تلقيت رسالة من أحد القراء الاعزاء تعليقا علي مقال سابق عن مكافحة الفساد انتهيت فيه إلي اقتراح الأخذ بنظام بطاقات توصيف للمهام المكلف بها كل موظف بشكل واضح في جميع المستويات، والفصل بين طالب الخدمة ومؤديها، والاهتمام بدور المؤسسة الدينية، وتوزيع كتيبات علي العاملين مقدمي الخدمات تتناول الحكم الشرعي وجزاء العمل علي اكمل وجه.. وقال صاحب الرسالة »إلا تري ان المقال تناسي موضوع ضعف رواتب الموظفين كعامل أساسي ومن أسباب الانحرافات؟ فأنا مدير إدارة حيوية باحد الاحياء بمدينة ساحلية، وبعد 71 عاما من الخدمة راتبي لا يتجاوز 037 جنيها، ويعلم الله مدي الاغراءات التي اتعرض لها لكي استغل وظيفتي للتربح.. ارجو ان تثير موضوع ضعف رواتب موظفي الاحياء وايجاد حلول لزيادة راتبهم بما يكفي لحياة كريمة«. وتعليقا علي الرسالة أسأل الصديق صاحبها كم هو المرتب الذي يوفر لك الحماية من غواية الشيطان؟ واستخدام اسلوب »الدرج المفتوح« وعاوزين نشرب شاي.. وفين مطالب الرجالة.. ان البعض جاءه اليوم ليطلق علي الرشوة إكرامية.. والاكرامية بالمليون!! نعم اعترف وأبصم بالعشرة ان المرتبات أصبحت لا تكفي الغلاء بعد ان ضرب ارتفاع الاسعار كل شئ ونحن احد الاسباب.. الفلاح هجر ارضه واقام عليها عمارات سكنية، والصانع لا يؤدي واجبه في العملية الانتاجية بأمانة، واصبح يستحل التوقيع وانتهاز فرصة الخروج لمقابلة الزبائن لاداء اعمال اضافية.. وتركت الدولة دورها واختلط الحابل بالنابل.. هناك من يؤدي عمله بأمانة ويصفه زملاؤه بأنه »عبيط«! وينهالون عليه بالأسئلة.. كيف تدفع الدروس الخصوصية لابنائك؟؟ مصاريف العلاج من أين؟ وزيارة الطبيب والاشعة والتحاليل بكذا.. الحياة صعبة صعبة.. ويستمر الحوار بين العاملين بالدولة احدهم يقول تخرجنا في كلية واحدة وفي سنة واحدة.. هو من حظه العمل في الوزارات المميزة مثل الخارجية والبنوك والبترول والكهرباء.. والطريف ان كل من يبعث لي برسائل بحثا عن فرصة عمل يطلب فقط واحدة من الجهات الأربعة بحثا عن المرتب المرتفع والحوافز ومكافآت نهاية الخدمة.. أما العمل بالحكومة هل من المقبول ان تجد مرتب الموظف المؤقت والذي يعمل منذ سنوات لا تقل عن خمس في حدود 003 جنيه أو 004 بالمكافأة التشجيعية. وأمام الغبن الواضح واختلاف الأجور وتباينها من جهة إلي أخري كان اللجوء إلي مجلس الدولة الذي قال ان المرتب يجب ألا يقل عن 0021 جنيه.. في الوقت الذي يطالعنا فيه الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية بارقام مشكوك فيها دون ان تكون لدينا خريطة لتوزيع الدخل حسب المؤهل والانتاج والكفاءة ودخلت وزارة التنمية الادارية الدوامة.. واجتمع المجلس الأعلي للأجور برئاسة الوزير وقرر الحد الأدني الشامل 004 جنيه للقطاع الخاص، وتعديل الحد الأدني كل 3 سنوات، بينما اتحاد العمال تمسك بمرتب 005 جنيه إلي ألف جنيه للعمالة الماهرة ورفض ممثلو العمال قرارات المجلس. ان الوضع الحالي من المؤسف شجع البعض علي استباحة وضع ايديهم في جيوب الآخرين بعد ان اختلت المعايير وانعدمت الضوابط خاصة في المحليات ومواقع الخدمات وهو ما جعل المواطن يلعن اليوم الذي يتوجه فيه إلي طلب خدمة حكومية رغم ما يتردد عن التطوير والتحديث. ان المنظومة يا سادة كلها »مضروبة« وتحتاج إلي جراحة ويقظة ضمير.