البرلمان يجدد الثقة فى الحكومة الانتقالية مؤقتا وكأن ليبيا في حاجة الي ازمة جديدة لتضاف الي ملف ازمتها الامنية المستعصية.. ففي الاسبوع الماضي دخلت البلاد في ازمة دستورية جديدة بعد ان قام المؤتمر الوطني العام »البرلمان« باقالة رئيس الوزراء المنتخب مصطفي ابوشاقور من خلال حجب الثقة عن الحكومة الثانية التي تقدم بها.. وهو ما اثار مخاوف حقيقية من حدوث فراغ دستوري في وقت تتعرض فيه الحكومة الانتقالية الليبية الي ضغوط هائلة داخليا وخارجيا لفشلها في فرض الامن والاستقرار. الازمة بدأت بعد ان رفض البرلمان منح الثقة للحكومة الاولي التي كان قد اقترحها ابوشاقور بعد ان تعرضت فور اعلانها الي انتقادات رسمية وشعبية كبيرة ظهرت في شكل مظاهرات عديدة طالبت باقالته خاصة لان التشكيلة التي قدمتها لم تضم اي اعضاء من تحالف القوي الوطنية بزعامة محمود جبريل.. رغم ان التحالف حصل علي اعلي الاصوات في الانتخابات الاخيرة التي تشكل علي اساسها البرلمان.. في الوقت الذي سيطر عليها اسلاميون. ومع ان ابوشاقور عدل من التشكيلة الوزارية في المرة الثانية وشكل ما سمي »بحكومة ازمة« كانت عبارة عن حكومة مصغرة تتكون من 01 وزراء فقط الا انها لقيت نفس مصير الأولي حيث لم يؤيدها سوي 44 عضوا فقط من اعضاء البرلمان البالغ عددهم حاليا 681 عضوا.. حيث معروف ان البرلمان طرد 01 من اعضائه تنفيذا لقرارات الهيئة الوطنية العليا لتطبيق معايير النزاهة الوطنية بدعوي انهم عملوا في السابق مع نظام القذافي. هذه العملية ادخلت ليبيا في ازمة دستورية تطلبت تعديل البرنامج الانتقالي المقترح والذي ينص علي تعيين حكومة جديدة بعد انتخاب البرلمان تتولي المسئولية لمدة عام حتي تجري انتخابات جديدة علي اساس الدستور الجديد الذي كانت ستشرف علي وضعه الحكومة المؤقتة التي تمت اقالتها. ولان تجديد هذا الاجراء بما يتضمنه من اختيار رئيس وزراء وحكومته يتطلب اسابيع او شهوراً فقد اختار اعضاء المؤتمر الوطني »البرلمان« تجديد الثقة بحكومة تصريف الاعمال برئاسة عبدالرحيم الكيب.. وهو اجراء اعتبرته صحيفة النيويورك تايمز يعمق ازمة القيادة التي اصبحت تعصف بالبلاد في وقت حرج تتعرض فيه السلطات الليبية الانتقالية لانتقادات داخلية بسبب فشلها في كبح جماح الجماعات المسلحة التي اصبحت تسيطر علي الامور في العديد من الشوارع والمدن الليبية وإلي ضغوط خارجية وبصفة خاصة من الولاياتالمتحدة للقبض علي مرتكبي حادث مقتل السفير الامريكي لدي ليبيا وثلاثة من معاونيه مؤخراً. تحميل البرلمان المسئولية لحكومة الكيب لحين اختيار حكومة جديدة لا يخفي ان البلاد تواجه فراغا سياسيا وفق الاعلان الدستوري المؤقت والذي ينص علي ان يقوم البرلمان بتشكيل حكومة مؤقتة خلال 03 يوما والتي تم مدها الي 05 يوما انتهت الاسبوع الماضي بعد اقالة رئيس الوزراء المكلف بتشكيلها.. وهو ما يعني مزيدا من التأجيل لعدد من المسائل المهمة في مقدمتها وضع دستور جديد للبلاد تنتقل بها الي مرحلة اكثر استقرارا وامنا.. والسيطرة علي التدهور الامني. ويري المراقبون ان رئيس الوزراء المقال دفع ثمن التقارب غير المتوقع والمرحلي بين تحالف القوي الوطنية بزعامة جبريل »وهو تحالف ليبرالي« وبين حزب العدالة والبناء المنبثق عن الاخوان المسلمين وهما الحزبان الرئيسيان في المؤتمر الوطني العام »البرلمان« بعد أن اتفقا مبدئيا علي تشكيل حكومة وحدة وطنية رغم انهما لم يتفقا بعد علي رؤيتهما لشكل الدستور والدولة القادمين.. وان اقالة ابوشاقور جاءت بعد ان امتنع النواب التابعون لحزب العدالة منح تأييدهم له ونجاح جبريل في اقناع النواب المستقلين بموقفه الذي يري ان حكومة ابوشاقور كانت ستخطف مكاسب الثورة لقادة الاسلاميين مثلما حدث في مصر وتونس.. يأتي ذلك في الوقت الذي تتفاقم فيه ازمة مدينة بني وليد مسقط رأس القذافي حيث تفرض وحدات من الجيش الليبي حصاراً علي المدينة منذ اسبوع بسبب رفض قيادات المدينة تسليم من قاموا بتعذيب احد الثوار الليبيين ويدعي عمران شعبان والذي اكتشف مخبأ القذافي قبل مقتله في 02 اكتوبر من العام الماضي. وكان المؤتمر الوطني قد اصدر قرارا في وقت سابق الزم فيه وزارتي الدفاع والداخلية بالقبض علي من قاموا بتعذيب عمران واعطي القرار مهلة لقادة المدينة لتسليم المتهمين باختطافه وتعذيبه وبسبب ذلك تم منع السكان من دخول المدينة كما تم منع وصول المواد الغذائية والوقود. وكان مسلحون من بني وليد قد اختطفوه يوليو الماضي حيث تعرض للتعذيب واطلاق نار وتم اطلاق سراحه بعد شهرين ونقل الي فرنسا للعلاج لكنه توفي متأثرا باصاباته الاسبوع الماضي وقد حدث اشتباكات علي اثر ذلك بين مسلحين موالين للقذافي والجيش الليبي اسفرت عن مقتل 21 جنديا واسر عدد اخر من الجنود تسبب في تشديد الحصار علي المدينة وهو ما دعا منظمة العفو الدولية مناشدة السلطات الليبية لرفع الحصار والسماح بدخول المواد الاساسية والطبية اليها.