سعادة المستشار الجليل.. هذه رسالة من مواطن مصري بسيط، إلي واحد من كبار شيوخ القضاة المحترمين، مواطن يعلم قدر وتاريخ ومبادئ من يخاطبه، ويقدر جهده وصبره وتحمله، لكي يتم رسالته الوطنية والتاريخية، في إعداد دستور مصر الحرة الجديدة. سعادة المستشار.. الشعب المصري بجميع فئاته ورموزه الحقيقية يدرك ويقدر حجم الجهد الذي تبذله الآن الجمعية التأسيسية، وفيها صفوة العلماء والخبراء والشرفاء، من أجل تقديم أفضل ما لديهم لإعداد دستور يليق بهذا الوطن الحر، والشعب المصري يثق في قدرة أعضاء الجمعية علي تحقيق الحلم الوطني، وإعداد مصر لمرحلة البناء والاستقرار وصناعة النهضة، ويدرك كذلك حجم التحديات التي تواجه مصر الآن، ويأمل أن تنتهي الجمعية سريعا من إعداد الدستور الجديد. سعادة المستشار.. إن تهديدات بعض أعضاء الجمعية التأسيسية بالانسحاب وعدم إكمال المهمة الوطنية، ينظر إليها الشعب بقدر كبير من الريبة، وبقدر أكبر من الخوف علي المستقبل، وما بين دعاوي قضائية مرفوعة ضد استمرار الجمعية، وما بين محاولات البعض الآخر إضاعة الوقت وإفشال عمل اللجنة، وسط مناخ إعلامي وسياسي فاسد، كل ذلك يدعوك لمعالجة أمور اللجنة بالقانون الصارم، واستبدال من يرغبون سريعا في ترك اللجنة، بآخرين من الأعضاء الاحتياطيين. سعادة المستشار.. الشعب المصري في ربوع الوطن ضاق ذرعا من طول مدة إعداد الدستور، ومن كثرة المماحكات والمماطلات التي يقوم بها نفر من المحسوبين علي النخبة، وهم لا يمثلون إلا أنفسهم، ويشعر كثير من المواطنين بالإستياء والسخط والإحباط من ازدياد محاولات التعطيل والعرقلة في أمور وقضايا ووجهات نظر لا تستدعي ذلك أبدا، وبالتالي فالمطلوب أن نتجاوز هذه الأزمات، ونعيد الأمور إلي نصابها، وإعطاء الشعب حقه في أن يقرر ما يريد. سعادة المستشار.. الشعب المصري كله يدرك ويعي جيدا أن هناك من يسعي لإفساد أي خطوة إلي الأمام، وأنه كلما اقترب موعد عرض مشروع الدستور الجديد للاستفتاء العام، كلما زاد هرج ومرج وصراخ تيارات بعينها، وزاد أيضا من صخب القوي التي لا تريد الأمن والاستقرار لهذا الوطن، وما يوفره ذلك من استثمارات ومشروعات وخدمات جديدة، تخرج بها مصر من أزمتها الاقتصادية، ويتحسن بها دخل المواطن، ولا سبيل لذلك إلا بإقرار الدستور الجديد سريعا. سعادة المستشار.. كلما زادت فترة عدم الاستقرار التي نعيشها منذ قرابة العامين، كلما زادت المظالم والكوارث والآلام التي يعيش فيها الناس، وكلما زاد اليأس والإحباط والاكتئاب داخل المجتمع المصري، والشعب يريد نهاية سعيدة لكل ما يحدث الآن، يريد استكمال بناء مؤسسات الوطن، ويرجو الإسراع بالتصويت علي مواد الدستور الجديد، بعد أن أخذت هذه المواد الوقت الكافي وزيادة للحوار والنقاش والجدال، وأي تأخير أو تعطيل أو تسويف سوف يدفع الوطن إلي كارثة. سعادة المستشار.. أقول وكلي أمل ورجاء: إن الشعب المصري ينتظر منكم الانتهاء من أعمال الجمعية التأسيسية في أقرب وقت ممكن قبل نهاية نوفمبر الجاري، لأن التأخير قد يدفعنا إلي المجهول، وأن تتقدموا بالصيغة النهائية لمشروع الدستور إلي السيد رئيس الجمهورية، ليقوم بدوره بتحديد موعد الاستفتاء العام. وبعد أن يقول الشعب كلمته الحرة، ويقرر ما يشاء في حق هذا الدستور الجديد، نبدأ جميعا في إعادة بناء وترتيب أوضاعنا ومؤسساتنا، ونشعر جميعا بأن مصر بدأت تخرج من حالة الفوضي والانفلات إلي حالة البناء والاستقرار والنهضة، ونشارك جميعا في قيادة الوطن إلي الأمام، وعندها سوف ننعم بالحرية والكرامة التي نحلم بها.