أمضيت جلسة قصيرة مع صديقي العائد من الخارج والذي يقيم في بريطانيا منذ 02 عاماً فإذا به يسألني ماذا يحدث في مصر الآن؟.. رغم أنني أكره الرد علي السؤال بسؤال إلا أنني بادرته قائلاً: قل لي أنت ماذا يحدث في مصر؟ لانك يمكن ان تري الصورة افضل لأنك لست غارقاً فيها أو منغمسا فيما نحن فيه من دوامات يومية ومظاهرات فئوية واحتجاجات قد لا تجعل البعض يحسن الحكم علي الأمور. يقول صديقي ان الكارثة في مصر حالياً هي أن الانتهازية اصبحت سيدة الموقف علي الساحة السياسية، ويري أن كل ما يجري عليها باطل وأنه لا يري أي حزب أو أئتلاف أو جماعة تستحق ان تصل الي السلطة.. وكان يأمل ان يري جديداً بقدوم الإخوان الي الحكم لكنه صدم بادائهم الذي يري وعلي حد قوله.. أنه لا يختلف كثيراً عن اداء الحزب الوطني المنحل.. والاكثر من هذا انه اتهمني كصحفي بأنني جزء من هذا التوجه الجديد الذي لا يختلف عن سابقه.. بذلت جهداً كبيراً لأصحح له الصورة قائلاً: ألا تري أنك متحامل بعض الشيء علينا فنحن نعمل في مؤسسات تنير الرأي العام. عندما طلبت منه الرأي في التيار الشعبي الذي أطلق للتو وتحرك قطاره من عابدين رد قائلاً: لن يختلف عما سبقه علي الساحة من تكتلات واحزاب هم اشبه برفاق سفينة عندما تنطلق فإن الكل يصارع من أجل القيادة أو الامساك بدفتها.. ولان الدفة لا تحتمل إلا فرداً واحداً يكون القائد فإن الركاب حينما تجيء لحظة الانطلاق يتصارعون للامساك بالدفة حتي تغرق السفينة.. قلت له أنت متشائم جداً يا صديقي.. رد قائلاً: ماذا يدعونني للتفاؤل..؟ اللي علي الساحة مخيف وكأن هؤلاء وهؤلاء يغطون في نوم عميق.. سألته كيف تري الحل يا صديقي؟ رد قائلاً: نستورد شعبا من الصين..!! ضحكت فبادرني قائلاً: صراحة انا لا أمزح.. ولم أكن جاداً مثلما انا معك الان!! لم أجد ما أقوله ويبدو أن آثار الصدمة تجسدت علي وجهي فقال صديقي اقترح توقيع اتفاقية لتبادل الشعوب مع الصين يتم بمقتضاها تبادل 100ألف مصري مع 100 ألف صيني في جميع التخصصات والمهن والحرف لمدة 5 سنوات بعدها يعود كل فريق الي بلده. أعتقد أن ال 100 ألف صيني سيعيدون تشكيل ملامح الحياة في مصر قبل عودتهم إلي بلدهم.. وال 100 ألف مصري سيعودون لتفريخ 5 ملايين مصري بسمات المواطن الصيني المحب للعمل والمؤمن بقيمة الوطن الطامح الي الرقي والتقدم والازدهار واثبات الذات.. قلت له هذا حلم يا صديقي؟ وكيف تضمن ألا يتحول ال 100 ألف صيني بوجودهم بمصر إلي 100 آلف آخرين؟ رد قائلاً: لا.. لا لن يحدث هذا لان الصينيين متمسكون بشخصيتهم القومية عكسنا نحن المصريين الذين اضاعوا كل سمات شخصياتهم القومية الفريدة التي كانت تميزهم عن باقي شعوب العالم بوجه عام والشرق الاوسط بوجه خاص. ورغم أننا اقتربنا من قرابة الساعة ونصف الساعة قلت له أنا لدي موعد.. ولكن قبل ان اغادر اقول لك ارجو ألا تصاب بفقدان الذاكرة فقد اختار الشعب الرئيس المدني الجديد ليؤسس لمصر الجديدة لقد مرت المنطقة العربية بأحداث صعبة ونحن شأننا شأن باقي الدول علي مستوي العالم تماسك الدولة وبقاؤها ونهضتها هي مهمة أبنائها اما الاطماع والمخططات الخارجية فهي جزء من طبيعة العلاقات الدولية. علي عجالة قلت له وأنا أوشك ان استقل السيارة: صديقي كيف تضمن ألا تغتال البيروقراطية ال100 ألف مصري العائدين من الصين؟ وتعيدهم الي ما كانوا عليه قبل سفرهم؟ رد مسرعاً: الآن أنا اتهمك بنفس الاتهام الذي وجهته لي واتهمك بالتشاؤم. قلت: أنا لست متشائما ولكنني متفائل بمستقبل افضل يعوضنا عن فساد أكثر من 03 عاماً.. نحن في حاجة إلي نقطة البداية الصحيحة لكي يبدأ البناء الواقعي الذي يربط الحلم بالواقع.