في مقالي الاسبوعين الماضيين »لرحلة« وعلي ضوء المناخ العام الذي ساد بورصة برلين أهم وأكبر حدث للتسويق السياحي علي مستوي العالم تركزت متابعتي علي التوقعات التي اتسمت بروح التفاؤل الناتجة عن انقشاع غيوم الأزمة الاقتصادية التي خيمت علي صناعة السياحة طوال عام 9002 ظهر هذا التفاؤل جليا رغم بعض الهواجس من تأثيرات تعاظم أزمة البطالة. تحدثت عن الحماس الواضح الذي تملك أعضاء الوفد المصري الكبير برئاسة زهير جرانة وزير السياحة من خلال مشاركته في فعاليات هذه البورصة التي تعد ترمومترا صادقا ودقيقا لما سوف تكون عليه أحوال السياحة.. صناعة الأمل. هذه الصورة الايجابية تمثلت في الإقبال الكبير من جانب كبار المسئولين في شركات السياحة والطيران ومنظمي البرامج السياحية علي زيارة الجناح المصري للالتقاء بالوزير وممثلي شركات السياحة والفنادق المصرية لبحث أوجه التعاون المختلفة. استند هذا الاهتمام علي أساس ما تملكه مصر من الامكانات والمقومات الفريدة والخارجة عن أي منافسة.. وهو ما أشاع حالة من الرضاء ارتسمت علي وجوه السياحيين المصريين. انهم ورغم الهواجس التي تعكس الحذر والحرص فإن المؤشرات المتاحة حتي الآن تؤكد عبور أزمة الهبوط في أرقام السياحة الوافدة بما يعني ارتفاع في معدلاتها عن عام 9002 التي سجلت تراجعا بنسبة 3.2٪ عن عام 8002.
إن من مظاهر تعافي حركة السياحة من حالة الانكماش التي سببتها الأزمة الاقتصادية هذه الرغبة التي أبدتها الشركات التي تقوم بتنظيم البرامج السياحية في زيادة رحلات »الشارتر« الجوية المتخصصة في نقل أفواج السياح من عواصم ومدن الدول الأوروبية إلي مصر ، وإذا كان المسئولون في هذه الشركات قد عبروا عن تقديرهم لأجهزة الطيران المدني علي التسهيلات والارتفاع في مستوي الخدمات بالمطارات السياحية إلا انهم في نفس الوقت كانت لهم شكاوي تستحق البحث من جانب الفريق أحمد شفيق وزير الطيران المدني. انهم يطالبون بإعادة النظر في رسوم الهبوط والإيواء والتي يرون انها أصبحت تتسم بالارتفاع والمبالغة. كما انهم يشكون للمهندس سامح فهمي وزير البترول من الاتاوات المفروضة والتي لا معني لها علي وقود الطائرات والذي أصبحت أسعاره تزيد عن الأسعار المتداولة التي يتعاملون بها في مطارات العالم الأخري. وفي إطار إشادتهم بروعة مصر كمقصد سياحي عالمي فقد طالبوا بضرورة توفير المزيد من الإجراءات التي تؤمن راحة وحياة السياح.
وحتي ندرك مدي تعاظم أهمية بورصة برلين بالنسبة لطموحات الترويج والتسويق السياحي فإنه ليس أمامنا سوي استعراض الإحصائيات التي تضمنها التقرير الختامي لما حققته دورة هذا العام والتي تحمل رقم (44). يشير هذا التقرير إلي أن عدد زوار المعرض قد بلغ 081 ألف زائر وأنه قد تم الاتفاق علي صفقات بقيمة 6 مليارات يورو (54 مليار جنيه). حرص التقرير علي ان يشير إلي ارتفاع أرقام المشاركين من الدول الآسيوية بما ينبئ بتصاعد اهتماماتهم بالتنمية السياحية المتبادلة. وتعبيرا عن المكانة التي أصبحت تحتلها صناعة الأمل بالنسبة لشعوب العالم وارتباط ذلك بالدور الذي يقوم به الإعلام المقروء والمرئي والمسموع. فقد كان هناك 0027 صحفي من ألمانيا وكل أنحاء العالم يقومون بالتغطية للصحف ومحطات التليفزيون والإذاعة. ومن ناحية أخري فقد تجاوز عدد العارضين في البورصة 11 ألف عارض جاءوا من 781 دولة. وأن 54٪ من كل هذه الأعداد جاءوا من دول العالم المختلفة. من ناحية أخري فقد كان ضمن المشاركين الدوليين 71 رئيس دولة ورئيس وزراء و 67 وزيرا ونائب وزير إلي جانب عدد من كبار المسئولين في الحكومة الألمانية منهم وزراء الاقتصاد والمواصلات والإسكان وممثلون عن معظم الوزارات الألمانية. ليس من تفسير لهذه المشاركة عالية المستوي سوي ان معظم دول العالم أصبحت تؤمن بقيمة المساهمة التي تحققها السياحة لاقتصادياتها الوطنية وهو الأمر الذي لابد وأن يدفعنا إلي مزيد من الوعي والرعاية لهذه الصناعة الواعدة.
