عصام حشيش »لماذا يتم ترويع الصحف القومية الآن.. وتسليط سيف الاتهام بالكسب غير المشروع علي مئات الصحفيين فيها؟ وهل يمكن تبرئة هذا الفعل من شبهات »التسييس..؟! السبت: قليلة هي الاعمال الوطنية التي تنقلب علي اصحابها فاذا بها تتحول الي جرائم تطاردها الاجهزة الامنية وتحيل اصحابها الي الجنايات لتقضي بسجنهم وتشريد عائلاتهم وتلويث شرفهم وسمعتهم.. نعم ففي وقت كان مئات الصحفيين الشرفاء اصحاب الاقلام الحرة المحبين لبلدهم يعملون بكل اخلاص لزيادة موارد صحفهم اذا بهم في غمضة عين اصبحوا متهمين بالكسب غير المشروع مثلهم مثل الذين سرقوا ونهبوا وهربوا اموالهم وهي بالمليارات الي الخارج!.. من الذي فتح هذا الملف الان.. ولماذا الان.. وما قيمته؟.. واذا كانت معظم اجهزة الاعلام المعارضة والمستقلة تواصل شن الحملات لتشويه كل انجاز للدولة وتأليب المواطنين عليها فان امل الدولة الوحيد اصبح في عنق الصحف القومية لتقدم الحقيقة بما لها من مصداقية وحياد، فلماذا يتم ترويع هذه الصحف الان، وتسليط سيف الاتهام بالكسب غير المشروع علي مئات، نعم مئات الصحفيين فيها، فهل يمكن تبرئة هذا الفعل من شبهات التسييس أو وصفه بانه ممارسة عادية لاعمال قضائية؟.. هذه الاسئلة وغيرها وضعت الجماعة الصحفية في موقف لا تحسد عليه عندما تفكر في اجابة.. لأن الطرف الآخر في المعادلة هو القضاء الذي نجله ونحترمه ولا أمللما يرونه. نعم فالقضاء أمل مصر في الخروج من هذا النفق المظلم باظهاره للحقائق ومؤاخذة وتتبع الذين افسدوا وتربحوا.. هذا القضاء كيف يروع اليوم مئات الصحفيين لانهم ساعدوا مؤسساتهم في زيادة مواردها وحصلوا امام ذلك من صحفهم علي مكافآت هزيلة علي مدي أعوام فأصبحت هذه المكافآت نفسها هي سيف الاتهام المسلط علي رقابهم ويطالبهم الكسب غير المشروع علي الفور ردها للدولة والا فالحبس والاحالة للجنايات بتهمة ان هذه المكافآت كانت مالا عاما تم الاستيلاء عليه! وبنفسي ذهبت بصحبة الزميل الاستاذ احمد سامح رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم الي جهاز الكسب نبحث ونناقش وندفع عن انفسنا هذا الاتهام القاسي الملوث للسمعة والشرف، وهناك قلنا بوضوح: اننا نرفض هذا الاتهام لان ما صرف للزملاء عما قدموه من جهد تم بموجب لوائح وانظمة معمول بها في المؤسسات الصحفية منذ عشرات السنين فالحساب اذن يقع علي من وضعها، فضلا عن ان واحدا من الصحفيين لم يخدع مؤسسته او ينال غير حقه الذي نظمته اللوائح ومنح له بموافقة قيادات المؤسسات الصحفية وقلنا انه اذا كانت هناك مخالفة في هذا النظام فالاولي هو اصدار الامر بايقاف النظام المعيب وليس باقتفاء اثر ما تم صرفه بحسن نية للصحفيين علي مدي سنوات وإلا فالسجن هو الجزاء!.. وقلنا ان روح القانون وحسن النية والظروف السياسية والاجتماعية الراهنة وحاجة الدولة للمصالحة وتقدير النظام للصحافة القومية بالذات.. كل هذا يشفع ويتيح للسادة المحققين وكلهم قضاة