التقديم يبدأ اليوم.. شروط وضوابط القبول في كلية الشرطة 2025–2026    مصدر يكشف ل"مصراوي" موعد تنسيق المرحلة الأولى لطلاب الثانوية    بحد أدنى 85%.. شروط ورابط تنسيق القبول بمعهد الكوزن المصري الياباني    شعبة الذهب: 194% قفزة في صادرات القطاع لتسجل 3.9 مليار دولار بالنصف الأول من 2025    انخفاض سعر الريال السعودي مقابل الجنيه في 5 بنوك خلال تعاملات اليوم    الخطيب يطمئن على حسن شحاتة في لفتة إنسانية راقية    لحقت بأخواتها.. وفاة فرحة الطفلة السادسة من أسرة واقعة دلجا في المنيا    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل 3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: يجب على كل مسلم تعلم القدر الضروري من الأحكام لضمان صحة عباداته    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    للأطباء.. تفاصيل برنامج الزمالة المصرية بمعهد تيودور بلهارس    وزير قطاع الأعمال يبحث فرص تعزيز التعاون الصناعي والاستثماري بين مصر والهند    وزير البترول يبحث خطط بريتش بتروليوم لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي في مصر    التقنيات المتقدمة نحو اقتصاد عالمي ب16.4 تريليون دولار بحلول 2033.. مركز معلومات الوزراء يرصد طفرة الذكاء الاصطناعي عالميًا    وزيرة التنمية المحلية: 557 مليون جنيه استثمارات تطوير منظومة إدارة المخلفات في البحيرة والمنيا    نتنياهو: ليست هناك فرصة للسلام مع النظام الحالي في إيران    وزير الخارجية يسلم رئيس نيجيريا رسالة خطية من السيسي حول دعم الاستقرار الأفريقي    وفاة طفلين بسبب سوء التغذية والمجاعة في شمال وجنوب غزة    «البحوث الإسلامية» يطلق حملة دولية لمواجهة سياسة التجويع الصهيونية ضد أهالي غزة (تفاصيل)    «أونروا»: سكان غزة يصابون بالإغماء من شدة الجوع    وزير الزراعة يهنئ السيسي بذكرى ثورة يوليو    مدافع الأهلي: الموسم المقبل سيكون صعبًا ولدينا الطموح لتحقيق البطولات    موعد مباراة الاتحاد السعودي وفنربخشة التركي الودية والقناة الناقلة    تقارير: مصطفى محمد على رادار نيس الفرنسي    مؤتمر جماهيري ل«مستقبل وطن» بالشرقية لدعم مرشحي انتخابات الشيوخ    خلال ساعات.. نتيجة الثانوية العامة 2025 من موقع وزارة التعليم (الرابط الرسمي فور ظهورها)    ضبط 121.8 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو «بلطجة بالمنوفية».. وتضبط المتهم والسلاح    ضبط أحد الأشخاص لإدارته كيانا تعليميا "دون ترخيص" بالجيزة    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    محمد أوتاكا: مفيش عمل مضمونه النجاح.. وفيلم "فار ب7 أرواح" نصيبه كده |خاص    تفاصيل تجربة الكاتب يوسف معاطي مع الزعيم عادل إمام في الدراما    صيف الأوبرا 2025 يجدد شباب الموسيقي العربية على المكشوف    اليوم.. عرض «اليد السوداء» بالسامر في انطلاق عروض قصور الثقافة بالمهرجان القومي للمسرح    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات معهد فني صحي 2024 بالدرجات    الجامعة الألمانية توقع اتفاقية مع Ghorfa لدعم التعليم والتدريب عبر الحدود    أسعار الذهب تتراجع وسط ترقب المستثمرين لأي تقدم في المحادثات التجارية    «بلح البحر ب300 جنيه».. أسعار السمك والمأكولات البحرية بأسواق الإسكندرية اليوم 22 يوليو 2025    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 8 ملايين و979 ألف خدمة طبية مجانية خلال 6 أيام    بالفيديو.. تفاصيل مبادرة "رعايتك في بيتك" لتغطية منتفعي منظومة التأمين الصحي الشامل    عراقجي: غير مستعدين للمفاوضات المباشرة مع واشنطن حاليا    راتب ضخم وقيمة انتقال باهظة.. الأهلي يستبعد ساليتش من المرشحين لخلافة وسام أبو علي    دموع الفراق وفرحة العودة، شاهد ماذا فعل السودانيون بعد وصولهم أسوان قبل العودة لبلادهم (فيديو وصور)    «هل انتهت القصة؟».. جون إدوارد يرفض كل سُبل الاتصال مع نجم الزمالك (تفاصيل)    رانيا محمود ياسين غاضبة: «منفعلتش على أمي.. كنت بدور عليها ومش لاقياها»    البيت الأبيض: ترامب يسعى إلى حل دبلوماسي لصراعات الشرق