ثريا درويش »الكتاب«.. ليس نخنوخاً جديداً يهدد أمن واستقرار البلاد حتي يغتالوه ويمزقوه بهذه الوحشية دون ذنب أو جريرة.. وأكشاك شارع النبي دانيال الخشبية ليست بالقصور المصفحة تؤوي الخارجين علي القانون والأسود والوحوش.. وليست هي أيضاً بأوكار للدعارة وترويج الأسلحة والمخدرات، حتي تتم مداهمتها وتحطيمها بهذه الهمجية.. وهي مقصد كل باحث أو طالب علم وثقافة وتراث بجميع مستوياتهم. والمؤكد أن منابر التنوير والفكر بُراء من دم شهداء الثورة وضحايا موقعة الجمل.. فلماذا إذن تقتحمها فرق الأمن فجراً والناس والباعة نيام في مشهد دراماتيكي حزين أقرب لكابوس حرق المجمع العلمي.. فالجريمة والهدف واحد هو اغتيال الفكر والفن والتراث، وإغلاق منابع العلم والإبداع والثقافة أمام أمة قررت أن تعيش وتتحدي، لا أن تتراجع وتتقهقر فتسقط في أبيار الجهل والشعوذة. ووطن يرفض تكميم الأفواه والعقول، يأبي أن يركع أو يهان مبدع أو فنان أو أن يقصف قلم أو يحظر رأي ويصادر كتاب، وطن يثور لمصادرة جريدة أو إغلاق قناة! كم من مظاهر القبح والفوضي ومخالفات المباني، والتعديات، كانت أحق ان تستأصل بدلاً من إعلان الحرب علي واحد من أشهر ثلاثة أسواق للكتب والمراجع القديمة في الشرق الأوسط، سور »الأزبكية« بالقاهرة و»المتنبي« بالعراق و»النبي دانيال« بالاسكندرية. بقليل من الدعم والتجميل والرعاية نحوله إلي روضة للفكر والأدب والثقافة والكتب يؤمه السائحون من كل درب ولون كواحد من أهم المزارات الثقافية والسياحية، فنعيد للكتاب هيبته ومكانته وللسوق العتيق رونقه وكرامته.