د. فاروق الباز قرأت بكل اعتزاز وتقدير تأملات فضيلة الدكتور احمد الطيب شيخ الازهر في التعايش السلمي بالمقال الذي نشر في اخبار اليوم بتاريخ السبت 13 أبريل 2013 اتصفت هذه التأملات بأنها كاملة شاملة حرة طليقة يفهمها كل مواطن ومواطنة وعسي ان يقرأها كل مصري ومصرية لما فيها من حجة رزينة واضاءات باهرة قد اعادت هذه التأملات الي ذاكرتي ايام الشباب وكيف كانت علاقات بعضنا بالبعض في المدارس المصرية منذ اكثر من نصف قرن لم يكن اي منا تحفظ علي مراسم اديان زملائنا في الدراسة. كان والدي رحمه الله استاذا لمجموعة من اقدر علماء الدين ومنهم المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله ثم تدرج الوالد في ادارة الازهر حتي اصبح رئيسا للبعوث الاسلامية بالأزهر الشريف مع كل ذلك لم يمنعنا الوالد ابدا عن تحية وزيارة زملاءنا بالمدارس الثانوية احتفالا بأعيادهم، كما كانوا يحتفلون معنا بأعيادهم هكذا كان الانتماء اولا واخيرا لمصر وكان اعلي من اي انتماء آخر. استمر ذلك اثناء دراستي بالجامعة حيث لم يكن هناك فرق بين مسلم ومسيحي في تعاملنا مع الآخر اوتعاملنا مع أساتذتنا ممثلا ذلك علي الدكتور محمد كمال العقاد المسلم والدكتور مراد ابراهيم يوسف المسيحي. كنا لانتحيز لأي منهما في المساعدة للعلم ولم يفرق اي واحد منهما بين مسلم ومسيحي علي الانطلاق. اما في داخل المجموعات الطلابية فكنا معا نتعامل بحب واحترام وندعم بعضنا البعض.كان من اعضاء الشلة عبد العزيز عبد القادر وصلاح الفلاح وكان ايضا سينوت حبيب وعزيز تكلا والاخير بالذات كان دائم الاستذكار معي في منزلنا بحمامات القبة والمبيت معي عندما يتأخر لبعد منزله عن محل اقامته في شبرا لأن شهر رمضان المبارك جاء في الصيف اثناء دراستنا بالجامعة. يصر عزيز ان يصوم معنا، اذكر ان والدتي رحمها الله كانت تناديني لإطعامه شيئا ولكني أقول لها أنه لن يرضي فهوصائم معنا. في نفس الوقت كنا نذهب مع عزيز للاحتفال بأعياد الأقباط وللعلم فالكثير منها جاء امتدادا للشعائر الدينية للمصريين القدماء. ان التدين والأعياد جزء لا يتجزأ من حضارة مصر، مثلا كان عزيز يهتم بحضور احتفال في بلدة ميت دمسيس وكنا نسافر معه ونشاركه الاحتفال. أسرد هذه التفاصيل للتأكيد ان الفتنة الطائفية والعراك بين المسلم والمسيحي في مصر امر دخيل علينا ولا صلة له بالشخصية المصرية المتفتحة ولا بأصالة مصر وعراقة شعبها. هذا العراك يصب فقط في بلبلة الفكر وضياع طاقة الناس فيما لا يجدي ولا ينفع احدا بل يضر بالوطن وسمعته ومسيرته الحضارية واخيرا احيي شباب الثورة رجالا ونساء لكل ما صدر عنهم منذ البداية من وحدة وطنية. نقدر دعم كل منهم للآخر فقد رفعوا شعارات الهلال مع الصليب اوالجامع مع الكنيسة وعسي ان يتعظ الناس بفكر هؤلاء الشباب لانهم منبع الاصلاح المتبقي ومصدر ارتقاء الوطن.