الحوار ظاهرة انسانية عالمية ، وسنة إلهية ، نظرا لتفاوت البشر في عقولهم وأمزجتهم وأفهامهم ، ونتيجة للاختلاف في الرأي ، جاء الحوار وسيلة للوصول إلي الحق والصواب ، ووحدة الامة والتفافها حول مصالحها ومنهجها. وقد دعا الاسلام منذ ظهوره الي الحوار والتعايش بين البشر ، والدخول في السلم ونبذ العنف والتطرف والارهاب ، وحث علي الحوار بأسلوب هادئ ومتعقل ونظرة موضوعية للامور ، بهدف اظهار الحجة واثبات الحق ودفع الشبهة ، ورد الفاسد من القول والرأي ، وايجاد حل وسط بين الاطراف المختلفة بتقريب وجهات النظر ، وهذه سنة الله في خلقه ، اذ يزيل العداوة عندما يسلك المتخاصمون سبيلا حضاريا ، فتضيق هوة الخلاف بينهم ، ويزول ما في الصدور من حقد وكره ، ويحقق الالفة والمودة والوحدة والاتفاق علي الحق . وبالطبع فإن للحوار متطلبات لانجاحه ، منها توافر قدر كاف من المرونة لدي اطراف الحوار ، وتوقف مرونة أي شخص أو طرف علي طبيعته الشخصية ، ومرجعيته التي يستقي منها رؤيته للآخر ، ويحتكم إليها في خلافاته معه. والحوار لن يحقق نتائجه المنشودة الا اذا تجرد الانسان من انانيته ، وأيقن أن الكون الفسيح يمكن أن يسع الجميع ، اذا خلصت النوايا ، وتضافرت الجهود لبناء عالم يختفي منه العنف ، وتصان فيه الدماء ، وتتوقف فيه النزاعات والحروب ، ولكي نجري حوارا ناجحا فلابد من أن يكون المتحاورون صادقين مخلصين في الوصول الي اهدافهم ، والاستناد الي معايير يؤمن بها الطرفان . اننا في حاجة ماسة الي تنمية ثقافة الحوار فيما بينا ، بعمل ورش عمل للكل بمشاركة المؤسسات الدينية والرياضية والثقافية والتعليمية ، لنشر ثقافة الحوار وتفعيلها ، واشاعة ثقافة الحوار في المجتمع ، بحيث يكون الاسلوب الاكثر انتشارا والمعتمد في التخاطب بين جميع شرائح المجتمع.