محافظ أسوان يتابع انطلاق العام الدراسي الجديد في مدارس الفترتين.. صور    أسعار الذهب اليوم السبت 20 سبتمبر في منتصف التعاملات    زراعة بني سويف: مساحة القطن المنزرعة بالمحافظة خلال العام الجاري 7043 فدانا    وزير الري يتفقد مشروع تنمية جنوب الوادي بمحافظة أسوان    أمل الحناوي تقاطع كاتبَا أمريكيا وصف حماس ب«الإرهابية»    الناتو يعتزم استخدام نظام تركى للمراقبة الجوية بعد التوغلات الروسية    طالب ترامب بعزلها وترحيلها للصومال.. من هي إلهان عمر عضوة الكونجرس؟    غياب بنزيما.. تشكيل اتحاد جدة الرسمي أمام النجمة في الدوري السعودي    مصطفى محمد يقود هجوم نانت أمام رين بالدوري الفرنسي    سلوت: إيفرتون لم يكن خطيرا أمامنا.. وتحلينا بالصلابة ضدهم    الحبس والغرامة للبلوجر بوبا اللدغة بتهمة نشر فيديوهات خادشة    تفاصيل انفصال أحمد مكي عن دكتورة التجميل مي كمال الدين    المخرج أكرم فريد يقدم ورشة مجانية للمواهب الشابة ضمن مهرجان بورسعيد السينمائي    فستان جريء.. كيف نسقت نيكول سابا إطلالتها في أحدث ظهور؟    السكرتير المساعد للأقصر يشهد الحفل السنوي لدار اقرأ بالبعيرات لتكريم حفظة القرآن الكريم    مصطفى عسل وهانيا الحمامي يتوجان ببطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025    وزير الثقافة ينعى مجدي قناوي المدير السابق للأكاديمية المصرية بروما    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    «الصحة» تبحث التعاون مع مستشفى رينجي الصينية بمجالات التكنولوجيا الطبية    بهدية صلاح.. ليفربول يتقدم على إيفرتون في الديربي    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    رامي ربيعة يعود للتشكيل الأساسي مع العين بعد غياب 3 أسابيع    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    حملات موسعة لإزالة الإشغالات واستعادة المظهر الحضاري بشوارع الزقازيق    واقعة قديمة.. الداخلية تنفي مشاجرة سيدتين بالشرقية    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    "كان بيعدي الطريق".. مصرع طالب بالعلاج الطبيعي في حادث مأساوي بالقليوبية    تحذيرات من النظر.. كسوف جزئي للشمس غدا الأحد (تفاصيل)    المشدد 7 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لمتهمين بالاتجار فى المواد المخدرة بقنا    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    ترامب: نجري محادثات لاستعادة قاعدة بغرام بأفغانستان.. وإعادة تأسيس وجود عسكري أمريكي صغير هناك    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    إزالة 11 حالة تعد على الأراضى الزراعية ب5 قرى بمركز سوهاج    "مش قادرة أقعد وشايفاكم حواليا" رسالة موجعة لفتاة مطروح بعد فقدان أسرتها بالكامل (فيديو)    بالصور.. السفير بسام راضي يفتتح الموسم الثقافي والفني الجديد للأكاديمية المصرية بروما    التضامن: التدخل السريع تتعامل مع 156 بلاغا خلال الأسبوع الثاني من سبتمبر    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    ماذا يعلمنا دعاء الوتر؟.. رئيس جامعة الأزهر يوضح    دليل مواقيت الصلاة اليومية اليوم السبت 20 سبتمبر 2025 في المنيا    أجواء احتفالية أثناء استقبال الطلاب في أول أيام العام الدراسي الجديد بجامعة أسيوط    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    وزير الصحة يبحث مع مسئولي هواوي التعاون في التكنولوجيا الطبية    طريقة عمل العيش الشامي في البيت، توفير وصحة وطعم مميز    ليفربول ضد إيفرتون.. محمد صلاح يقود هجوم الريدز فى ديربي الميرسيسايد    خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    الأردن يفوز بعضوية مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية    من كنوز الفراعنة إلى سبائك الصاغة.. حكاية الأسورة الضائعة من المتحف المصري    9 محظورات للطلاب بالعام الدراسى الجديد.. تعرف عليها    مدبولي: وجود بنية أساسية متطورة عامل رئيسي لجذب الاستثمارات في مصر    «التخطيط القومي وجهاز المشروعات» يوقعان اتفاقية مع الأمم المتحدة لدعم الاقتصاد الأخضر    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    الرئيس السوري: اتفاق مع إسرائيل بوساطة أمريكية قد يوقع خلال أيام    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    البرلمان العربي يرحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية في قطاع غزة    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات قصيرة
مُتلازمة استوكهولم
نشر في الأخبار يوم 03 - 02 - 2013

الاقتحام مفاجئ، مُخيف، يهز أرجاء المكان، الأسلحة مُشهرة في وجه الجميع، أوامر المقتحمين خشنة مدوّية، تُصدر التعليمات للحضور بالانبطاح أرضًا.
صيحات الجميع مُرتعدة كأنها تخرج من أحبال صوتية إضافية، الصياح يتحول إلي صراخ ملتاع، وجِل؛ الأوامر تتكرر بنبرة حادة: انبطحوا وإلا هلكتم جميعا.
الأقدام تنفذ دون انتظار لإشارات من المخ، الجميع ركوع، الأيادي أعلي الرؤوس، اليمني فوق اليسري، الصراخ يهدأ، يغدو بكاءً، الدموع تثير أعصاب الجناة، فتأتي الأوامر بالخشوع، يصير البكاء نحيبا مكتوما، تعلو همهماته بين الحين والآخر.. المجرمون يفرضون السيطرة، يضعون الشروط، وأصحاب المكان في انبطاحة مؤلمة، موجعة للكبرياء.
