الأفكار المختلفة، والبدع الصادمة، لم تكن تحظي بعيون تراها أو آذان تسمعها، لولا عصر تدفق المعلومات الذي نعيشه حالياً، وأعطي الفرصة لأي شخص أن يقول كل ما لا يخطر علي بال أحد، مما يستفز السامعين والمشاهدين فيسارعون بالرد عليه والسخرية من جهله، وتعصبه، وسخافة ما قاله أو كتبه. ويري الكاتب الأمريكي "وليام ساليتان" أنه لولا عصر الإنترنت لما سمع أحد عن الفيلم البذئ الذي أساء إلي نبي المسلمين. والنصيحة التي انتهي بها مقال الكاتب هي ضرورة تجاهل ما يبثه المغمورون من الجهلاء المتخلفين كأبلغ رد عليهم، بحرمانهم من الشهرة التي يسعون إليها، والتربح من ورائها. وأتصوّر أن تلك النصيحة يمكن الانصات إليها بالنسبة لخزعبلات البعض، لكن من الصعب في الوقت نفسه الصمت عن بعضها الآخر. ومن "الصنف" الأخير صعقتنا "فتوي" الشيخ مرجان الجوهري" الذي لم نسمع اسمه من قبل والداعية إلي هدم وتفجير آثارنا المصرية الفرعونية بدءاً ب : الأهرامات وأبو الهول قد يري البعض أن ما قاله الشيخ مرجان هو رأيه الشخصي الذي لا يحاسب عليه، لكنني أثق أن حرية الرأي لا تنطبق علي تلك "الفتوي". فصاحبها يقدم نفسه ك :قيادي في "السلفية الجهادية". والأخطر أنه لم يكتف بطرح اقتراحه الشخصي وإنما اعترف بصيغة الجمع قائلاً:"إننا هدمنا تماثيل بوذا في أفغانستان، وسنهدم أيضاً الأهرامات وأبو الهول" لا نعرف إذا كان ما قاله يعني أنه كان أحد المشاركين أو المنظرين أو المؤيدين عن قرب في هدم التمثالين العملاقين في أفغانستان، أم أنه كان مهللاً عن بعد لهدم هذا الأثر الإنساني العالمي؟! الذي يهمنا هنا هو أن الشيخ مرجان لم يتراجع عن مخطط جماعته. لم نسمعه يتهم الإعلام بتحريف كلامه والتشهير به. لم يهدد برفع دعوي قضائية ضد هذا الإعلام المحرّف والمنحرف. علي العكس رأيناه يكرر ما قاله، ويحلل تفجيراته وهدمه لآثارنا التاريخية، عندما استضافه الإعلامي المتميز الزميل وائل الإبراشي في برنامج "العاشرة مساء" الذي خصص فقرة منه لمناقشة تلك الفتوي الصادمة، الصاعقة، لكل من سمع عنها في العالم كله وليس في مصر وحدها. قال الشيخ مرجان إن هذه الآثار من عجائب الدنيا المعدودة مجرد أصنام، أوثان. ووصف العاملين في قطاع السياحة يقدر عددهم بالملايين بأنهم " يحرضون علي الفسق والدعارة"! لسوء حظ الشيخ مرجان أن أحد العاملين في السياحة الخبير السياحي الدكتور خالد المناوي كان ضيفاً هو الآخر علي البرنامج، فلم يتحمل ما سمعه وسارع بالرد قائلاً نقلاً عن موقع "البداية" [كنا نتمني يا استاذ أن تحدثنا عن مكارم الاخلاق بدلا من ان تحدثنا عن هدم الاهرامات وابو الهول. ودعني اسألك : " من أعطاك من علماء الأزهر لقب شيخ حتي تقول هذا الكلام الذي أثر علي سوق السياحة وسمعة مصر محليا وعالميا لان الاسلام انتشر بالكلمة الحسنة والموعظة الطيبة؟!]. لم يهتز الشيخ مرجان أمام هذا الرد المفحم. ورد عليه زاعماً: "نحن ندعو إلي تطبيق الشريعة الإسلامية كاملة". وهو القول الذي لم يتجاهله الزميل وائل الإبراشي فقال معترضاً:" هذا هو التفسير المتطرف والمتشدد للشريعة يا شيخ مرجان"، فثار مرجان علي الإبراشي ووجه إليه سيلاً من الاتهامات والتهديدات.. وللحديث بقية.