سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في البطولة الأفريقية للشباب بالجزائر .. الكأس تفتح ذراعيها.. بالأحضان يا فراعنة الفوز علي غانا »قصة« مثيرة في الملعب والمدرجات.. و»حالة« ذهول للفائز والمهزوم
قلب الفراعنة الموازين في خريطة المنافسة علي لقب بطولة الأمم الافريقية للشباب وفتحت الكأس ذراعيها تنادي بالاحضان يا منتخبنا.. تغيرت الحسابات بالضبط مثلما تغيرت ملامح الوجودالمشاركة في البطولة بالجزائر عقب احراز صالح جمعة هدف الفوز الثمين علي منتخب غانا في الدقائق القاتلة ليكون الفوز خطوة نحو منصة التتويج.. هذه المنصة التي اصبحت علي مرمي البصر بعد الفوز المثير وبات التتويج المنال لفريق كان ينظر للبطولة علي انها عبء ثقيل من جراء الانطباع السائد لدي الجميع تقريبا بان الفراعنة ذاهبون إلي المدينة الصغيرة »عين يتموشتت« بطموحات صغيرة ايضا لان الفكرة عنه ساءت لدرجة حصول علي لقب المنتخب »المسحول« الذي يجر قدميه جرا ليشارك من باب تأدية الواجب ليعود سريعا إلي القاهرة دون ان يفكر في اجتياز الحدوله لفرق المربع الذهبي الذاهبة إلي كأس العالم بتركيا الصيف القادم. تشابهت كل الوجوه عقب صافرة الحكم النهائية في حالة واحدة فقط هي الذهول.. الفائز مذهول والخاسر مذهول.. الاثنان يطرحان نفس السؤال؟ ماذا حدث؟.. لكن اختلفت هذه الوجوه في نوعية الذهول.. ذهول الفرحة والصخب وذهول الاحباط والصمت.. الفارق تراه واضحا ومباشرا عندما تنظر في قاعة المؤتمر الصحفي لوجهي ربيع ياسين المدير الفني المصري وسيلاس تيتيه المدير الفني الغاني.. وتراه أوضحا جدا عندما تقف علي باب غرفتي ملابس الفريقين.. الاصوات العالية علي باب الفراعنة والاحضان الدافئة بين اللاعبين والاداريين وافراد الجالية المصرية الذين كانوا قد تركوا مدرجهم بالاستاد بتعليمات من الأمن لتجنب الاحتكاك بالجمهور الجزائري الذي ضم بعض الصحفيين الذين يحتفظون بالذكريات السيئة لمباراة أم درمان التي نسيها الكبار. كانت أول لقطة شاركت فيها داخل »زفة الفرح« ربيع ياسين وهو يستقبلني باحضان عميقة ويقول لي : »أنا مش قلت لك.. أنا عندي فريق كويس وأولاد جامدين«.. وسرعان ما تطايرت الاتصالات الهاتفية من المسئولين في مصر وسرعان ما تغير »المزاج« وانقلب الحديث من التفكير والتبكير بالعودة وتعديل تذاكر السفر إلي التفكير في كيف سنبقي إلي الدقائق الاخيرة من عمر البطولة نهاية هذا الشهر.. ثم تأتي سحر الهواري رئيسة البعثة تضحك: لا تعرف ماذا تقول من شدة التأثر ولا تعرف ان كانت تبارك للاعبين الذين تطايرت أيضا صيحاتهم ضجت بها غرفة الملابس. القصة المباراة في حد ذاتها قصة.. مهد لها لقاء الجزائر وبنين الافتتاحي بمفاجأة كشف أوراق الفريقين وظهور أول تباشير الانفراجة بما أسموه بمجموعة الموت واتضح انها لا موت ولا يحزنون... منتخب الجزائر يخالف التوقعات ويبدو متواضعا فنيا رغم فرط الحماس الصادر من المدرجات والملعب، ومنتخب بنين كذلك يخالف التوقعات ويبدو افضل مما تخيلنا.. وتعشمناان تستمر حالة »المخالفة« للتوقعات.. وجلسنا في المدرجات نهئ انفسنا لاستقبال أول خبر رسمي عن مستقبل منتخبنا في