د. يحيى الجمل ان عدونا التاريخي هو الصهيونية العالمية وممثلتها إسرائيل. يجب ان ندرك ذلك ونعيه في اليوم الأول الذي نشرت لي في الأخبار »يوميات« توالت ردود فعل مختلفة حول هذا الموضوع. علي ان أهم ردود الفعل تمثلت في اتصالين من صديقين من وزراء الصناعة السابقين. أحدهما هو الأستاذ الدكتور إبراهيم فوزي والثاني هو الأستاذ الدكتور سمير الصياد. وكلاهما أستاذ جامعي قبل وبعد المنصب الوزاري وتناولت ذات الموضوع مقالات عديدة أذكر منها مقالين لصديقين عزيزين أيضا ومن كبار المناضلين في العمل العام، أولهما فهو الأستاذ الدكتور محمد أبوالغار وأما الثاني فهو الطبيب الأديب الفنان المناضل علاء الأسواني وكلاهما كان متعاطفا مع موقف د.أحمد زويل. وكذلك شاهدت علي بعض القنوات الفضائية حوارا دسما حول هذا الموضوع من جانبين. تقديري ان هذا الأمر يحسن أن يحسم بسرعة حتي ينطلق مشروع أحمد زويل العملاق دون معوقات وحتي لا يحرم طلاب جامعة النيل من مواصلة دراساتهم. واقترح -مع الدكتور إبراهيم فوزي- أن تشكل لجنة لنوع من »التحكيم العرفي« من الدكتور حازم الببلاوي والدكتور علي السلمي والمهندس حسب الله الكفراوي وان يختار الدكتور زويل ممثلا له وان تختار جامعة النيل ممثلا لها وان يتعهد الطرفان بانفاذ ما تنتهي إليه تلك اللجنة من قرار بحيث يوضع لذلك النزاع نهاية سريعة لا تعطل انطلاق الاكاديمية ولا تحرم الطلاب من حقوقهم المشروعة. أرجو أن يقبل هذا الاقتراح. حزبا المؤتمر الهندي والمصري هناك محاولات جادة لإقامة تجمع أو أكثر للقوي المدنية في هذا البلد وقد قلت وكررت ان هذا التجمع هو تجمع من أجل مصر ومستقبل مصر وليس تجمعا ضد أحد أو تنظيم معين. انه تجمع ينظر إلي ما هو أكثر وأبعد من الانتخابات القادمة سواء كانت تشريعية أو محلية. انه يهدف أساسا إلي اشاعة الاستنارة والثقافة الديمقراطية في هذا البلد الذي ابتلي بالاستبداد والفساد فترات طويلة. وهذا التجمع أساسي وجوهري لوجود نظام ديمقراطي حقيقي يقوم علي تداول السلطة. أرجو لهذه القوي أن توفق من أجل هذا البلد الذي يستحق منا الكثير. ذكريات في شارع شريف باشا ذهبت إلي البنك الأهلي الفرع الرئيسي في شارع شريف لأنه البنك الذي يحول إليه مرتبي من الجامعة منذ سنوات طوال وفي مبني البنك وحوله وأمامه ثارت ذكريات كثيرة في وجداني. في هذا المبني وفي حجرة مدير الفرع كان يجلس واحد من كبار المصرفيين العرب في العالم العربي وفي يوم من الأيام كان رئيس اتحاد البنوك العربية وكم تألمت عندما سألت عنه وعلمت انه يرقد في أحد المستشفيات التي يلجأ إليها المسنون في أواخر حياتهم. شفاه الله وعافاه. وفي هذا المبني أيضا تعرفت بالمرحوم عبدالمنعم رشدي الذي كان رئيسا لمجلس إدارة البنك الأهلي المصري والذي كان إلي جوار كونه مصرفيا ممتازا إنسانا عظيما. كان كبير القلب. لم أر رجلا كل معاملاته مع المال ومع ذلك يتمتع بكل هذا الحنان وكل هذا العطف الذي يغمر به كل المحيطين به. واستمرت علاقتي بعبدالمنعم رشدي بعد ان ترك البنك الأهلي بحكم السن ليرأس شركة كبيرة وقد أراد ان يكرمني فاختار مكتبي مستشارا قانونيا لتلك الشركة إلي ان لقي ربه رحمه الله