عظام لان يتوسعوا لابعد مدي في استخدام سلطتهم التقديرية لاغلاق هذا الملف حرصا علي الصحافة المصرية ورموزها وتمكينا لها من اداء دورها.. والحقيقة اننا شهدنا من السادة القضاة تفهما اثلج صدورنا وجعلنا بالفعل نشعر بالفخر والاعتزاز بان مصر تمتلك قضاة علي هذا المستوي المحترم من الحيدة والنزاهة وحسن التقدير، فلا توجد بالفعل خصومة ولا رغبة في التنكيل او عرقلة مسيرة صاحبة الجلالة باتهامات طالت نصف قوام الجماعة الصحفية وخرجنا بعد لقاء المستشار الفاضل مصطفي ابوزيد المسئول عن ملف الصحفيين والمستشار بعيد النظر يحيي جلال رئيس جهاز الكسب ونحن مرفوعي الرأس نستشعر الامل بعد ان تلقينا وعودا وتطمينات بعدم التصدي الا للحالات التي شابها فساد او تآمر علي المال العام الواجب حمايته، وهنأت الاستاذ احمد سامح علي هذا اللقاء الرائع الذي امتد لاكثر من ساعتين من المودة والتقدير والاحترام المتبادل.. ولكن في اليوم التالي تلقينا طعنة نجلاء.. لقد صدر أمر بحبس زميلين فاضلين احتياطيا واودعا السجن لمدة خمسة عشر يوما دفعة واحدة.. واذا بزملائنا الذين انتظروا بفروغ صبر نتائج اللقاء بقيادات الكسب غير المشروع يتهموننا باننا لم نحسن قراءة المقابلة او لم نفهم الرسالة من وراء المودة والتقدير او قل التخدير.. ولكنني ابدا والاستاذ احمد سامح لن نفقد الثقة فيما حصلنا عليه من وعود بحفظ او ارجاء النظر في هذه الملفات المثيرة للجدل والغضب. فأحوال الوطن لا تتحمل المزيد من التوتر والاحتقان وربما كان الاجدي ان تتحد جهود اثني عشر قاضيا يعملون في جهاز الكسب غير المشروع لملاحقة الاموال المهربة في الخارج وفك طلاسمها وتتبع مآلها بدلا من ترويع مئات الصحفيين من اجل حفنة جنيهات حصلوا عليها بشكل رسمي من مؤسساتهم تشجيعا لهم علي زيادة مواردها. نعم.. لن نفقد الأمل في قضاة مصر العظام. محمد البنا الأحد: هذه الصفحة من »الأخبار« ليست مثل اي صفحة.. فهي صفحة كبار الكتاب والمفكرين.. زمن طويل وانا انظر بإكبار وإعجاب لهذا المكان ومرارا تمنيت ان اكون من كتابه ولكن الظروف لم تسنح.. واكتفيت بأن اكتب مقالي الاسبوعي »حق ربنا« في اخبار الاحد و»علي الله« في أخبار اليوم السبت، لم احب ان اكتب وانتظر حتي يصيبني الدور ولم احب ان ازاحم واطالب لاكون من كتاب اليوميات، وفي نفسي تمنيت لو ان صديقي وزميل عمري محمد حسن البنا رئيس تحرير الأخبار اعفاني من حرج الانتظار وطلب مني مباشرة ان اكتب اليوميات وقد كان، بهدوء سألني وكأنه يستدرك: لماذا لم تكتب يوميات حتي الآن.. هل هذا معقول.. عايزين نقرأ حق ربنا جديدة الجمعة القادمة؟ وطرت من السعادة ووجدتني وقتها فقط اصارحه بانني ما كنت اكتب ابدا في هذا المكان الا اذا طلب هو مني ذلك.. ورغم عتابه لي علي هذا الموقف، الا انني اشعر له بالفضل وانني اكتب بارتياح دون ان احصل علي حق أحد، وان الفرصة قدرها الله اخيرا لكي اعرض علي قارئي »الأخبار« ما اري فعلا انه »حق ربنا« سواء في الدين او السياسة او الاقتصاد، وفي نيتي ان قارئا واحدا ينتفع بحرف مما اكتبه فيزداد به علما وتقربا الي الله وثقة فيه فان هذا انفع لي من الدنيا بما فيها حتي ولو جدد نطقه بالشهادة.. وكما اخبر حبيبنا صلي الله عليه وسلم عن سيدنا موسي عندما سأل ربه وهو كليم الله: يا رب خصني لك بدعاء، فقال الله تعالي: يا موسي قل لا إله إلا الله.. فرد سيدنا موسي معاتبا وكأنه يريد لنفسه ما هو اكبر من ذلك: يا رب كل الناس يقولون لا اله الا الله.. فاعطاه الله درسا له ولنا جميعا الي يوم القيامة.. قال له: يا موسي لو ان السماوات السبع والاراضين السبع وضعت في كفة.. ولا اله الا الله وضعت في كفة.. لرجحت بهن لا اله الا الله. قل لا اله الا الله... بابا جدو الثلاثاء: اتذكر اشواقي ومعاناتي ولهفتي وانا انتظر ميلاد ياسمين اولي بناتي، وعندما جاءت شعرت بانني ارتفعت وامسكت نجوم السما بيدي.. من مثلي لقد صرت ابا لاول مرة، سنوات مضت علي هذا الاحساس، جاءت فيها لبني ثم احمد، ولكن بقي الاحساس الاول مصونا لم يمسسه احد مثله مثل اول كل احساس جميل واول مشاعر دافئة لاتزال مهما مر الزمن، ولكن ما هذا الاشتياق الجديد وانا اترقب ياسمين وهي تضع مولودها الاول، هل يعرف احد معني ان ينتظر جد حفيدا؟ كنت اقول في صمت نفسي ابقي جد.. احمل حفيدي واروي له الحكايات واصحبه الي المسجد واشتري له الحلوي والعب معه الكرة، نصبح صديقين حميمين ويكتشف عالمه الخاص تحت مصباحي، تماما مثلما كنت افعل مع ياسمين وبعدها لبني واحمد، وانتظرت طويلا حتي جاء »ياسين« ورأيته في مطار القاهرة يمشي بجانب والدته بعد حضوره من كندا التي ولد فيها وحمل جنسيتها وقتها وقفت متلعثما مرتبكا لا اعرف هل اندفع اليه ام انتظره ليأتي اليّ!.. جئت له بخمسين قصة مصورة ذاكرتها كلها حتي اعرف كيف اثير انتباهه وانا ارويها وسيديهات والت ديزني وتوم وجيري، لكن ياسين لم يهتم بالقصص ولا سماع الحكي، عامان من عمره لم تدفعا فيه اكثر من الاهتمام بالقطط والكلاب والدجاج وسافر ياسين قبل ان اشعر بانني اصبحت بابا جدو، تركني لانتظر عودته عندما يصبح اكثر وعيا بقصصي واغنياتي.. واشد قدرة علي الذهاب معي الي المسجد.. لم يعد يكفيني ان اراه يكبر عن بعد من خلال الاسكايب.. ولكن ما حيلتي، ها انا انتظره! فريق في الجنة الأربعاء: الناس في الدنيا صنفان.. واحد يعيش علي الهوي والثاني يعيش علي الهدي.. والناس في الآخرة صنفان.. فريق في الجنة وفريق في السعير.. والذي يعيش حياة الاوامر والسنن في الدنيا يفوز بالجنة، انما الذي يعيش بطريقته وعلي مزاجه ويستهين بالطاعات ويهملها فهو من اصحاب السعير.. وكل انسان يختار لنفسه، العلماء اجمعوا ان قيام الانسان بتنفيذ الغاية التي خلقه الله لتحقيقها في الدنيا وهي التعرف علي الله وعبادته وشكر نعمته ودعوة الناس اليه يستلزم ان يكون لديه خمس وسائل.. هي السكن والطعام والشراب والكساء ثم القدرة علي الحركة