الأوسط    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    «انهيار لغوي».. محمد سعيد محفوظ يرصد أخطاء بالجملة في بيان نقابة الموسيقيين ضد راغب علامة    لاعب مفاجأة يخطف أنظار ريبيرو في معسكر الأهلي بتونس (تفاصيل)    طريقة عمل الأرز البسمتي، في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهز    كيروش تولى قيادة منتخب عربي    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    الداخلية تكشف ملابسات فيديو التعدي على سيدة والاستيلاء على أرضها بالبحيرة    مؤشرات تنسيق كلية التربية 2025 في جميع المحافظات (علمي وأدبي)    بمشاركة مروان موسى وعفروتو.. أحمد سعد يكشف عن بوسترات «حبيبي ياه ياه»    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض الهند وقبة حرارية في القاهرة والمحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفگر والأديب الگبير د. يوسف زيدان
ثورة 52 يناير عبقرية في التلقائية والاستمرارية التغيير يبدأ من المجتمع بحركة واعية تهدف إلي إصلاح حقيقي أحداث الخصوص والگاتدرائية قصة مگررة.. والأمن مسئولية الشرطة
نشر في الأخبار يوم 15 - 04 - 2013

هناك رموز فكرية من خيرة ما أنجبت مصر أضافوا للعلم والأدب وأسهموا في إثراء المكتبة العربية بالكتب والروايات والدراسات الجادة فحصدوا جوائز عالمية واستحقوا ما نالوه من شهرة واحترام.. من هؤلاء الرموز د. يوسف زيدان المفكر الكبير المتخصص في التراث العربي والفلسفة الاسلامية الذي أفني عمره في جمع المخطوطات النادرة المهملة من عدة محافظات وأعاد تحقيقها وترميمها وحفظها، وله أبحاث مهمة في الفكر الاسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي، أما اسهاماته الروائية فأهمها رواية (عزازيل) التي نال عنها جائزة البوكر العالمية عام 2009 وطبع منها 27 طبعة، وروايات ظل الأفعي ،كلمات، التقاط الألماس من كلام الناس، محال.
حققت رواياته أعلي مبيعات وصدرت منها أعداد غير مسبوقة من الطبعات وترجمت لعشرين لغة اجنبية.. خاض العديد من المعارك الفكرية التي لم يسع اليها لكنها أخذت الكثير من وقته وطاقته.. كان من أعمدة مكتبة الأسكندرية منذ نشأتها.. وأنشأ مركز المخطوطات ومتحف المخطوطات وظل يرأسهما حتي اختلف مع د. اسماعيل سراج الدين مدير المكتبة وقدم استقالته وتفرغ لمؤلفاته وابحاثه.. أثناء اعدادي للحوار مع د. زيدان صاحب الشخصية الموسوعية كنت كلما طرقت بابا من أبواب إبداعه اكتشفت أبوابا أخري أكثر رقيا لكن دماثة خلقه وعلمه الغزير جعلت محاورته إبحارا في عوالم واسعة مثل بحر الأسكندرية وطنه الذي لا يطيق فراقه
ومن خلال دراسته المتعمقة للفلسفة الاسلامية والقبطية علي حد سواء كان الأقدر علي تحليل الأحداث الطائفية الأخيرة.. ولهذا بدأت حواري معه عن أحداث العنف الأخيرة أمام الكاتدرائية وفاجأتني اجابته :
ليس فيها جديد، هذا ما عهدناه منذ سنوات قليلة ويسير الأمر دائما علي المنوال ذاته.. عندما تكون السلطة الحاكمة في مأزق تحدث مشكلة لا معني لها وسرعان ما تتفاقم وتتباطأ الشرطة في حسم الأمر فيلتهب الشارع وينشغل الاعلام .. ثم تأتي تصريحات المسئولين بأنهم لا يرضون عن ذلك .. فالحال هو وأنا دائما كنت أقول ولا زلت اؤكد أن الفتنة الطائفية صناعة حكومية، رأيت ذلك مرارا وتكرارا ولمسته أيام مشكلة رواية (عزازيل) وكيف كان يتم تسخين الواقع ولا توجد ثمة قضية أصلا، ولكن مصالح أصحاب المصالح تقتضي أن تحدث دائما هذه القلاقل اليومية ويموت بعض الأشخاص من هؤلاء المحكومين.. بدليل أن الحادثة الأخيرة قامت لأسباب تافهة، فما الاسباب التي أدت لتفجير كنيسة القديسين بالاسكندرية قبيل اندلاع الثورة المصرية؟.. وما معني الحشد الضخم دفاعا عن الأخت كاميليا بينما المسلمات حالهن لا يرضي الله ولا رسوله (ص) ولا أي انسان.. هذه كلها ألاعيب وتسير علي النمط الذي ذكرته الآن ..هي حادثة تفصيلية قد تقع في أي مكان ويتركها المسئولون لتتفاقم فتشغل النظام الي حين وبعد حين سينشغل الرأي العام بأشياء أخري وبالتالي فلا أري أي جديد في فصول المأساة في ايامنا القليلة الماضية بصدد أحداث الخصوص والعباسية.
