العرب لا يقرأون.. هذه معلومة لم تعد جديدة وقد كُتبت عشرات المقالات حول هذه الظاهرة التي ينفرد بها العرب عن سائر الأمم.. والأرقام المتداولة من خلال دراسات واستطلاعات اليونسكو أصبحت معروفة ومخجلة.. معدل ما يخصصه العربي للقراءة سنويا هو عشر دقائق!. كل 20 عربيا يقرأون كتابا واحدا بينما يقرأ كل إسرائيلي سبعة كتب سنويا.. ويبلغ حجم سوق النشر في العالم العربي حوالي أربعة ملايين دولار سنويا.. بينما في دول الاتحاد الأوروبي حوالي 12 مليار دولار سنويا..! يقرأ الأمريكي في المعدل 11 كتابا في العام وفي بريطانيا يتجاوز الرقم سبعة كتب سنويا.. ولا يوجد شارع رئيسي في لندن إلا وبه مكتبة.. إضافة إلي أكشاك بيع الصحف والمجلات.. والناشرون الكبار في العالم يشاركون في عشرات المعارض العالمية للكتب مثل معرض فرانكفورت ويعقدون صفقات بمئات ملايين الدولارات لبيع حقوق النشر والترجمة وتحويل النصوص إلي أفلام سينمائية وتجارية.. بينما يعاني الناشرون العرب ويعترف معظمهم بأن معارض الكتب العربية تخسر وأنه لولا بعض الأسماء الكبيرة التي لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليدين من أمثال نجيب محفوظ ومحمود درويش وأحلام مستغانمي وجمال الغيطاني ويوسف زيدان وغيرهم قلة لما كانت لدينا صناعة نشر وتوزيع تجارية.. إنه وضع يدعو للرثاء ويعبر عن واقع التخلف الذي نعيشه.. اسألوا صاحب مكتبة عن أنواع الكتب التي يطلبها الناس لتجدوا أنها في معظمها كتب طبخ وتنجيم وغيبيات!.. هناك عداوة بيننا وبين الكتاب.. وكلما انتهي فصل دراسي احتفل الطلاب بتمزيق كتبهم علي اختلافها! أتذكر كل ذلك بينما تفيض ذاكرتي بمشاهد مختلفة من رحلاتي في أوروبا وأمريكا لركاب قطار أو طائرة أو حتي من ينتظرون علي محطة الأتوبيس وهم منكبون علي قراءة كتاب.. القراءة عندنا اختزلت في مواقع الفيس بوك والتويتر.. بينما يقال إن الذين سيرثون العالم هم العارفون والمطلعون.. وشتان ما بين التدوين والتعليق علي موقع تواصل اجتماعي ونظرة سريعة علي عناوين صحيفة الصباح.. وبين قراءة كتاب علي مدي أيام والاستمتاع بهذه التجربة الوجدانية الفريدة!.