والتنقل واخيرا الزواج.. وكلها وسائل ضرورية لتمكين الانسان من تحقيق الغاية التي خلقه الله لتحقيقها.. ولكن اهل الباطل نجحوا في استبدال الوسائل ووضعها محل الاهداف فاصبح اكبر هم في حياة كل انسان ان يسكن في افضل مكان ويأكل افضل الطعام والشراب ويتزوج اجمل النساء ويستخدم افخم سيارة او ركوبة وهكذا نشغل الانسان بالوسائل وجعلها هي غايات لحياته واختفت الاهداف وغابت وكأن الانسان موجود في الدنيا للتمتع واللعب واستكمال شهواته ورغباته.. وعند الموت فقط يدرك الحقيقة ويعرف انه استبدل وقدم امور الدنيا التي تفني علي امور الاخرة التي تبقي.. وقتها يصرخ نادما ويخاطب ربه قائلا: »ربي ارجعون.. لعلي اعمل صالحا فيما تركت« ولكن الاجابة تأتي من الله.. »كلا« فهي فرصة واحدة فقط لا تقبل التكرار واي فشل فيها ليس له اعادة للتحسين او الاستدراك. ميليشيات الفضائيات الخميس احيانا نحترم ذكاء لص رغم انه لص، بل ونصفق له لانه استطاع ان يرتكب عملية سطو ناجحة علي بنك حصين دون ان يسقط وانجح الافلام الامريكية تلك التي تصور عمليات من هذا النوع فحققت اعظم ايرادات في دور العرض، والتشبيه بالطبع مع الفارق لاننا ينبغي ايضا ان نصفق لميليشيات الاعلام الفضائي الذي نجح نجاحا منقطع النظير في تحقيق اهدافه بتسويد عيشتنا واصابتنا بالاحباط واليأس من امكانية نهوض مصر من كبوتها وفي نفس الوقت بقيت ايديهم نظيفة ومازالوا حتي الان يخرجون علينا وهم يرتدون مسوح الرهبان يتصعبون علي حال البلد بينما هم يطعنونه بالسكاكين ويريقون دمه علي مهل باعصاب هادئة ودم بارد تحت مزاعم حماية الثورة والحرية والنقاء وكشف المؤامرات التي تحاك لاخونة البلد! يبتسمون لنا وهم يلوون عنق الحقائق ويسلطون الاضواء علي اي مصيبة وكأن مصر بطولها وعرضها اصبحت خمسة شوارع فيها مظاهرات، ويتصيدون كل كلمة شاردة مجنونة بلا قيمة ليبنوا عليها ألف حكاية وحكاية تسد النفس، وتجيب غثيان من فرط الهيافة التي يتصدرون فيها من اول حكاية البلكيني لهدم الاضرحة وابو الهول ولفرض النقاب ومليون فزاعة اخري، وللاسف ابتلع كثيرون الطعم وهضموه بعد ان صدقوا السيدة الشعنونة التي اطلقوا عليها اسم »ام لهب« او السيدة صاحبة الطلة الملائكية التي تزغر للكاميرا ومتفهمش هي بتبص علي ايه وقد تخصصت بالقتل بالسم المدسوس في العسل او المذيع صاحب الابتسامة الصفراء الذي يسوق الهبالة علي الشيطنة او المذيع المشفر صاحب الصوت العالي الذي يبدل زملاءه السنيدة في البرنامج كما يبدل شراباته القديمة وكثيرون غيرهم من الذين اعتادوا الاكل علي موائدنا وسمموا عيشتنا واقسموا ان تمضي الايام والشهور دون ان يشعر الشعب بشيء واحد ايجابي يحدث علي الارض. وها هم يفعلون بنجاح يستحق ان نصفق لهم عليه! تري لو عرضنا عليهم الانتقال لقنوات اخري ليقولوا عكس الذي يقولونه ويحصلوا علي ضعف ما يحصلون عليه من اخر.. ماذا هم فاعلون؟! سودتم حياتنا وغرستم فينا اليأس ربنا ينتقم منكم!