ولكن ربما لدينا بذور مهيأة للاشتعال إذا جاء من يعرف كيف يعزف علي الوتر الضعيف الذي يدفع المسلمين والمسيحيين للتشاجر الي درجة سقوط مصابين وقتلي من الطرفين؟
إذا طرحنا الأمر من هذه الزاوية فسوف نظل نختلف في الآراء ونقترب ونبتعد من الحقيقة ولا نصل الي شيء ..الذي أعرفه أن الأمن الاجتماعي هو مسئولية الشرطة فإذا لم تستطع أن تقيم الامن في أنحاء البلاد فلترحل وتترك غيرها يؤدي هذه المهمة.. ٍٍٍودعينا من هذه التفاصيل الفرعية فالذي لا يستطيع أن يحكم القبضة الأمنية فلا معني لسلطته، هذا الأسلوب استخدمه نظام مبارك وفي اعتقادي أنها كانت أزمات مصنوعة لكنها كانت مقدمة لانهيار سلطة مبارك ومن حوله،الآن تتكرر اللعبة ذاتها مرة أخري ولكن علي كل المستويات.. مستوي الخلافات العقائدية بين المسلمين والمسيحيين، ومستوي اللعب بالمذاهب السنية والشيعية بالاقتراب من ايران، ومستوي الكنيسة الارثوذكية والريفيين.. فلم يتغير شيء.
لقد أشرت الي الأزمة التي حدثت وقت صدور رواية (عزازيل) وهاجمك بعض رجال الكنيسة حتي أن بعضهم أقام دعاوي قضائية ضدك؟
كان رد الفعل ضدي موجها بدليل أن نفس الرواية عندما ترجمت الي الايطالية وأصبحت واحدة من أعلي الكتب توزيعا في ايطاليا قال بابا الفاتيكان السابق عندما سئل عن الرواية بعد أن أحدثت هذا الصدي الكبير في ايطاليا انه لم يقرأ الرواية ولكنه طلب من مستشاريه أن يعدوا له تقريرا عنها وقال إن الرواية في صف المسيحية لأنها تدعو الي المحبة وتنبذ العنف وهناك كنائس كثيرة لم تعترض علي الرواية وعندي الكثير من القراء المسيحيين ومع ذلك كان هناك مجموعة أفراد مدعومين علي نحو ما دعما سلطويا ويلعبون مع الحكومة التي كانت موجودة انذاك لعبا سريا فكانوا يثيرون هذه الأزمة بلا طائل لإحداث هذا الصخب وتوزيع المصالح علي نحو معين، أما الرواية ذاتها فمن غير المعقول أن ترجمتها لعشرين لغة لم تحدث أزمة في أي دولة أخري وظل الأقباط يقرأون الرواية ويعجبون بها ويكتبون عنها ويتضامنون معي ضد قساوستهم الخمسة الذين أثاروا مشكلة بلا معني.
ولكن القضايا التي رفعت ضدك في وقتها بسبب رواية عزازيل.. ما مصيرها؟
من حوالي 15 سنة تلاحقني القضايا دائما مرة في مطلع عام 2000 بدعوي ازدراء التراث الاسلامي وذهبت القضية للمحكمة وظلت بها سنوات ثم صدر الحكم بأنه لا توجد جريمة أصلا ثم بدأت قضايا الكنيسة التي انتهت الي لا شيء.
