وأخيرا تصير ارض سيناء ملكا لسكانها السيناويين بعد سنوات طويلة من التجاهل والنسيان، وتصبح الارض بالتمليك لمن يعيشون عليها من اهل سيناء الذين ظلوا غرباء عنها وحتي بعد تحريرها من الاحتلال الاسرائيلي رغم انهم يقيمون عليها ويسكنون بيوتها التي قاموا ببنائها بدون سند الملكية.. وظل مطلبهم الاساسي هو تملك الارض التي يعيشون في جبالها وصحاريها. رغم انعدام التعمير وصعوبة الحياة ولا يجدون اي اهتمام او استجابة من الحكومة علي مدي ستين عاما لمطلبهم العادل.. وكأنما سيناء ليست جزءا من الوطن الام وكأنما اهلها وقبائلها ليسوا مصريين! هكذا كان الحال وهكذا ظلت الشكوي التي اسمعها من شيوخ القبائل وعواقلها ولايجد مبررا لهذا الاهمال والنسيان رغم ان سيناء هي بوابة مصر الشرقية وابناءها هم حراس الحدود الذين يقيمون علي ارضها وكانت لها مطمع الجار الاسرائيلي في كل الحروب التي شنها منذ العدوان الثلاثي. وقد بدأ الاهتمام الاول بسيناء في عهد الرئيس عبدالناصر لخدمة القوات المسلحة المنتشرة في العريش ورفح والتي تمثل خط الدفاع الاول وحدث ما حدث في حرب 65 وحرب 76 عندما اضطرت القوات المصرية للانسحاب من سيناء اثر الهزيمة، ولكن السيناويين ظلوا علي ولائهم للوطن الام في سنوات الاحتلال رغم محاولات الموساد لتجنيد شبابها في ظروف البطالة التي يعانون منها.. وكانوا يعتقدون انهم سيجدون المقابل بعد اكتوبر. ولكنهم وجدوا التجاهل من الحكومة لمطالبهم في تملك الارض علي مدي ثلاثين عاما وكانت مشروعات التعمير محدودة من جانب بعض المستثمرين في العريش وفي منطقة منجم الذهب في السكري.. وكان من الطبيعي ان تنتشر البطالة ويضطر بعض الشباب للانضمام الي المجموعات السلفية والجهادية، وكان من الطبيعي ان ينخرطوا في عمليات التهريب التي تتم الي قطاع غزة عبر مئات الانفاق ومنها تهريب الاسلحة وتخزينها في جبل الحلال قرب الشيخ زويد وفي مناطق وعرة شرق العريش لحساب المجموعات الجهادية ويقال ان لها اتصالا بتنظيم القاعدة وصارت تشكل خطرا علي الامن القومي وتأمين الحدود. ولذلك لابد من الاسراع في تنمية سيناء وقد كانت نقطة البداية ان قامت بها حكومة الدكتور الجنزوري عندما رصدت 052 مليون جنيه ميزانية لتنفيذ المشروعات العاجلة في سيناء وتشغيل الشباب وكذلك استكمال البنية التحتية التي بدأت اقامتها قبل الثورة في الشمال والجنوب لاجتذاب المستثمرين وهناك عدد من المشروعات الصغيرة وتم وضع ضوابط للاستثمار الاجنبي في ارض سيناء.. وقد تضاعفت الميزانية المرصودة لتنمية سيناء الي مليار جنيه لاقامة مشروعات كبري في الوسط حيث تتوافر مصادر التعدين في الجبال وكذلك الاراضي الصالحة للزراعة في الشمال ويبقي الاسراع في تنفيذ تلك الخطة وهناك العديد من المستثمرين الذين يستعدون للاسهام في هذه المشروعات كما حدث في المشروعات السياحية في شرم الشيخ. لقد بدأت الحكومة مؤخرا بداية جادة لحل مشاكل ابناء سيناء المزمنة، أقر الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الآلية التنفيذية لتملك السيناويين لاراضيهم وتيسير الاجراءات لهم، وحيث سيتم السماح للاستثمار المصري الكامل بتملك الاراضي اللازمة لمشروعاتهم اما الاستثمار المشترك فانه يتم اتاحة اراضي له بحق الانتفاع.. وقد تم بحث طرح 08 الف فدان للزراعة والاستصلاح وهي خطوة جادة . ان اهل سيناء يعتبرون انفسهم حراس الحدود ومن حقهم انهاء عزلتهم وتعويضهم عن الحرمان الطويل من التنمية ومشروعات التعمير والاستفادة من المعادن الموجودة في ارضهم.. وفي نفس الوقت لابد من ضبط الاوضاع الامنية حتي يطمئن المستثمرون ويتجهوا بمشروعاتهم لتعمير سيناء صناعيا وزراعيا.. ولكن النظرة الامنية التقليدية التي كانت سائدة تجاه اهل سيناء يجب ان تتغير تماما وتكون هناك قنوات اتصال مفتوحة لتفهم مشاكل الشباب السيناوي الذي يعاني من البطالة وابعاده عن تلك الجماعات الجهادية التي تحاول السيطرة علي مناطق الحدود واجتذاب الشباب.. ويمكن الاستعانة بشيوخ في القبائل وعواقلها.. ومن قبائل سيناء الكبيرة.. السواركة والترابينز والقياهة وقبيلة المساعيد في شمال سيناء وتسيطر علي المنطقة التي تضم جبل المنارة، وكذا الجنجافة والتمد.. وغيرها من القبائل التي تسعي لاقرار الاستقرار الامني في سيناء!. ان السيناويين يريدون تملك اراضيهم حتي لا يشعروا انهم غرباء عليها وحتي يطمئنوا علي مستقبل اولادهم وفي ذات الوقت حتي يسهموا في المشروعات الزراعية والصناعية وتصبح تنمية سيناء وتعميرها حقيقة واقعة!.