د. احمد فهمى - محمد ممتاز - احمد سليمان دخلت أزمة السلطة القضائية ومجلس الشوري في نفق منذ قرار الشوري بمناقشة تعديلات قانون السلطة القضائية، وهي التعديلات التي تنص علي مذبحة القضاة والتخلص من 3500 قاض بتخفيض سن المعاش من 70 إلي 60 عاما، وهي المذبحة التي رفضها المستشار أحمد مكي وزير العدل السابق واستقال بسببها. الأزمة تصاعدت ليقرر مجلس القضاء الأعلي برئاسة المستشار محمد ممتاز متولي رئيس محكمة النقض بعد موافقة رؤساء المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة علي تعليق أعمال مؤتمر العدالة ومنذ لحظتها يبذل الرئيس د.محمد مرسي جهوده لاحتواء الأزمة بصفة حكما بين السلطات، وبالتأكيد علي الالتزام لوعده للقضاة بأن قوانينهم سيضعونها وحدهم في مؤتمر العدالة وانه ملتزم بتسليمها إلي مجلس التشريعي لاقرارها.. وكان هذا الاتفاق بين الرئاسة ومجلس القضاء الأعلي ورؤساء الهيئات القضائية قد أدي لتهدئة الأزمة تماما لكنها طفت علي السطح من جديد بعد قرار الشوري الأخير بمناقشة مشروع القانون. عدد كبير من المراقبين اكدوا ان قرار الشوري احراج لرئيس الجمهورية وإخلال باتفاقه مع القضاة.. فإذا كان الشوري يمتلك حق التشريع مؤقتا، إلا أنه لم يكن هناك داع لتصدير الأزمة للرئاسة والقضاة.. خاصة أن ذلك دفع نادي القضاة لعقد مؤتمر عالمي اليوم للدفاع عن استقلال القضاء وبحضور رئيس الاتحاد العالمي للقضاة والذي مصر عضو به. الأيام الخمسة الحالية حتي يوم 25 مايو موعد مناقشة الشوري لتعديلات قانون السلطة القضائية تبدو حاسما في الأزمة.. وزير العدل المستشار أحمد سليمان أكد انه لا يملك قانونا دستوريا لاصدار أي قانون للسلطة القضائية دون موافقة القضاة.. فعرض القانون علي القضاة ليس مجرد أمر شكلي ولكن موافقتهم ضرورية لضمان الفصل بين السلطات وهو ما تكشف عنه الاعمال التحضيرية للجمعية التأسيسية للدستور.. ورئيس مجلس الشوري د.أحمد فهمي أكد ان ما حدث بالشوري هو مناقشة شكلية لمقترحات.. وانه اذا وافق مجلس الشوري علي تحويل المقترح لمشروع قانون فيحال للهيئات القضائية لاعلان رأيها فيه. القضاة يرون ان الرئاسة اخلت بالاتفاق معهم وانه تم استدراجهم لمؤتمر العدالة بينما مجلس الشوري يصر علي مناقشة قوانين أخري.. ويصرون علي تجميد مشروعات الشوري كشرط لعودة المؤتمر ومشاركتهم به، وهو ما اعلنته كل أندية الهيئات القضائية، كما يصر نادي القضاة علي عدم مشاركة النائب العام في المؤتمر مع صدور حكم بعدم شرعية تعيينه في منصبه. وبرغم تأكيدات مجلس القضاء الأعلي علي توقف الاتصالات وان الامر وصل لطريق مسدود في انتظار ما سيفعله مجلس الشوري.. فإن مصادر رسمية اكدت »للاخبار« ان الرئاسة فتحت قنوات اتصال مع مجلس الشوري ومجلس القضاء الاعلي ورؤساء الهيئات القضائية للوصول إلي حل يحقق الفصل بين السلطات، ويضمن تجميد القوانين الحالية بمجلس الشوري.. وذلك بأن يرسلها الشوري لوزارة العدل والهيئات القضائية ويتوقف تماما من مناقشتها، علي أن يستأنف مؤتمر العدالة اعماله ويفتتحه الرئيس بحضور رئيس مجلس الشوري وتم التأكيد علي ذلك في الجلسة الافتتاحية.. علي أن تكون مشروعات قوانين الشوري من بين المقترحات التي سيناقشها القضاة في مؤتمر العدالة.. هذه الحلول تبدو مقبولة لدي العقلاء.. بينما يصر البعض علي تصعيد الأزمة فالأحزاب التي تقدمت بالمقترحات للشوري، وعلي رأسها الحرية والعدالة الوسط تريد هزيمة القضاء بالضربة القاضية، واصدار القوانين التي تحكم عمل القضاء وأندية القضاة تصر علي عدم مناقشة مجلس الشوري لقوانين السلطة القضائية وان يتم اعدادها بمؤتمر العدالة بشرط عرضها علي مجلس النواب القادم. فقهاء الدستور اكدوا ان قانون مذبحة القضاء لن يري النور وحتي اذا صدر من الشوري فسيتم الغاؤه في أول دعوي قضائية لمخالفته للدستور والقانون.. وهو ما ينزع ثوب المجلة عن اصدار القانون.. ويؤكد علي ضرورة تعاون سلطات الدولة بما يحفظ لكل سلطة، استقلالها، فإذا كان مجلس الشوري له حق التشريع فإن اصرار المجلس علي تشريع يسيطر به علي القضاء ينهي تماما مبدأ الفصل بين السلطات لتكون العدالة وحدها هي ضحية الصراع. الرئاسة لا تتحدث كثيرا عن الأزمة وتكتفي التأكيد علي حرصها علي عقد ونجاح مؤتمر العدالة.. فهل تنجح في ذلك خلال الأيام الخمسة الحاسمة ليتم منح قبلة الحياة لمؤتمر العدالة، أم أن الصدام سيحسم الموقف في النهاية لصالح حرب سيخسر فيها من اثارها وصمم عليها وسيخرج منها القضاء اكثر وحدة واستقلالا وصلابة.. هذا ما ستكشف عنه الساعات القادمة.