اللاهوت العربي
وماذا عن أزمة كتاب اللاهوت العربي ؟
الآن يفتعلون أزمة كتاب اللاهوت العربي.. هي لعبة سخيفة وكلما تنتهي حلقة تبدأ أخري، والغرض منها إشغالي ككاتب وإشغال الناس بأشياء طنانة ورنانة ولكن لا معني لها.. حتي في هذه القضية الأخيرة..كتاب في الفلسفة يصبح متهما بازدراء الأديان وإحداث فتنة والترويج لافكار متطرفة وهذا عكس ما يقوله كتاب اللاهوت العربي وأصول العنف الديني ويبحث في كيفية القضاء علي ظاهرة العنف باسم الدين بأقل الخسائر الممكنة.
والغريب أيضا أن البلاغ المقدم ضدك من مجمع البحوث الإسلامية بعد صدور الكتاب بسنوات؟
قبل التحريك المفاجيء لهذه الدعوي في توقيت لا معني له -فيما أري- كانت الطبعات حتي الثامنة من الكتاب قد نفذت خلال ثلاث سنوات وهي طبعات كبيرة وهذا الكتاب كان عام 2010 هو أكثر الكتب العربية توزيعا في الوطن العربي وبالتالي الكتاب تمت قراءته والكتابة عنه وامتدحه اسلاميون معروفون باتجاههم الاسلامي مثل الدكتور محمد سليم العوا والدكتور عبد المعطي بيومي الذي كان عضوا في مجمع البحوث الاسلامية والدكتور رضوان السيد المستشار الديني للرئيس اللبناني.. وهؤلاء متخصصون في العلوم الاسلامية ولم يجدوا في الكتاب شيئا ناهيك عن النقاد والقراء الذين كتبوا عنه ولذلك بمجرد ما بدأت التحقيقات إذا ببيانات التضامن تتوالي من اتحاد الكتاب المصريين واتحاد الكتاب السوريين واتحاد المحامين العرب وجمعيات حقوق الانسان واتحاد القلم الدولي في ايطاليا.
صرحت في احد البرامج التليفزيونية ان المادة »77« من قانون العقوبات التي استخدمها بلاغ مجمع البحوث الاسلامية يمكن أن تؤدي بك للمشنقة؟
قبل التحقيق بأيام صدر حكم في تهمة ازدراء الاديان علي 5 أشخاص ممن نسب اليهم عمل الفيلم المسيء للرسول وصدر الحكم غيابيا،والتقرير المقدم ضدي ظل يلف ويدور حول تأكيد فكرة تاريخية النص لأنها هي التي عوقب بها الدكتور نصر حامد ابو زيد مع أن الكتاب لم ترد فيه عبارة تاريخية النص علي الإطلاق وهذه المادة مطاطة في القانون يمكن تطبيقها علي أي مادة منشورة لأنها تهمة غير محددة مثل مادة قلب نظام الحكم .
هل اهتمت الاوساط الادبية في الخارج بكتاب اللاهوت العربي بنفس قدر اهتمامها برواية عزازيل ؟
عندما أكتب في تخصصي وهو الفلسفة الاسلامية كتابة تهتم بها المجامع العلمية في أوربا وتناقش وتصدر كتبا عن كتاباتي وفي نهاية العام الماضي صدر بالفرنسية عن اللاهوت العربي رؤية مختلفة لتطور الديانات ، هناك اهتمام دولي بما أكتب أما هنا فهناك تنغيص يومي وملاحقة بلا معني وتضييق علي أملا في الكف عن الكتابة او الانحياز الي سلطة حاكمة وانا لن اكف عن الكتابة ولن أنحازالي سلطة حاكمة.