ليل داخلي.. اليوم الثالث، لا انبطاح الآن لأي محتجز، الرهائن يمارسون طقوس حياتهم رغم الحصار والاحتباس، السلاح متروك أمامهم دون حارس من المقتحمين، الامتثال فقط هو سيد الموقف لأوامر ربما لم تصدر!!
نهار خارجي.. النجدة تُحكم سيطرتها علي الموقف، تُؤمن خروج الرهائن بعد احتجاز ستة أيام دُرست خلالها مخاطر المجازفة لتحرير الرهائن، المكان مُحاصر والهلع يُصيب الجميع، رهائن وجناة.
نهار داخلي.. الصراخ يعود للمكان، أطراف الرهائن يكاد يُسمع صوتها من الارتعاد، الجناة يبحثون عبثاً عن سلاحهم المهمل منذ الانصياع.. المناشدات بالخروج تصل للداخل عبر مكبرات الصوت، الجميع يتمسك بالبقاء، حاجزًا ومحتجزًا!!
الكل في سلسلة واحدة، اختلط الجاني بالمجني عليه، محاولات النجدة مضنية لتفريغ المكان، الكل يخرج أخيرًا بعد الإقناع، الرهائن يُدافعون عن محتجزيهم باستماتة، يتعلقون بهم في سابقة هي الأولي!!. هذا ليس شريطًا فيلميًّا عسلي اللون، ولا قصة خيالية، هي حادثة حقيقية وقعت في بنك كريديتبانكين في عاصمة السويد ستوكهولم، ولغرابة سلوك الرهائن أسست لمرض نفسي جديد عرفه علماء النفس بمتلازمة ستوكهولم، وحدثني عنه صديقي د. عمرو عثمان أستاذ الإدارة بالجامعة الفرنسية، عندما تناقشنا في فكرة استعذاب الألم والانصياع من دون أوامر والارتباط بالجاني.
وشرح لي أنه عندما تكون الضحية تحت ضغط نفسي كبير، فإن نفسه تبدأ لا إرادياً بصنع آلية نفسية للدفاع عن النفس، وذلك من خلال الاطمئنان للجاني، خاصة إذا أبدي الجاني حركة تنم عن الحنان أو الاهتمام حتي لو كانت صغيرة جدًّا فإن الضحية يقوم بتضخيمها وتبدو له كالشيء الكبير، وفي بعض الأحيان يفكر الضحية في خطورة إنقاذه، وأنه من الممكن أن يتأذي إذا حاول أحد مساعدته أو إنقاذه، لذا يتعلق بالجاني، وعلي الرغم من قدم المرض الذي عُرف في العام 1973 الا أنه لايزال يُطاردنا في عوالمنا المتأخرة حتي اليوم.
غربة
رتب دفاتره بعناية فائقة، ربما لم تحدث من قبل، الأكبر في الأسفل والأقل حجمًا طولًا وعرضًا إلي أعلي، من يدري لعلها المرة الأخيرة له هنا في هذا المكان، لملم مقتنياته، قدّاحته المعدنية ذات البكرة الخشنة، هنا في جرابها الجلدي الأنيق، حافظته الصغيرة في جيبه الخلفي من ناحية اليمين لعله يُسأل عن أوراقه، علبة سجائره الفاخرة صاحبة العلامة الأجنبية التي تحمل ثلاث كلمات لاتينية مُبهمة للجميع "Vini Vidi Vic « قرر المغادرة أخيرا إلي حيث لا يعلم للمرة الأولي، لكنه سيذهب، ربما هرباً من شعور طرأ مؤخرا، قد يجئ يوم ويصبح إحساسه الجديد ذكري هو الآخر، سحب الباب بمشط قدمه من الخارج، أعاقته أحماله عن جذبه رغم فروغ يده، صريرًا قديمًا أصدره الباب، قبل أن يبيت لسان الباب في جُحره، عاد ثانية يتفحص المكان بتفاصيله، مؤكد سيفتقده، الذكريات هنا في كل ركن ركين، كل ذكري تحمل خاطرة، أو موقفًا أحيانًا.
دراجته الصدئة ذات العجلات الثلاث، هنا ترقد رعونة الطفولة، سلسلته الفضية التي طالما عبثت بشعر صدره، مُلقاة هي الأخري في أحد الأرفف المهجورة، وتلك أيام الفحولة والشباب، طاف المكان ملتصقًا بجدرانه، يبحث عن رائحة ما، ربما رائحة الرطوبة، هي الأخري لها ذكريات عصيّة علي النسيان.. اغتراب داخلي أصاب كبره، لم يرد في ذكرياته وألبومه الذاتي، جمع ما استطاع ولاذ فارًّا من محبسه القديم، الي أين؟ إلي حيث تئن أقدامه، والأفكار تتعارك برأسه والغربة تفرض نفسها، ماذا أصابه؟، يسأل نفسه، والإجابة غائمة.
أي غربة تلك التي حلّت بداخله، وكيف يمكن وهو محصن بكل هذه الذكريات الجميلة!!
طاف سارحًا في ملكوت بعيد أو هكذا تصوّر، ومعه عقارب ساعته، تسأل في كل محطة عن موعد التوقف، أعلنت إجهادها، نبضه أسرع من دقات عقرب الثواني، كاد لهاث حذائه يُسمع الجميع، أخيرًا توقف ليجد نفسه أمام بابه ذا المزلاج الحديدي أسير المجري العتيد، عاد مرة أخري لخلوته، الاغتراب في حضن الذكريات أهون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.