خالد جبر تناولت في مقالي السابق لغز رحيل المشير عبد الحكيم عامر.. واليوم نتحدث عن لغز آخر وهو لغز رحيل المشير أحمد بدوي.. وهو لغز أشد صعوبة في الحل. لأن عامر كان معزولا عن سلطاته ومحدد الاقامة فيما يشبه السجن الانفرادي وانتحاره أو قتله يمكن أن يكون أمرا سهلا ولا يمكن كشفه.. يعني يموت ويموت سره معه . أما وفاة المشير بدوي فكان لها شكل آخر.. فبعد حرب اكتوبر 1973 بعام توفي المشير أحمد اسماعيل علي وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة وتولي المشير الجمسي المسئولية حتي عزل بصورة مفاجئة ليلة العرض العسكري في ذكري انتصار أكتوبر عام 1978 ليتولي الفريق كمال حسن علي لمدة عامين الي أن أصبح وزيرا للخارجية.. ويتولي بعده الفريق أحمد بدوي الذي عين قائدا للجيش الثالث الميداني في منتصف عمليات الحرب واستمر يقاوم الحصار الاسرائيلي في الثغرة وكرمه الرئيس السادات وعينه رئيسا للعمليات ثم رئيسا للأركان ثم وزيرا وقائدا عاما. ذكر بعض شهود تلك الفترة ان السادات تخوف بعض الشيء من شعبية أحمد بدوي.. وهو كان رحمه الله وسيما ومحبوبا والناس كانت تقارن بينه وبين حسني مبارك الذي عينه السادات نائبا له..وكان هناك صراع خفي بين الثلاثة.. وكما قال أحدهم إن المشير بدوي باح له بسر هذا الصراع ونقل له شعوره بانه ستتم تصفيته.. ونصحه الرجل بأن يتغدي هو بالسادات ومبارك قبل ان يتعشي هما به . وفي 2مارس 1981 كلف السادات وزير دفاعه بتفقد الموقف علي الجبهة الغربية في الوقت الذي كانت تشهد فيه مناوشات مستمرة مع الجيش الليبي.. وبعد انتهاء الزيارة ركب المشير بدوي الطائرة الهليكوبتر ومعه 13 من كبار قادة الجيش وبعد اقلاعها بدقيقتين سقطت واحترقت بمن في داخلها ولم ينج من الحادث سوي طاقم الطائرة المكون من أربعة . لو حكي لك أحد تلك الرواية لن تصدق طبعا أنها قضاء وقدر فالأسلوب الذي تمت به يثير الشكوك.. رحيل كل هؤلاء القادة بهذه الطريقة ونجاة كل طاقم الطائرة الذين لاحقتهم عمليات تصفية فيما بعد.. الناس يمكن أن تصدق أي شيء.. خاصة بعد أن عين المشير أبو غزالة وزيرا للدفاع ثم مقتل السادات بعد ذلك بسبعة شهور بالطريقة التي رأيناها.. ونجاة الرجلين الجالسين حوله ثم تخلص مبارك من أبو غزالة بعد ذلك . نحن لانستبعد أن يكون صراع السلطة وراء تصفية المشير بدوي ورفاقه الذين لاذنب لهم حتي يكونوا هم أيضا ضحية لهذا الصراع.. وما يرجح هذا الاحتمال هو بقية السيناريو الذي تم بعد ذلك إلي أن انفرد مبارك بالسلطة. إذا كانت وفاة المشير عامر صراعا علي السلطة فهو قد تم بعد هزيمة مخزية أما وفاة المشير بدوي فقد تمت بعد نصر كبير وهناك فارق هائل بين الحالتين ولكن السلطة تبقي هي السلطة.. الطريق إليها لا يخلو من المكائد والحفاظ عليها لا يخلو من المؤامرات .ما أجمل أن تكون بعيدا عن السلطة والسلطان حتي لو كنت من حريم السلطان.