قضية د. نصر أبو زيد
ذكرت تحديدا قضية الدكتور نصر حامد أبو زيد هل تري تشابها بينكما في المعارك التي اصطنعت ضد كل منكما؟
بالضبط بعد قضية الدكتور نصر ظل الفكر المصري قرابة 10 سنوات لا ينطق بأي شيء نتيجة للتخويف من المصير الذي انتهي اليه الدكتور نصر بعد هذه الفوضي التي لا معني لها وأنا عرفت الدكتور نصر بشكل شخصي ولم يكن أبدا ضد الدين الاسلامي بالعكس كان يسمي من صغره بالشيخ نصر لأنه كان يحفظ القرآن، وعندما دفع دفعا لمغادرة مصر واقام في هولندا وعمل استاذا جامعيا وانجز في موسوعة علوم القرآن التي صدرت قبل وفاته الغامضة بقليل..إذن فهو لم يكف عن العمل ولكننا حرمنا من هذا النوع من الفكر ولذلك قبل وفاته بعامين أو ثلاثة حرصت علي أن أعيده الي مصر وأن أشركه في الأنشطة التي تعقد في مركز المخطوطات بالاسكندرية.
أليس غريبا أن يهاجمك فريق من رجال الدين الاسلامي وفريق من رجال الدين المسيحي أيضا؟
وقبل هؤلاء هناك الذين زعموا أنني اعتدي علي التراث الاسلامي واستمرت القضية 4 سنوات في نيابة أمن الدولة أيضا مع أنني انا الذي أعمل في التراث وليسوا هم.. فأقوم بالبحث والتدقيق والدراسة ثم يأتي شخص ويقدم شكوي فأظل في جلسات المحاكم مترددا بين المحامين لعدة سنوات ثم ينتهي الأمر الي لا شيء ولا نستطيع أن نلاحق أحدا ممن حرك الدعوي.. أنا أكتب لقاريء موجود الآن وقاريء سيأتي بعد حين ويهمه أن يفكر وأنا أساعده وأحرضه علي التفكير وأشجعه علي طرح الأسئلة هذا هو دوري.
عشق المخطوطات
من خلال عملك لسنوات طويلة في مكتبة الاسكندرية وهي صرح حضاري وثقافي عالمي وتأسيسك لمركز المخطوطات لتدقيقها وترميمها وكونت كوادر من الباحثين الشبان في هذا المجال وانشأت أيضا متحفا للمخطوطات بالمكتبة وقلت إن (فهرسة المخطوطات من أشق العمليات التراثية وأقلها مجدا).. ما سر اهتمامك بالمخطوطات ؟
أولا عملي بمكتبة الاسكندرية لم يقتصر علي مركز المخطوطات ومتحف المخطوطات ، فقد بدأت العمل بالمكتبة منذ عام 1994 ويوم افتتاح المكتبة كنت مسئولا عن معظم الاعمال بالمكتبة مثل المعارض والكتب النادرة هذا كله ظل العمل سائرا فيه لمدة 17 عاما ثم انتهي الي لا شيء..نهاية رخيصة لقصة مجيدة .
لماذا استقلت من مكتبة الاسكندرية رغم أنك من مؤسسيها ؟
بسبب الترهل في اتخاذ القرار أجد معني لبقائي بالمكتبة بينما مديرها يحاكم ويديرها في نفس الوقت،وهذا شيء غريب عن سحب كل اختصاصاتي فأعلنت استقالتي لأني لن أستطيع أن أعمل في مكان بنيته بكد وتعب السنين وأراه كل يوم ينهار.
نعود الي سر اهتمامك بالمخطوطات؟
عملي في المخطوطات بدأ قبل مكتبة الاسكندرية بسنوات لأنني وجدت أن المطبوع من تراثنا لا يزيد علي 5٪ الي 7٪من مجموع هذا التراث وبالتالي فالغالبية العظمي من تراثنا لا يزال مخطوطا،والأدهي من ذلك أنه مخطوط وغير مفهرس.
وهل بقي شيء من المخطوطات والتراث الذي وثقته وفهرسته ؟
للأسف ضاع ، الكتب موجودة ولكن قواعد البيانات ضاعت ثم ركزت خبرتي في مكتبة الاسكندرية وظللت هذه السنوات الطويلة أبذل هذا الجهد الذي شهد به العالم كله وانتهي الي هذه النهاية الرخيصة التي لا معني لها.
