د. محمود عطية الأحد: القاهرة واللي فيها..! رحابة صدر "قاهرة المعز" فاقت كل تصور حتي بات بريدي الالكتروني مزدحما بالعديد من الرسائل التي ترصد صور ديمقراطيات القاهرة التي لا نباهي بها الأمم..واسمحوا لي أن أشارككم معي في قراءة بعض صور رحابة صدر القاهرة الصابرة التي وصلتني..من أهم وأقدم صور الديمقراطية القاهرية أنك تستطيع غلق اي شارع بمزاجك من غير ما حد يعترض لو عندك حالة وفاة مثلا ممكن تحول الشارع إلي دار مناسبات وتقفله بصوان كبير يلتهم الشارع علي طوله وعرضه بس تسيب ممر صغير للناس تعدي منه علي رجليها رحمة ونور علي الميت.! صورة أخري تزداد استفحالا.. "زفة الأفراح" تحفها مواكب السيارات والموتوسيكلات تجوب الشوارع بالطبل والزمر ابتهاجا بالعرس السعيد..وعسكري المرور يقف مستمتعا بالمشهد وبالحركات البهلوانية التي يؤديها راكبو الموتوسيكلات أمام سيارة العروسين والسيارات المصاحبة.. وتنفرد سيارات القاهرة خاصة الميكروباصات بكتابة الحكم والأمثال عليها من عينة (السعادة في الرضا)، (العين صابتني ورب العرش نجاني)، (يابني اركب معنا ولاتكن مع الكافرين)..وأحيانا كلمات مليئة بالوقاحة (صغير بس يحير).. (للكبار فقط).. (شايفني ولا عميت).. (من حق الكبير يتدلع).. (يابركة دعاكي ياأمه)...ومن أهم صور ركوب الميكروباص لو في جيبك شريط بتحبه ممكن تسمعه للركاب كل ما عليك أن تعطيه للسائق وحبذا لو كوكتيل شعبي يشعل حماس السائق فيقطع الطريق والإشارات وهو يتنطط، ولو كان شريطا عن عذاب القبر سيدمع السائق ويردد (دي منفاتة ياجدعان..لموا الاجرة من بعض بسرعة)..واتساقا مع روح الديمقراطية من حقك عمل مطب قدام بيتك أو محلك وبناء المطب مكفول لأي مواطن ولا يحتاج تصريحا بس محتاج شيكارتين اسمنت. وبسهولة تستطيع منع اي حد يركن سيارته أمام محلك أو ورشتك معللا (دا مكان اكل عيش)..حجة قوية ومقنعة ويتعاطف معها فورا..وزيادة في الفضل ممكن تحجز مكان لسيارتك او لمنع ركن السيارات مجرد قائمين حديد صدئ وسلسة من نفس الخانة ويصبح" باركنج" خاص لسيادتك. الثلاثاء: جمعية الرفق بالمشاهدين أظن غير آثم اننا في حاجة ماسة لجمعية رفق بالمشاهدين.. فلو حدث فرز حقيقي لكل ما يقدم لنا عبر تليفزيوناتنا وفضائياتنا لصدمنا من كم البرامج التي تعرض بلا أدني حياء علينا ويتم بها التهام عقل المشاهد.. وللأسف بإرادته عبر مشاهدته لكل ما يقدم إليه... والمحزن أنه لا مهرب لمشاهدنا مما يعرض عليه في ظل الفقر المادي الذي حبسه داخل جدران منزله والجهل العقلي الذي تربي فيه منذ الصغر..لماذا لا يروعنا سيل "الاغاني العاطفية" المضروبة والملونة بألوان صناعية محذر منها عالميا وغير مسموح بسماعها أو تداولها حتي في بلاد "الواق الواق«..خاصة أنها تستهدف فئة من المستهلكين هم الأمل في غد مشرق.. ولا تقدم حقيقي إذا لم نلتفت لهذه الفئة المستضعفة التي أكلها التعليم والبطالة والاغاني العاطفية التي تصنع عالما وهميا فتقوم بما يقوم به كل انواع المخدرات ومع ذلك لاتتمتع هذه الفئة بالحماية القانونية. الجمعة: حق مجتمعي لم تكن المسيرة سهلة حتي باتت "حرية الكلام" مقياسا لتقدم الأمم وحرية الشعوب..فبعد عام من تولي الملك وليام الثالث عرش انجلترا عام 1688 اصدر البرلمان البريطاني قانون "حرية الكلام في البرلمان" ثم تلته سنوات من الصراع ومحاولات تكميم الأفواه..ثم استطاعت الثورة الفرنسية إصدار إعلان حقوق الانسان والمواطن في فرنسا عام 1789 ونص علي أن حرية الرأي والتعبير جزء أساسي من حقوق المواطن. وكفاح الصحفيين من اجل حرية التعبير قضية حريات عامة تخص حق المجتمع في المعرفة لبناء رأي مستنير وليست قضية حرية الصحافة فقط.