صبرى غنىم - كون ان يقرر الدكتور احمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب أيام النظام السابق اعتزال السياسة، ويطلقها من حياته بالثلاثة.. فهذه دلالة علي ان الرجل لا يريد ان يزج باسمه فيما يطلق عليه بأي تخطيط أو تكتيك للثورة المضادة.. فالرجل أكبر من أن يستثمر اسمه في تحميله مساوئ النظام السابق. - الذين يعرفون فتحي سرور عن قرب يعرفون ان قرار تطليقه للسياسة لم يأت بعد وفاة الحزب الوطني لان القرار كان في داخله منذ سنوات ولذلك كان أيام النظام السابق من المتمردين علي الحزب وبدا واضحا عليه انه "ارفان" من شطحات الحزب ضد المعارضة ولذلك كنا نراه يناصر أحزاب المعارضة علي الحزب داخل جلسات مجلس الشعب، والإخوان انفسهم يشهدون علي مواقفه معهم في الحوارات الساخنة حيث كان يعطيهم فرصة استجواب الوزراء ولم يضع في اعتباره أنهم سيركبون الحكم في يوم ما.. ولان الرجل بطبيعته ابيض في داخله فقد كان متعاطفا مع الإخوان بسبب اضطهاد النظام لهم ومنهم من كان صديقا له، واذكر موقفا رائعا للإخوان مع سرور عندما منعوا نزول أحد منهم أمامه في دائرة السيدة زينب بل ان تعليماتهم لأعضاء الجماعة المقيمين في دائرته الانتخابية ان يعطوه أصواتهم وفعلا كان سرور يحقق نتائج في الانتخابات باكتساح، وللحق ان صناديقه الانتخابية لم تشهد أي لغوصة أو تزوير لاكتسابه شعبية غير عادية بالاضافة الي مساندة الإسلاميين له.. ومع ذلك لم يركبه الغرور علي أهل دائرته بل كان مكتبه وبيته مفتوحين أمام كل من كانت له شكوي، ونجح في إقامة عدد من المشروعات الخيرية .. صحيح ان سرور له محبة داخل كل بيت في السيدة زينب وان الاتهامات المسنودة اليه والتي لم يأخذ فيها جهاز الكسب غير المشروع قرارا نهائيا، لم تؤثر هذه الاتهامات علي شعبيته بل ضاعفت من ضغوط أهل الدائرة في مطالبتهم له بترشيح نفسه في الانتخابات القادمة.. سرور اقسم لهم بالثلاثة بانه اعتزل العمل السياسي وسيكون خادما لمصر كأستاذ قانون وليس كبرلماني أما عن علاقته باهالي السيدة فستكون علاقة ابن بأهله.. سرور يري ان المواطنين البسطاء هم الذين ساندوه بمشاعرهم الطيبة في محنته مع ان أصحاب البدل المنشية هم الذين اختفوا عنه مع ان مواقفه كانت مشرفه مع من كان يقصده منهم في موقف إنساني أو اجتماعي .. وعلي الرغم من هذا فهو يلتمس لهم الأعذار علي أساس ان لا احد يعرف بظروف الآخر... - علي أي حال إذا كان فتحي سرو قد دفع جزءا من فاتورة أخطاء النظام السابق باتهامه في قضية يستحيل ان يكون له علاقة مع مرتكبيها لان ثورة 25 يناير لم تكن مفاجأة فقد كان يستشعر بالغضبة الشعبية وان الشارع المصري في حالة قرف من قضية التوريث بالإضافة الي حالة الاختناق الأمني وحالات الغرور التي أصابت قيادات الحزب الوطني، وربما لم يكن احد يعرف ما الذي كان يدور في دماغ سرور، وقد كانت البداية قبل انتخابات 2005 فقد طلب الاعتذار والانسحاب من الحياة السياسية إلا أنهم لمحوا له بانه في مرحلة سنية لا تقبل البهدلة وانسحابه معناه انه معترض علي تعديل المادة 76 التي تسمح بالتوريث، وقد كان عليه ان يؤجل قرار الانسحاب، وبعد الانتخابات طلب رسميا من حبيب العادلي تخفيف الحراسة الامنية المخصصة له وقد كان يتمني رفعها لانه كان متأذيا من موكب الحراسة الذي يخرج به ورفع وزير الداخلية هذه الرغبة الي مبارك الذي رفض واعتبر هذا الطلب هو خطوة تمهيدية لينسحب سرور.. وكان علي سرور ان يصاب بالإحباط واذكر انه رفض ترشيح زوج ابنته الأستاذ الدكتور صفوت زهران في الوزارة وقد كان صفوت رئيساً لجامعة بنها وقد انظلم بسبب حساسية الدكتور الذي رفض مجاملة النظام له.. مع انه لو لم يكن رئيساً لمجلس الشعب لكان صفوت زهران وزيرا لكفاءته ونبوغه.. الذي يؤسف له ان واحدا مثل الدكتور سرور كان مهمشا من رموز النظام السابق بما فيهم مؤسسة الرئاسة لأنهم كان لديهم احساس بأن سرور دائما كان "متعالي" عليهم ولا اعرف كيف احتسبوه علي النظام مع انه كان يكره هذا النظام حتي تكون هذه هي نهايته .. اذن من حقه الان ان يطلقها بالثلاثة.