عالم الرواية
رغم أن تخصصك الأساسي هو الفلسفة إلا أنك دخلت عالم الرواية مؤخرا.. وحققت رواياتك أعلي معدلات التوزيع وصدرت في طبعات عديدة ونالت جوائز عالمية ماذا أضاف لك عالم الرواية؟
لا لم أدخل عالم الرواية مؤخرا ،ففي رسالتي الماجستير ثم الدكتوراه كنت أدرس الشعر الصوفي وهو قريب من الأدب ورغم ذلك كتبت في النقد الأدبي وفي النثر والشعر الصوفي ثم أصدرت منذ عدة سنوات روايتي الأولي ظل الأفعي ولكن الناس كانوا يعرفوني كباحث في التراث فكان لي كتب منشورة مثلا في عام 1995 صدر لي كتاب التقاء البحرين وهو نصوص نقدية في النقد الأدبي ولكن النجاح اللافت للنظر خلال عامين متتالين لروايتي ظل الأفعي وعزازيل جعل الكثيرين يتصورن أنني تحولت من العمل التراثي الي الرواية وهذا غير صحيح.
كم طبعة صدرت من عزازيل؟
حتي الآن 27 طبعة وهذا لم يحدث من قبل في العالم العربي ولكن في قمة نجاح الرواية كنت اكتب اللاهوت العربي وهو كتاب في الفلسفة ثم كتبت النبطي وهو رواية وبعدها محال ثم الكتابين اللذين صدرا مؤخرا( دوامات التدين) و(متاهات الوهم) وبعد اسبوعين يصدر (فقه الثورة) وهذه كتب فكرية فلسفية بعدهم تأتي رواية جوانتامو..إذن التأليف عندي لا يقتصر علي شكل دون آخر ولكن الموضوع يفرض الإطار الذي يقدم به.
في أحد لقاءاتك التليفزيونية تحدثت عن نشأة المسيحية وتفاصيل دقيقة عن تطورها وانواع اتباعها.. هذه الثقافة الغزيرة عن المسيحية كيف تتسق مع تخصصك في الفلسفة الاسلامية؟
مجال تخصصي هو الفلسفة الاسلامية وتاريخ العلوم، ولكن في لحظة ما اكتشفت أنني بدون الرجوع الي التراث السابق علي الاسلام لن أفهم التراث الاسلامي أنا أو أي باحث آخر فلا نستطيع أن ندرك دلالة الأفكار وحركتها في الفترة الاسلامية المبكرة إلا بالرجوع الي ما سبقها لأن ذلك ببساطة شديدة مرتبط بما قبله فلم تطفر الظاهرة الاسلامية من فراغ.. بل كانت مرتبطة باشياء كثيرة قبلها وأثرت في أشياء كثيرة بعدها فلا نستطيع أن نعزل الفلسفة الاسلامية عما سبقها وعما تلاها.
المشهد السياسي
كيف تري المشهد السياسي الحالي بكل تعقيداته؟
أراه منطقيا وعاديا فمن الطبيعي بعد هزة شديدة كتلك التي ظهرت في 25 يناير 2011 ان نظل لعدة سنوات تالية في حالة الارتباك هذه، الثورة لا تزال جارية لكن العجيب أننا نتحدث عنها باعتبارها ماضي وهي تحدث أمامنا كل يوم .
كيف.. وما المظاهر التي تدل علي استمرار الثورة ؟
الثورة أساسا هي غضب يعتمل في النفوس ثم يستعلن بشكل ما قد يكون هذا الشكل هو الخروج الي الميادين أو في العصيان المدني مثلما حدث في بور سعيد وقد يحدث في اماكن اخري وقد يكون هذا الشكل في الاعتصامات الدائمة وفي الحوادث الصدامية اليومية..كل هذا يحدث الآن لكن بعض الناس تصر علي أن الثورة انتهت، وبالتالي لا ينظرون الي صفحات الجرائد ونشرات التليفزيون ولا الي الشارع لأن كل الأخبارعلي مدار الساعة تؤكد ان الثورة لا تزال مشتعلة.
ماذا تري في الشباب الذين فجروا الثورة وضحوا من أجلها ولم ينالوا الفرصة لتحقيق شعارها ؟
كل الثورات يقوم بها الحالمون ويدفعون فيها ثمنا باهظا ثم يجني ثمارها الكذابون ولكن الجيل الذي انطلقت علي يديه الشرارة الأولي يتوالد ويأتي بعده جيل ثم جيل.. فترة العامين السابقين لا تعني أي شيء ..تدخل علي الساحة وجوه جديدة كل يوم ويعاد بناء الوعي السياسي المصري بعد عشرات السنين من ادمان الخمول الآن المصريون يعيدون اكتشاف ذاتهم والوعي السياسي الذي تحقق خلال العامين الماضيين لم يتحقق خلال الستين عاما الماضية.
