إلي الذين ملأوا الدنيا صراخا وكذبا وتضليلا علي فض اعتصام رابعة العدوية أسوق تلك القصة التي وقعت أحداثها في عهد النبي صلي الله عليه وسلم وحفظتها كتب التفسير وانزل الله فيها قرآنا يتلي،علهم يفيقون ويتعلمون ويعودون الي رشدهم. تقول القصة إنه كان بالمدينة قبل مقدم رسول الله صلي الله عليه وسلم إليها رجل من الخزرج يقال له أبو عامر الراهب وكان له شرف في الخزرج كبير فلما قدم الرسول مهاجرا إلي المدينة واجتمع عليه المسلمون خرج أبوعامر فارا إلي كفار مكة يحرضهم علي حرب رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان الرسول قد دعاه إلي الله قبل فراره وقرأ عليه من القرآن فأبي أن يسلم وتمرد ، فدعا عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يموت بعيدا طريدا فنالته هذه الدعوة ; وذلك أنه ذهب إلي هرقل ملك الروم يستنصره علي النبي صلي الله عليه وسلم فوعده ومناه وأقام عنده وكتب إلي جماعة من قومه من الأنصار من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم بجيش من الروم يقاتل به رسول الله صلي الله عليه وسلم ويغلبه ويرده عما هو فيه ، وأمرهم أن يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده لأداء كتبه ويكون مرصدا له إذا قدم عليهم بعد ذلك ، فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء فبنوه وأحكموه وفرغوا منه قبل خروج رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي غزوة تبوك وجاءوا فسألوا الرسول أن يأتي إليهم فيصلي في مسجدهم ليحتجوا بصلاته فيه علي تقريره وإثباته وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة في الليلة الشاتية فعصمه الله من الصلاة فيه فقال " إنا علي سفر ولكن إذا رجعنا إن شاء الله " فلما قفل عليه السلام راجعا إلي المدينة من تبوك ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعض اليوم نزل عليه جبريل بخبر مسجد الضرار وما اعتمده بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم. فبعث رسول الله عاصم بن عم مالك بن الدخشم ومعن بن عدي أو أخاه عامر بن عدي فقال " انطلقا إلي هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه واحرقاه " فخرجا سريعين حتي أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم . فقال مالك لمعن أنظرني حتي أخرج إليك بنار من أهلي فدخل علي أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتي دخلا المسجد وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرق من كان فيه عنه ونزل فيهم من القرآن قوله تعالي(والَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَي وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُون) سورة التوبة .