لا شئ في فيلم »زهايمر« سوي أداء عادل إمام »وهو كثير«لأنه أنقذ الفيلم كله من السذاجة وانقذ عادل إمام نفسه من زعامته »المزعومة«! تخلص الفيلم من تلك الصورة الاستعراضية المبالغة والتي أقام فيها عادل إمام لسنوات طويلة.. تخلص من طابور النساء الجميلات اللاتي يقعن واحدة بعد الأخري - لابد - في غرامه طوال أي فيلم..! تخلص من القبلات والصفعات التي فقدت معناها وباتت سمجة من فرط تكرارها في أفلامه.. وتخلص من طبقات المكياج التي حاولت اخفاء السنين فلم تفعل شيئا سوي فضحها..! وتخلص من مبالغات الأداء وحركات الوجه المحفوظة والتي تحولت إلي »كلاشيهات«! تخلص من كل السخافات السابقة، وعاد عادل إمام في »زهايمر« إنسانا عاديا نصدق مشاعره، ونهتز لدموعه.. وجه خال من المكياج والاقنعة، وجه حقيقي يشبهنا.. ويكفي الفيلم مشهد اللقاء بين الصديقين يذهب »عادل إمام« إلي بيت المسنين والعجائز لزيارة صديقه »سعيد صالح«، المصاب بمرض الزهايمر.. لا يتذكره »سعيد صالح« تماما فكل شئ يفر من أمامه، الأشخاص والأيام والاحداث.. نسيه أولاده منذ سنوات وهو لا يريد ان يراهم حتي لا يتذكر انهم ينسونه ولا يزورونه.. وبينما يتبول علي نفسه في صمت.. دون انفعال أو إحساس »يصل فيها سعيد صالح إلي قمة الأداء« يتسرب إلينا الوجع العميق من عيني عادل إمام المحتقنة بالدموع. مشهد ميلودرامي لكنها الميلودراما الراقية المشحونة بالمشاعر والأحاسيس العميقة والصادقة لاشئ في الفيلم بعد ذلك يستحق التوقف عنده.. فالسيناريو الذي كتبه »نادر صلاح الدين« ضعيف وساذج في إطار فكرة قديمة ومكررة حول جحود الأبناء. ويكاد أن ينقسم الفيلم قسمين.. في الجزء الأول يصحو رجل الأعمال محمود »عادل إمام« ليجد نفسه محاطا بأشخاص لا يعرفهم »الممرضة والخادمة والجنايني« والجميع يعامله كمريض بالزهايمر رغم احساسه بأنه شخص عادي غير مصاب بالمرض. هذا التذبذب بين المرض والصحة، وبين التذكر والنسيان، خلق مساحة من التوتر والصراع، وسمح بمشاهد درامية وأبعاد إنسانية للشخصيات كان بالإمكان تطويرها وتعميقها إذا واصل الفيلم فكرته لكن السيناريو ينقلب علي نفسه ويتحول إلي أشياء أخري في النصف الثاني من الفيلم حين يكتشف عادل إمام ان ابناءه »فتحي عبدالوهاب واحمد رزق« يفتعلون حكاية مرضه ،ويشترون كل من حوله من شخصيات للايحاء له بالمرض من أجل الحجر عليه والاستيلاء علي أمواله ، فيقرر مواصلة اللعبة معهم وتلقينهم درسا لا ينسونه.. وهنا يتقافز السيناريو ويرتبك ويتحول إلي فيلم بوليسي ردئ أحيانا.. وإلي فيلم كوميدي أحيانا أخري وعصابة وكوكايين، وأحداث مفتعلة وأحداث غير منطقية، وأفكار ساذجة وكاميرا ساذجة إلي أن يندم الأبناء ويعطيهم والدهم كل ما يريدونه ويعود كل شئ جميلا ومثاليا.. ولا شئ يتبقي من الفيلم سوي التغير الذي أحدثه عادل إمام في أدائه وهو كثير!