دخل يوم الإثنين الماضي التاريخ المصري من أوسع أبوابه .. وكتبت أحداثه بأحرف من النور.. ملحمة مصرية خالدة ففيه بدأت محاكمة عادلة لجماعة إرهابية استطاعت أن تسيطر علي مقاليد الحكم وشئون مصر لعام كامل نجحت بسوء تقديرها للأمور وعدم تفهمها لروح المصريين أن تفسد الهدية التي قدمها لها القدر علي طبق من الذهب بفوز مشكوك فيه لأحد أبنائها ليكون أول رئيس مدني منتخب أفرزته ثورة يناير2011. ولكن لم تقدر الاخوان المتاجرة بالاسلام أن ترتفع الي مستوي الحدث وتصون ما جاد به الله سبحانه وتعالي عليها ولم تحسن القيام بمسئولياتها نحو الشعب المصري الذي انتخب نظامها من أجل أن يتحقق له العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية ..وتلك كانت المطالب الأساسية التي وقف الرئيس المعزول مرسي أمام الجماهير يقسم بالله وبأهله وعشيرته بأنه سيحققها ولكن كان الحنث بوعوده هو السبب الرئيسي في خروج تلك الجماهير للمرة الثانية في 30يونيو2013 لتنادي بالتغيير وتفوض قواتها المسلحة للمساندة والدعم في أحداث خطة مستقبلية تقوم علي إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وانتخاب رئيس جديد قادر علي أن يحكم الشعب بعيدا عن الفصيل الحزبي أو السياسي الذي يأتمر بأوامره ..هكذا شهدت المحكمة الجنائية صباح الإثنين الماضي محاكمة مرسي و14من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية المحظورة لارتكابهم القتل والتحريض علي القتل والتعذيب وحبس المتظاهرين أمام وداخل قصر الإتحادية يوم5ديسمبر الماضي بمعاونة ميلشيات مسلحة من الأخوان وقد شهد الإعلام المحلي والعالمي وقائع الجلسة الأولي لهذه المحاكمة والتي حضرها الرئيس المعزول وكان يرتدي بدلة مدنية رافضا ارتداء ملابس السجن البيضاء مثل بقية المتهمين الست الذين ظلوا في قفص الاتهام طوال الجلسة واقفين بعد أن أعطوا ظهورهم لهيئة المحكمة بأعضائها ومحاميها وهذا المنظر مألوف في جميع محاكمات المتهمين في القضايا الإسلامية بينما أصر مرسي منذ دخل القفص علي أن يصيح بصوت جهوري ذكرنا بعصبيته في خطاباته السابقة: "أنا الرئيس الشرعي أرفض المحاكمة أمام هذه الهيئة" رددها أكثر من 12مرة ..ولعل من المشاهد التاريخية لهذا اليوم هي الخطط الأمنية لنقل الرئيس المعزول ورفاقه للمحاكمة والتي سبق أن أذيع أنها ستتم بمعهد أمناء الشرطة بطرة ولكن فوجئ الجميع بخطة أمنية بديلة تنقل مقر المحاكمة الي أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس وهذا ما أربك حسابات ما يسمي التحالف الشرعي لدعم الشرعية والذين كانوا خططوا ونظموا أن تكون المظاهرات والحشود كلها تتجه الي منطقة سجن طرة ولذا نجد أن اليوم عبر بمصر بسلام وأمان ولعل الخطة الأكثر أمنا في إيداع المعزول سجن برج العرب البعيد عن المناطق السكنية بالاسكندرية بدلا من سجن طرة الذي كان أيضا الإخوان يظنون أنه سيكون محبسهم ..نعم يشهد الجميع لقوات الأمن بأنها كانت علي مستوي المسئولية وأن انقضاء اليوم الأول لمحاكمة القرن الثانية (بعد محاكمة مبارك) سيكون فاتحة خير لإتمام هذه المحاكمة المحجوزة لأطلاع الدفاع علي المستندات ليوم 8يناير..وأيضا يؤكد انحسار مظاهرات الإخوان وقلة حشودهم والتضارب الذي أصيبوا به لعدم وجود قيادات لهم داعمة ومخططة ..إن أيام المحظورة أصبحت في النهايات وإن الدائرة ستدور علي كل من يخطط لاثارة الرعب والدمار والخراب لأرض مصر التي دعا لها الله سبحانه في كتابه الكريم بأن تكون بلد الأمن والأمان ..بقيت نقطة حزينة موجعة وجهها أنصار المعزول خارج أبواب المحكمة عندما اعتدوا بالضرب علي مراسلي الإعلام المحلي وقاموا بتكسير كاميرات التصوير للتليفزيونات المصرية ولم تفلت من أيديهم حتي الصحفيات والمذيعات بل قاموا أيضا بتكسير وتحطيم سيارات البث التليفزيوني وأيضا سيارات الصحفيين والإعلاميين بينما كان التكالب منهم علي الحديث مع المراسلين العرب والأجانب الذين ينقلون عنهم المغالطات والأحاديث الباطلة عن مصر التي نسوا أنهم تربوا فوق أرضها.