كثر لكثرة أعداد الفقراء والمرضي والمساكين بأن احتياجاتهم الضرورية لن تتوقف وأن الأمر إداري وليس جنائيا يجني علي حياتهم. لقد أحسن بنك الطعام صنعا بأن سارع ليؤكد حقيقة ما يقدمه من خدمات وطعام للفقراء وخطته ليقضي علي الجوع في عام 0202 من واقع حساباته، وأنه لا يساهم في تمويل أية أنشطة من شأنها إرهاب الناس، فلا يمكن أن تكون هناك يد تقدم الطعام باليمين ويد أخري تقتل وتحرق. لاشك أن المواطن يعلم بأن هناك بعض الجمعيات التي تقدم الخير بيد لأغراض تتعلق بالانتخابات لفئة من المجتمع أو جماعة وهذا إلي حد ما أمر موجود في كل دول العالم تحت عنوان استقطاب المواطن لتأييد حزب ما. ولكن أن توجه هذه الجمعيات أموالا أخري من التبرعات والإعانات في عمل الشر والإرهاب فهذه مسئولية الدولة التي غفلت عينها عن ذلك وليس مسئولية المواطن المحتاج لما يقدم له. كان للحكومة أن تحقق ضربة ساحقة بأن تطمئن الناس والمتبرعين بأنه سيتم تغيير مجالس الإدارات وستراقب الحسابات بدقة متناهية حتي تصبح كل الأموال مخصصة لعمل الخير وبالتالي لن يحرم الفقير من الخدمات التي اعتاد الحصول عليها بل قد يحظي بزيادة مالية ورعاية صحية واجتماعية أفضل. لكن للأسف الحكومة صدمت الناس بضربة موجعة علي أوجاعهم، وحتي تراجعها عن فرض الحراسة علي بعض الجمعيات ألقي الشك يرتع في جنبات المحتاجين في أنهم لن يحصلوا علي المعونات من هذه الجمعيات كما كانت وأن الإحسان شابه الإرهاب!