أعمل في حقل السياحة المصرية منذ عام 7891 وبالتالي علي اتصال دائم بوزارة السياحة وبالسادة وزراء السياحة منذ ذلك التاريخ، وتابعت انجازات حكومة العالم الداعمة للنشاطات السياحية علي اراضيها والتي تسجل سنويا في وثائق منظمة السياحة العالمية التابعة للامم المتحدة، فخلال السنين الاخيرة وعلي فترات متتالية ومتقاربة تصدر قرارات لتسهل التدفق السياحي لدول العالم وتذلل المشاكل وتلغي العقبات والقيود وتختصر الاجراءات مما حقق مكاسب هائلة لهذه الدول. اما هنا علي ارض مصر فالعكس تماما اليوم يمكنني تأكيد ايماني الكامل بتطابق حرفة السيد وزير السياحة بفنان مصر العظيم مختار والذي نحت في الصخر وطوع المعادن ليخرج تماثيل واشكالا فنية رائعة انتزعت مكانة مرموقة ومحترمة علي الساحة الدولية والمحلية لدرجة انه اليوم يوجد تمثال شكله من البرونز بالحجم الطبيعي لفلاحة تحمل بلاصا معروض للبيع بباريس بعشرة ملايين يورو اي ما يوازي سبعين مليون جنيه. اما السيد وزير السياحة فينحت فيما هو اقسي واصلب من الصخر والفولاذ دون مبالغة ليحقق لمصر دخلا قوميا بلغ اثني عشر مليار دولار بصعوبة بالغة اي اكثر مما تحققه قناة السويس واي صناعة اخري في مصر، وهو ما يدفعني للقول كان الله في عون وزير السياحة الحالي واي شاغل لهذا المنصب السياسي مستقبلا لو دام هذا الحال ولم تبدأ الحكومة في مواكبة المنطق والظروف الاقتصادية الطاحنة التي تضرب العالم حولنا وتقترب منا. اليوم استرجع سنين حياتي في النشاط السياحي المصري طوال ربع قرن تقريبا فأشعر باكتئاب شديد وحزن وخوف علي مصير هذا النشاط والذي اكد رجال الاقتصاد والتخطيط المصريون والاجانب انه صمام امام المواطن والضامن الوحيد المؤكد بإذن الله تعالي للقمة عيش المواطنين ورخائهم نظرا لما يمكنه تحقيقه من دخل قومي اضعاف ما نحققه اليوم لو تكاتفت وزارات الدولة وأجهزتها وساندت ودعمت ودفعت هذا النشاط مع الاستغلال العلمي المدروس لهبات الله جل جلاله لمصر هبات من تاريخ وكنوز طبيعية ومناخية ودينية واستشفائية لا مثيل لها في العالم اجمع بل لا تتجمع بهذا التكامل المتكامل علي اي بقعة بالكرة الارضية. اليوم لا يمكنني تجاهل مقارنتنا بدول تمثل ربع مساحة مصر وبها واحد في المائة من الهبات الالهية المتوافرة في مصر، وتحقق دخلا اضعاف اضعاف اضعاف ما تحققه مصر، وهو ما يدفعني في عجالة لتسجيل ما عاصرته عمليا خلال سنين عملي السياحي فقد لاحظت عمليا انه كل عام وبالتدريج تفرض احدي وزارات الدولة علي النشاط السياحي قيودا وشروطا والتزامات تواكب لوائحها وقيودها ونظمها الداخلية ولا يعنيها بالمرة ما تفرضه الوزارات الاخري علي نفس النشاط والنتيجة انه اذا اريد تفعيل وتنفيذ برنامج سياحي علي ارض مصر فالمطلوب الالتزام الكامل والصارم بتعليمات ولوائح ونظم عدة وزارات وعدة جهات لا تقبل النقاش في تخفيف قيودها ولا تعليماتها فيجد منفذ البرنامج انه ملتزم بتقديم اوراق مكاتبات ومذكرات وصور جوازات سفر »رغم حصول السياح علي تأشيرات دخول من سفاراتنا في الخارج« تتعدي المئات مع التحرك وسط زحام خانق بين مقار كل هذه الوزارات وكل هذه الجهات والمكاتب المنتشرة بالعاصمة لمدة ثلاثة اسابيع مع تسديد رسوم ضخمة مضافة للضرائب الهائلة التي يسددها النشاط السياحي للخزانة المصرية، كل هذا لتحقيق رحلة ترفيهية لعدد من السياح لا يتعدون اصابع اليد الواحدة فاذا نجح في انجاز كل هذه المطالب والقيود التي لا مثيل لها علي وجه الارض وحضر السياح وتحركت الرحلة السياحية تفرض عليه قيود اضافية صارمة طوال التحرك بالسياح حيث يجبر علي التعامل مع العديد من المكاتب والفروع المنتشرة بمحافظات مصر ومدنها التابعة لنفس الوزارات ونفس الجهات حيث يقدم نسخة كاملة من نفس الاجراءات كلها ولا احد بالمرة يحاول تسهيل او اختصار او تخفيف كل هذه القيود بإصدار مثلا قرار بتأسيس مقر واحد يضم ممثلا عن كل من هذه الوزارات والجهات يتم التعامل معهم لانجاز المطلوب في وقت حضاري وبأقل جهد فواجب مساندة السياحة وتيسير عملها فهل يتخيل احد انه لتفعيل مهرجان سياحي يحقق جذبا ضخما لمصر وبالتالي مكاسب مادية كبيرة للخزانة ومعنوية لواجهة مصر يجبر المنظمون طوال الشهور السابقة للمهرجان علي بث والطبع والكتابة لمعظم الجهات الحكومية علي ثمانية عشر الف فرخ ورق للحصول علي كامل الموافقات وضمان عدم عرقلة المهرجان مع معاودة طلب نفس المكاتب اذا تغير حرف او اسم او رقم. ورغم ذلك وخلال السنين الماضية ورغم كل هذه الاجراءات حدثت عرقلة لا منطقية كادت تؤدي الي كارثة وأضرار بشعة لهذه المهرجانات وللنشاط السياحي المصري لولا وجود شخصيات لها وزنها تدخلت لتنقذ الموقف. والحال كما هو كل عام قيود جديدة تفرض وتضاف علي الامل الوحيد المتبقي لمصر. كاتب المقال : عضو اللجنة الدولية لأخلاقيات السياحة التابعة المنظمة الامم المتحدة