رحمة واسعة. ومازالت علاقتي بابنه وابنته قائمة وان باعدت الدنيا بين أقرب الناس وبعضهم. وعندما خرجت من البنك الأهلي ونظرت في الجهة المقابلة من الشارع رأيت المبني الذي كان فيه مكتب الكاتب الكبير المرحوم محمد زكي عبدالقادر صاحب عمود »نحو النور« الذي ارتبط باسمه وصاحب اليوميات الدسمة علي هذه الصفحات منذ عدة عقود مضت. وقد بدأت علاقتي بمحمد زكي عبدالقادر عندما كنت وكيلا للنائب العام في الصعيد وأرسلت له مقالا عن »السلوك الاجرامي« نشره وأخبرني انه أعجب به. وكنت أزوره كلما حضرت إلي القاهرة. واستمرت علاقتي به إلي ما بعد ان أخذت الدكتوراة وتركت القضاء وعينت في كلية الحقوق بجامعة القاهرة. وكان كتاب »النظم السياسية المعاصرة« من أول ما كتبت وأهديته إلي محمد زكي عبدالقادر فإذا به يكتب عنه يبدي اعجابه بالناحية الأدبية في أسلوبي بل انه قرن بيني وبين عدد من الأدباء القانونيين الكبار وقد احتفظت بهذا المقال عدة سنوات ولما كنت اعترف اني غير منظم في حفظ أوراقي فقد فقدت هذا المقال القيم واتصلت بالأستاذ سمير عبدالقادر لكي يتكرم بتزويدي بنسخة منه ففعل مشكورا. رحم الله ذلك الرجل العظيم الذي كان مؤمنا بالديمقراطية وبالحرية إلي أبعد المدي ولم يتردد لحظة في أي يعبر عن ذلك الذي يؤمن به. وإلي جوار العقار الذي كان يقيم فيه محمد زكي عبدالقادر رحمه الله يوجد العقار الذي به عيادة الصديق العزيز الموسوعي المعرفة الأستاذ الدكتور محمود محفوظ الأستاذ بكلية الطب ووزير الصحة الشهير والذي ساهم في الحياة العامة بقدر وافر حتي اخر يوم في حياته. كيف يمكن ان يتاح لركن واحد في شارع واحد ان يحفل بكل هذه الذكريات. ان الأماكن حظوظ. كما ان الأقدار حظوظ. الصهيونية وراء الفيلم الهابط الرسول الخاتم محمد صلوات الله وسلامه عليه لو درست حياته دراسة موضوعية محايدة لأكبره واجله كل بني البشر أجمعين. ولكن الصهيونية العنصرية تدرك ان عقيدة الإسلام هي أحد الحصون الأساسية أمام توسعها وسيطرتها علي فلسطين أولا ثم بعد ذلك علي كثير من أجزاء الوطن العربي. ولذلك فإن سعيها حثيث لا يكل ولا يمل من أجل تشويه صورة الإسلام مستغلة في ذلك كل الوسائل الدنيئة ومنها هذا الفيلم الهابط. ومن الثابت الآن أن الذي مول هذا العمل الهابط هو يهودي أمريكي. ان عدونا التاريخي هو الصهيونية العالمية وممثلتها إسرائيل. يجب ان ندرك ذلك ونعيه وقد نبهت مرارا وتكرارا إلي ان إسرائيل هي التي تقود الثورة المضادة داخل مصر من أجل تمزيق مصر كما مزقت العراق من قبل. ردود الفعل علي الفيلم الهابط يجب ان توجه توجيها مجديا. وكما قال بعض المفكرين لابد ان يحارب الفيلم بعمل ابداعي. ان فيلم الرسالة الذي مثله انطوني كوين أو مسلسل عمر بن الخطاب الذي أذيع في رمضان هذه الأعمال المستنيرة هي الردود الجادة المفيدة. أما الهجوم علي السفارات والاعتداء علي الدبلوماسيين فهو عمل يضر ولا يفيد. خاصة ونحن نحاول أن نقيم علاقات سليمة مع كثير من دول العالم في المشرق والمغرب من أجل تحقيق نهضة اقتصادية ومن أجل تنشيط السياحة التي تمثل بالنسبة للملايين عنصرا بالغ الأهمية. الاستنارة العقلية هي أساس النهضة. والله المستعان.