المنافسات.. وفوجئنا ان أول مبادرة هجومية كانت من نصيبنا وان امامنا فريق لا تأخذه الرهبة ولم يحاصره الرعب من غانا منذ ان اجريت القرعة.. ومرت الدقائق لننتقل من حالة الاستسلام لامر واقع صنعناه بأيدينا حتي قبل ان تبدأ البطولة إلي حالة جديدة من الترقب وانتظار مفاجأة.. إلي حالة من الارتياح والثقة في ان هذا الفريق قادر علي بلوغ نصف النهائي. توتر واندهاش وبجانبنا في المدرج رأينا علما مصريا يحمله افراد الجالية يلتحم مع علم جزائري وهتافات تحيي المنتخب فتفاءلنا خيرا.. لكن لم يدم التفاؤل كثيرا فسرعان ما انقلب شباب جزائري صغير السن علينا وارتفعت هتافات مضادة اوحت لنا بالخطر الذي تداركه المسئولون الجزائريون علي الفور وطلبوا من الجالية ترك المدرج والانتقال إلي الجهة الاخري خاصة بعد ان تصاعدت حدة الهتافات المعادية التي رفضها بشدة الجزائريون الكبار.. وخلال هذه الدقائق المخيفة كنا قد أصبنا بالتوتر والاندهاش لان ما حظيت به البعثة المصرية من رعاية يفوق الخيال.. وسألت رجل جزائريا بجواري لماذا يشجعون غانا فرد غاضبا ومواسيا: لا تهتم هؤلاء صبية صغار تحاصرهم كرة القدم ليل نهار ولا يعرفون في حياتهم الا عصبية التشجيع حتي في المنافسات المحلية.. والعجيب انهم يكسرون هذه الحالة من العداء بحالة مصالحة عجيبة مصدرها النجم محمد أبو تريكة.. وتحمست ان أسأل شابا صغيرا لماذا تختص أبو تريكة بالحب بينما تكره ما دونه.. فقال : أبو تريكة تبرع لبناء مسجد في بلد افريقي.. احنا بنحبه واللعيبة الجزائريين بيحبوه.. الحوار في الملعب هذا كان حوار المدرجات.. اما حوار الملعب فكان جذابا ولا يقل إثارة يقترب من المرمي المصري.. الذي تصدي لهجوم غانا والنجوم السوداء »لقب منتخب غانا« لا يظهر لها بريق ولا تتذكر طابعها المهاري وأدائها الرشيق وقدرتها العالية علي الاستحواذ.. ولا تملك عمقا هجوميا ولا دفاعيا ولا قدما ثابتة في وسط الملعب.. لم نصدق وحاولت تفسير ذلك بانه نتاج الغرور وبرود الاعصاب والثقة الزائدة في الفوز لكنه في النهاية كان تفسير اجتهاديا ربما يكون بعيدا عن الواقع.. لانه في المقابل كان هناك فريق مصري متحفز تعاطي جرعة كبيرة من الشجاعة والاعداد النفسي والبدني والخططي لكي يسبب لنا هذه المفاجأة ويمسح من ذهننا الانطباع السائد عنه.. لم تكن أفضليته مجرد حماس وشحن معنوي واندفاع في الملعب.. بل كانت مدروسة وحقيقية وراسخة بدليل انه لم يتعرض للانهيار عندما تعادل الغانيون وحافظ علي شجاعته من البداية إلي النهاية.. ونجح بامتياز في ان يكون له عمق هجومي وحرم هجوم غانا من الاستحواذ السهل.. ولعبت خبرة رامي ربيعة دورا حيويا في قيادة منظومة الدفاع.. بينما برع أحمد رفعت في سحب الفريق إلي الهجوم وتكررت انطلاقاته من اليسار وظهر الابرز بين لاعبينا ليستحق لفتة السماسرة الأوربيين الذين رشحوه للعب لارسنال ومانشستر يونايتد رغم انهم جاءوا خصيصا لمتابعة أمير عادل إسكندر.. أحسن فريق وعندما استقر الاداء في الملعب وتكشفت كل الاوراق اتفق كل من علي مقاعد المشاهدة سواء خبراء أو مشجعين أو مسئولين علي ان المنتخب المصري هو أفضل فريق في المجموعة وانه مرشح بقوة لصدرتها وبلوغ نصف النهائي ثم كأس العالم.. سبحان الله.. في ساعة واحدة انقلبت الخريطة التنافسية وازيح منتخب غانا من عرش الترشيحات وفقدت الجزائر اسهمها وتغير الانطباع عن بنين باستثناء الحديث المستمر عن تجاوزها في الاعمار السنية وهو اتهام لم يرق لليقين.. ربيع ياسين: أشكر فريقي في المؤتمر الصحفي أول ما قال ربيع ياسين: أشكر الجمهور الجزائري.. وربما قد فهم صيحاته خطأ لانه في الملعب وذهنه مع سير المباراة أو ربما قالها من باب التمويه وان كان ذلك مستبعد لان طبيعته الشخصية تميل إلي المصارحة والتلقائية.. ووجه الشكر ايضا للفريق وقال إن اللاعبين نفذوا التعليمات باستثناء بعض الفترات خلال الشوط الثاني .. واشار إلي أنه نصح اللاعبين بالهدوء والتركيز وعدم الخوف وقال لهم لا تقلقوا لانني المسئول.. ورغم ملاحظة احد الصحفيين بان المباراة لم تكن بالمستوي المتوقع فإن ربيع اكد انها جاءت قوية من الطرفين علي المستويين البدني والفني واحدثت التغييرات فارقا كبيرا في الاداء وتسببت في احراز الاهداف لكنه كان موضوعيا عندما اثار إلي وجود اخطاء بالتأكيد سيتم تداركها وهي واردة خاصة عند مواجهة فريق كبير مثل غانا وتركزت في الثلث الاخير.. وقال ان له فلسفة في التدريب تحدد ملامح التطبيق الهجومي والدفاعي لاحداث اكبر قدر من التوازن من خلال جوانب خططية لها دور كبير.. وقد نجح منتخبنا في الضغط علي غانا حتي الدقيقة الاخيرة ولعبنا كرة حديثة لا هي مندفعة للامام و لا هي متقوقعة في الخلف.. وعن الفوارق التي ظهرت علي المنتخب بين المباريات الودية والرسمية قال ربيع إن الاختلاف كبير في الحالتين وليس مهما الفوز في التجارب بقدر اهمية استثمارها في التجهيز والاعداد ولذلك ليس هناك اي معني لفوز المنتخب علي الجزائر من قبل في لقاء ودي.. فالفريق الجزائري قوي وله كل الاحترام يملك ميزة الجمهور المتحمس ويضم لاعبين بارزين وسوف ادرسه جيدا بمشاهدة تسجيل لمباراته مع بنين وليس معني تعادله مع بنين انه أقل مستوي من الاخرين فلكل مباراة ظروفها.. ويجب علي لاعبينا ان يفهموا اننا فزنا بمباراة واحدة وامامنا مباراتين وسوف نشاهد معهم لقاء الجزائر وبنين لنستوعب جميعا المنافس. ضغط شديد ظهر سيلاس المدير الفني الغاني متجهما واعينه حائرة فاقدا التركيز خلال المؤتمر الصحفي.. وقال: بلا شك وقعنا في اخطاء كثيرة ولم تحسن الاداء والتعامل مع المنتخب المصري.. وفي كل الاحوال ربما لا تؤدي الخطط وكفاءة اللاعبين إلي الفوز فهناك عوامل اخري قد لا تتوفر وانا لا املك الآن تغيير الخسارة وتحويلها إلي مكسب وانما املك فقد ان احب أن وأقول لهم اما ان تلعبوا المباراة القادمة وتفوزوا واما ان تخرجوا من البطولة.. وعلي الجهاز الفني ان يغير من خططه. ومازالت الفرصة كاملة لدينا لاننا حتي الآن لم نخرج من البطولة.. وعن ضعف الاداء رغم الاعداد المتميز والمعسكر الاوروبي والتجارب العديدة.. قال سيلاس: لم نلعب سوي مباراتين اثنتين فقط مع فرق اوروبية وكل اعضاء الفريق من الدوري المحلي ولم نستدع المحترفين كما يظن البعض.. وايضا لم تكن ثقتنا زائدة عن الحد فقد اتينا إلي هنا وفي ذهننا ان المنافسة مفتوحة بين كل الفرق.