ولكن الدستور تم انجازه وانتخابات مجلس النواب وشيكة بعد إقرار قانون مجلس النواب.. أليست هذه الخطوات بداية لتكوين مؤسسات الدولة ؟
دعينا من هذا ،لأن للثورة أطوارا ومراحل ففي فترة 25 يناير التي تنحي الرئيس السابق كانت هذه هي فترة (الاستعلان الثوري) وخلال فترة الحكم العسكري كانت مرحلة تحويل الثورة الي فورة لتشتيت الأنظار من الهدف الجماعي الي الأهداف الجزئية ، الآن نحن في مرحلة الخيبة والفضيحة بمعني أن فترة ما قبل 25 يناير هي طور الاستعداد ورأينا له مظاهر كثيرة في أعمال المثقفين والكتابات التي تصدر وفي اقبال القراء علي القراءة بمعدلات عالية وفي الحراك الاجتماعي المفاجيء ثم مرحلة الاستعلان الثوري من 25 يناير الي تنحي مبارك ثم جاء المجلس العسكري وحول الثورة الي فورة فشجع المظاهرات الفئوية أو غض عنها النظر لتقوم وشتت الانظار وظل يمارس الألاعيب ودفع الاسلاميين الي الواجهة وأقصد بالاسلاميين الذين يتكسبون من الدين وإلا فكلنا مسلمون أصلا فمرحلة الفورة أحدثت لدينا طورا آخر هو طور الخبل العام وهو ما رأيناه في فترة انتخابات البرلمان الذي انحل كان لكن هذا ليس الطور الأخير لا تزال الثورة لا تزال تتطور وسوف تدخل في مراحل أخري قريبا لا يعلمها إلا الله ولن يحددها إلا الحركة الواعية لجمهور المصريين عندما يدركون أن بلادهم في خطر حقيقي أخطر من اسرائيل وأخطر من الأزمة الاقتصادية.
تشكيل الصورة
ثورة 25 يناير عندما قامت كانت بلا قائد وظلت بلا قائد.. هل هذه السمة ايجابية أم سلبية ؟
هي ميزة كبيرة لأنه لو كانت الحركة التي اندلعت في 25 يناير لو كان لها قائد كان من السهل اصطياد هذا القائد وانهاء الأمر ..إن عبقرية هذه الثورة أنها كانت تتم بشكل تلقائي أما الآن ومنذ 25 يناير فلا تستطيع السلطة أن تمسك بالرأس لأنه لا رأس لهذه الثورة وهذا سر عبقريتها وسر دوامها أيضا سوف تهدأ حينا وتلتهب سوف تتراجع خطوة ثم تتقدم خطوات لأنها تنبع من عقل الجماعة ولا تنتمي الي شخص معين.
الاسكندرية والثورة
لماذا اشتعلت شرارة الثورة من الاسكندرية بالذات بعد مقتل خالد سعيد؟
الاسكندرية مختلفة منذ زمنها الأول من يوم أنشأت ونظرا لطبيعتها الخاصة وانفتاحها علي ثقافات اخري .
مصر المسلمين والمسيحيين
بصفتك عالما متخصصا في الثقافة الاسلامية والتاريخ المسيحي بماذا تفسر المقولة التي أصبحت تتردد في السنوات الأخيرة أن الأقباط هم أصل مصر وأصحابها هل هذا صحيح تاريخيا؟
هذا غير صحيح، هذه النغمة تعالت وكثر استخدامها لدرجة أن هناك من يقول ان المسلمين ضيوف علي أقباط مصر نعم هي بلدهم وبلدنا وبلد من يعيش فيها ويولد وينتمي بصرف النظر عن دينه، وإلا فليعرفوا أن مصر عاشت معظم زمانها قبل ظهور المسيحية أصلا.. فكيف نقول هذا؟ ثم ان المسيحيين كثيرون والكنيسة المسماة الآن الروم الارثوذكس هي التي كانت لها الولاية عندما جاء المسلمون الي مصر وليست الكنيسة المونوفوستية التي نقول عنها اليوم انها القبطية والآن لدينا اثنان يحملان لقب بابا والاثنان اسمهما (تيوضوروس) ولكننا نميز بينهما بأن بابا الكنيسة المونوفوستية التي نسميها القبطية نكتبه (تواضروس) للتمييز بينه وبين البابا الموجود بالكنيسة اليونانية بالاسكندرية الآن ونسميه (ثيودوروس) لنفرق بينهما فالكنيسة اليونانية هي الأصل والنسخة اليونانية من الانجيل هي الأصل وعندما جاء عمرو بن العاص كان يتفاعل مع هذه الكنيسة، وكان هؤلاء مظلومون وكان الانبا بنيامين هاربا وعمرو بن العاص هو الذي أعاده وقد كتبت في ذلك كثيرا ليس بغرض شحن النفوس ولكن لتصحيح الافكار لا يوجد شيء اسمه اصحاب البلد.. أصحاب البلد من يعيشون ويموتون فيه.. من يرتبطون به ويحلمون له وليس أصحاب دين معين وإلا فقد كان المصريون موجودين ويعبدون امون قبل أن تظهر المسيحية ومعروف أن العقائد الارثوذوكية تأثرت بالعقائد المصرية القديمة فإذا طبقنا هذا المنهج التاريخي سيكون هؤلاء هم الذين حولوا دينهم الذي استمر خمسة ألاف عام .
