التحول الذي يواكب ساحتنا المحلية في معظم المجالات والمواقع يدعو للاستغراب.. وما يحدث في الساحة الرياضية علي وجه الخصوص يدفع إلي الدهشة والعجب.. فالأمور أصبحت لا تخضع للعقل والمنطق والنواميس الطبيعية بل دخلت في دوائر الشذوذ والاختلال واللاعقلانية.. مثلا كل بلاد العالم تخطط لإقامة منافسات رياضية للحض علي الأخلاق التنافسية والسعي لإفراز عناصر بطولية.. أما نحن فنحارب لتجميد الأنشطة وإيقاف المنافسات وفرض حالة من الشلل والموات علي الساحات والمنتديات.. مثلاً كل بلاد العالم تبني الاستادات وتقيم الملاعب والمدرجات لتذخر بالحياة والحراك والنشاط.. أما نحن في مصر المحروسة فتسود هذه الأماكن حالة من الكمون والسكون والركون وكأننا نهدر أموالنا هباء لينعق فيها البوم وتسكنها الغربان.. كل بلاد العالم يذهب الرياضيون فيها إلي الملاعب والأبسطة الخضراء والصالات في سلام وضمان وأمان.. أما في مصر المحروسة فلابد لهم من مدرعات ومجنزرات وهليوكبترات لتحميهم حتي يؤدوا مبارياتهم أو تدريباتهم دون خسائر أو جروح أو إصابات ولعلهم يفكرون الآن في إسقاطهم بالبراشوت علي الملعب حتي يصلوا بسلام دون المرور علي الغاضبين والرافضين لاستئناف النشاط الرياضي لأسباب متباينة. لو إنني أكتب هذا الكلام في أي بلد في العالم لاتهموني بالجنون ووصموني بالمجون.. لكنها والله هي حالتنا ومصيبتنا وخيبتنا أحاول أن أصفها وأعبر عنها وأكاد أفقد صوابي.. فيبدو أنني أصبحت منفصماً عن العالم الحالي.. أو من كوكب آخر.. أو أنشد المثالية والمدينة الفاضلة.. أو الحقيقة أنني مجنون لأنني لم أستطع أن أتوافق مع أوضاعنا المقلوبة والمخروبة.. وربنا يشفي.