لكم أهمل الجيش المصري في حق نفسه وتاريخه، ضرب حول تاريخه القريب والبعيدستارا كثيفا. وطال ذلك أقرب الحروب، الاستنزاف والعبور في حرب أكتوبر، جيل كامل نما وهو لا يعرف شيئا عن الجيش. كان المفروض تدريس التاريخ الطويل للجيش المصري أقدم جيوش العالم، عندما قاد الملك مينا كتائبه وفرقه لتوحيد مصر كان يقود جنودا منظمين مدربين لهم نظمهم وأعلامهم. في القلعة متحف حربي رائع كان المفروض أن يكون موضوعا علي رأس رحلات وزيارات طلبة المدارس الابتدائية. نما جيل كامل بل أجيال لا تعرف شيئا عن التشكيلات والأفراد الذين ضربوا الأمثال بتضحياتهم.. لا يعرفون العقيدة العسكرية للجيش وأهمها علي الاطلاق ان الجيش المصري منذ تأسيسه في فجر التاريخ لم يوجه سلاحه ضد مصري، أي مصري، جيش مينا وأحمس وتحتمس (عبر سيناء أكثر من سبع عشر ةمرة علي قدميه لتأمين الحدود بعد هزيمة الهكسوس) وأحمد عرابي الذي وقف في مواجهة الخديو توفيق ليقول له جهارا: »لقد ولدتنا أمهاتنا أحرار ولن نستعبد بعد اليوم«، حتي جمال عبدالناصر، وأنور السادات الذي اتخذ قرار الحرب، تعتيم كامل ساد لعدة سنوات سببه التركيز علي حدث واحد (الضربة الجوية) حتي أضر هذا التركيز بسلاح الجو نفسه، رغم كل الأخطاء المتبادلة بعد ثورة يناير، ظلت مكانة الجيش في ضمير الشعب المصري، كذلك تقديره واعتباره ملاذا أخيرا عندما تلوح الأخطار الجسيمة من الخارج ومن الداخل. وانني لأتوقف أمام ظاهرتين. الأولي اقدام مجموعة من شبابنا بجهود ذاتية تماما ماديا ومعنويا علي تسجيل معارك الجيش ومعالم ما جري خلال حربي الاستنزاف وأكتوبر، والأسبوع الماضي بدأ نشاطهم لانتاج فيلم طويل وثائقي عن (الصاعقة) وبدأوا بجلسة طويلة مع مؤسسها الفريق جلال هريدي يوم الثلاثاء الماضي، وسوف أتوقف طويلا عند هؤلاء الشباب الذين أقدموا علي ما لم يقدم عليه الجيش نفسه، أما الظاهرة الثانية فهي مشاركة مئات المحاربين القدماء ومعظمهم من الضباط في مظاهرات احتجاجية شاركت في بعضها، جوهرها احتجاجهم علي ما وصلت إليه الأوضاع في مصر أتفهم تماما دوافعهم، فلم يحاربوا ولم يستشهد زملاؤهم لنصل جميعا إلي ما نعيشه الآن.