أطلقت عودة الرئيس المصري حسني مبارك الي وطنه موجة عارمة من الاطمئنان في الاوساط كافة التي يهمها استقرار وازدهار مصر، فحسني مبارك هو صانع هذا الاستقرار، عبر اطلاق عجلة التنمية وارساء العلاقات المتينة مع مختلف دول العالم، اضافة الي تحقيقها مكانة دولية مرموقة جعلت من مصر حجر الزاوية في العقود الاخيرة، وكل ذلك كان عبر اختياره الطريق الصعب في العمل الشاق من اجل رفعة مصر، بعيدا عن الاغترار بالزعامة ومن دون ان تشغله الشعارات عن هموم المواطنين. لقد اعتدنا ان نري الرئيس مبارك متابعا بدقة لكل الشئون المصرية والعربية والدولية من دون كلل او تعب، ولهذا يمكن القول ان رحلة العلاج في المانيا لم تكن فترة نقاهة، فلقد شاهدناه متابعا لكل صغيرة وكبيرة في بلاده، بالاضافة الي الاتصالات الدائمة مع الزعماء العرب تحضيرا للقمة التي عقدت اخيرا في ليبيا، وهذه من شيم الزعماء الذين يصنعون تاريخ امتهم بعيدا عن بهرجة الشعارات ومسيرات التأييد التي نراها احيانا تندلع في بعض العواصم من دون اي داع، انما الرئيس مبارك علي العكس من ذلك، رفض كل الاحتفالات بعودته ورفض نشر الاعلانات في الصحف، وقال لمن حوله: اتركوا الناس تعبر كل حسب امكانياته، لانه يعلم تماما ان الفرحة الحقيقية في المزيد من العمل من اجل مصر وليس في هدر الوقت والمال. ان الدور المصري الاستراتيجي يتجلي في الكثير من المحطات العربية والدولية، ففي العقود الاربعة الماضية استطاعت القاهرة ان تحقق الكثير من الانجازات ليس في المجالات التي تختص بمصر وحدها، انما علي صعيد استقرار الشرق الاوسط، ويسجل التاريخ للرئيس مبارك دعوته لاخلاء الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل، والسعي الدائم لمساعدة الفلسطينيين علي نيل حقوقهم، بل اكثر من ذلك الجهد المضني من اجل تحقيق المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية رغم كل المهاترات والتسويف الذي تتعمده بعض الاطراف الفلسطينية المرتبطة بأجندات اقليمية مشبوهة. يدرك الرئيس مبارك ان صناعة السلام الحقيقي تكون من خلال ترسيخ الاستقرار في الدول المعنية به، ورد الحقوق الي اصحابها التاريخيين، ولذلك عمل علي ارساء مبادئ ديبلوماسية بحجم المكانة المصرية في العالمين العربي والاسلامي. وبناء علي ذلك يدرك الجميع، في مصر والخارج، ان الرئيس المبارك لا يزال حاجة استراتيجية لمزيد من الاستقرار في مصر والمنطقة بعامة، ولذلك فان الشعب المصري يتعاطي مع هذه القناعة من خلال الادراك السليم لمعني القيادة الحكيمة الواعية لمتطلبات مستقبل الشعب والامة، واستنادا الي ذلك يمكن فهم الاهمية الكبيرة التي توليها اوساط المراقبين لكل نشاط او موقف، او حتي اطلالة للرئيس مبارك، وبالقدر ذاته يمكن تفسير القلق الذي تثيره اي وعكة صحية بسيطة تلم به، لان هذه القيادة المصرية والعربية التاريخية لا تصنع فقط الحاضر انما هي تعمل بجهد من اجل صناعة المستقبل عبر ترسيخ الامان والتنمية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في اكبر حاضرة عربية وافريقية. حين يكون الارتياح والترحيب الشعبي والرسمي، المصري والعربي، بعودة الرئيس مبارك سالما معافي الي مصر بهذا المستوي فان ذلك يدل علي مدي الرمزية التي يمثلها الرجل في الوجدانين المصري والعربي، ومدي المحبة التي يتمتع بها بين شعبه، والتي صنعها بمناصرته الدائمة لكل فئات المجتمع وعمله الدائم علي تحسين ورفع مستوي معيشة الطبقات الدنيا، وخصوصا الفلاحين المصريين، واهتمامه بتنمية الانسان قبل تنمية العمران. ان الفرح الشعبي الكبير الذي عبر عنه كل مصري وعربي بطريقته الخاصة بعودة الرئيس مبارك هو مبايعة جديدة علي زعامته التاريخية، وهي بداية اخري لمصر التي حتما ستبقي وفية لهذا الرئيس الكبير.