علاقتي بالبابا شنودة
المعروف أن الرومان كانوا يعذبون الأقباط وينكلون بهم قبل مجيء عمرو بن العاص ؟
وهذا ما قلته مرة للبابا شنودة مداعبا وكانت تربطني به علاقات جيدة وكان يعرف أنني حريص علي التراث المسيحي في مصر وأنني أنا الذي اكتشفت أول وأقدم انجيل عربي في العالم وكان في دير سانت كاترين ومؤرخ بسنة 482 ونشرته نشرا اليكترونيا لاول مرة ولم يكن احد يعلم به وهو انجيل كامل، كما جمعت المخطوطات القبطية بمساعدة البابا شنودة وهي موجودة بمكتبة الاسكندرية.
دائما ما تؤكد في كتاباتك أن العرب سكنوا مصر قبل أن يفتحها عمرو بن العاص؟
مصر من يومها الأول حتي الآن هي بلد المصريين بصرف النظر عن ديانتهم ، العرب كانوا موجودين في مصر قبل الفتح بثلاثة قرون من الزمان وفي القرن الخامس الميلادي قبل الاسلام بقرنين من الزمان كانت قوص وقفط في الصعيد مناطق كثافة عربية مستوطنين وليسوا مهاجرين وكانوا يتكلمون اللغة العربية وكانت سيناء هي منطقة الانباط وهم عرب وكانت محافظة الشرقية الآن هي منطقة استيطان عربي.
ما سر عشقك للاسكندرية واقامتك الدائمة بها منذ الطفولة ورفضك للعديد من فرص العمل خارج مصر او حتي بالقاهرة؟
لا أري مكانا في العالم اجمل من الاسكندرية وانا علي يقين من أن الانسان اذا انفصل عن مكانه فقد خسر جانبا كبيرا من شخصيته فانا لا استطيع البقاء خارج الاسكندرية لأكثر من ثلاثة او أربعة ايام بعدها يقتلني الحنين الي الشوارع ووجوه الناس وهذا البحر وإلي هذه المسارات والمناطق البديعة المرتبطة بزمن الطفولة وبالتالي لا اري شيئا يستحق أن أترك الاسكندرية من أجله .
الم تكن الاسكندرية بطلة أحد أعمالك؟
عزازيل أصلا انشودة تقول كيف يمكن أن تتحول هذه المدينة الأجمل الي عاصمة للملح والقسوة وتقتل هيباتيا وبالتالي فهي حاضرة دائما في أعمالي .
لغة كتابة رواياتك تغلب عليها اللغة الشعرية كيف تكونت وتأصلت من الفلسفة أم الشعر كيف تشكلت هذه البنية ؟
البنية السردية في أعمالي الروائية تتأثر بعدة عوامل أولها اللغة القرآنية فأنا مدمن علي سماع القرآن بصوت الشيخ عبد الباسط وكثير التوغل في الصيغ البلاغية في القرآن وبلاغتها العالية أيضا الشعر العربي ولكن الأهم من ذلك هي الحساسية اللغوية للمفردات ولذلك قبل نشر العمل الادبي أقوم بإعادة كتابته عدة مرات ..عادة الكتب تأخذ مني 5 مرات كتابة أما الرواية فليست أقل من 10 مرات من إعادة الكتابة لحساب الايقاعات الداخلية أو الهارموني للكلمات ويتم حسابها بدقة واعتقد أن الكتابة الروائية إن لم تكن شعرية فلا معني لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.