قبل أسبوع واحد من ثورة 25 يناير، كنت خارج مصر متحدثاً في المؤتمر الدولي العاشر لريادة الأعمال، في جلسة تمحورت حول علاقة الأسواق العالمية بالسياسات الوطنية لريادة الأعمال. جلس علي يساري البروفيسور زولتان الأستاذ بجامعة جورج ماسون الأمريكية وشاركنا الجلسة البروفيسور فرانسوا من فرنسا وترأسها البريطاني أوليفر. أثار زولتان قضية تشغل بالهم في الولاياتالمتحدة بالعام 2040 ويخططون لمواجهتها من الآن. القضية هي أن نسبة الشباب تبلغ 19٪ فقط في أوروبا و21٪ في أمريكا، حيث تبلغ أكبر نسبة للشباب الأوروبي في أيرلندا وسلوفاكيا وبولندا وتبلغ 24٪ من إجمالي عدد السكان وتقل عن 18٪ في الدنمارك وإيطاليا، في حين تتجاوز50٪ بالمجتمعات العربية بالوقت الراهن. يري الغرب أنهم بالعام 2040 سيتحولو إلي أمة من العجائز في ظل انخفاض أعداد المواليد وتطور أنظمة الرعاية الصحية والتي أدت إلي زيادة معدل أعمار المواطنين. ولكن ما هو الحل لهذه المعضلة؟. الحل الذي اختاروه ببساطة هو ريادة الأعمال، بمعني تيسير استقدام رواد أعمال شباب من أمتنا (الفتية) لإنقاذ أمتهم (الهَرِمَة). هنا تولدت لديّ خاطرتان، الأولي هي أن رائد الأعمال هو الذي يقوم بإعمار الأرض ويُحدث التغيير الإيجابي في أي مجتمع، فالشباب -إذا حَسُنَ إعدادهم وتوجيههم والاستفادة منهم- هم الطاقة التي يمكنها أن تنهض بأمتهم. لقد حبانا الله بموارد عظيمة، أهمها المورد البشري، الشباب الذين صنعوا ثورة 25 يناير وأداروها بفطنة رواد الأعمال من حيث الدعاية والحشد لها علي شبكات التواصل الاجتماعي، والمرونة بتغيير الخطط للتمويه علي الطرف الآخر، وهي كلها من سمات رواد الأعمال. أري الخطوة الأولي بعد أن ثُرنا علي الفساد ونتأهب لبناء الأمجاد هو كسر احتكار ما يعرف بالحيتان في عالم الأعمال وتيسير حصول رواد الأعمال من الشباب علي الفرص الاستثمارية التي تنعم بها بلادهم. هذا هو جزء أصيل من العدالة الاجتماعية التي نادت بها الثورة. كما أن مكافحة أمراض مثل الرشوة والواسطة من شأنها استحداث ملايين من المشاريع الصغيرة بالسنوات المقبلة، والتي ستكون قاطرة الاقتصاد الأولي في مصر. الخاطرة الثانية هي التخطيط، فعجباً لأمة ليس لديها رؤية ولا خطط بعيدة الأمد لعشرات الأعوام، وأذكر القاريء بالمثل الياباني: الرؤية بدون عمل هي حُلم يقظة، والعمل بدون رؤية هو الكابوس بعينه. لقد وضع أردوغان منذ سنوات أهدافاً محددة لتركيا للعام 2023، واليوم في مؤتمر حزبه يطرح أهدافاً جديدة لتركيا للعام 2071، لذلك ندعو لرئيس مصر أن يسلحه الله بالرؤية الثاقبة والبصيرة النافذة لتعود مصر للمكانة التي تستحقها في مصاف الأمم المتقدمة.