مجدى العفىفى نحب فجأة.. ونكره فجأة! نغضب فجأة ونفرح فجأة او نضحك فجأة ونحزن فجأة! نقرر فجأة ونقر فجأة! ننام فجأة ونصحو فجأة! نكتشف فجأة ونتكشف فجأة! كل حياتنا فجأة ومماتنا ايضا! اوجاعنا فجأة، اوضاعنا ايضا، قراراتنا، حساباتنا، خططنا تخطيطنا، حتي مفاجآتنا تتم فجأة.! لماذا؟ هل ضاعت قرون استشعارنا؟ ما بالنا لم نعد نتحسس امامنا؟! ما لنا نصر علي ان نضرب رؤوسنا في الحائط امامنا؟ ما بالنا نري الخطأ والخطيئة، ونصر علي ان نفعل وننفعل ونتفاعل بجد وجدية في مثل هذه الامور، نحب في اللغة العربية »المفعول« ونكثر منه ومن صيغه، لدينا. »المفعول به« و»المفعول فيه« و»المفعول معه« و»المفعول لأجله« أما »الفاعل« فهو »مرفوع« ضعيف مسنود و»ضمير مستتر« و»مبني للمجهول« وله »نائب« قليل هو »الفاعل« وكثير هو »المفعول« ان اللغة صورة للتفكير، ومرآة تعكس حركة حياة اصحابها. تهرب الفكرة مني، ان الهروب مقدر علينا.. كل شيء حولنا يهرب عنا هو الآخر، لو كانت الفكرة واضحة فأسلوبها لابد ان يكون واضحا، لكن متي كان الوضوح عنوانا لها؟ مرة اخري تتوه الفكرة واحاول ان استعيد لها شكلا.. لكننا نعيش ذلك التوهان في عصر الاستعارة، اسماؤنا مستعارة.. اشكالنا مستعارة، مأكولاتنا مستعارة، مشروباتنا مستعارة، مشاعرنا مستعارة، قلوبنا مستعارة، مع ان »الاستعارة« في البلاغة عمدتها اللغة وفي كل اللغات هي ارقي اشكال التعبير، حيث تخل بالتوازن، وتعصف بالنظام الثابت للأشياء!. كلما اعثر علي طرف الفكرة، فإذا بها تتحول الي كرة الخيط الملفوفة حول بعضها.. فعل ثوري وفعل مضاد، ملاليم وملايين، بلاغات واتهامات، ثأر بايت ودم بارد، عودة الي الوراء بقوة، ودفع قسري الي الأمام، دين وديناميت، تشتت وبعثرة، تقدميون ومتخلفون، إسلام واستسلام، ديون ولصوص ، ثراء فاحش وفقر فاحش، تكفير وتفكير، صراع وصراخ وصداع، وعلاج للسرطان بقرص أسبرين، ضلال وتضليل، إصلاح مجرد اصطلاح. أريد أن اتحدث عن حالي كإنسان مصري عربي مسلم شرقي كوني عالمي، يشكل رقما في كمية المليار ونصف المليار مسلم الذين ينتشرون في انحاء العالم، تصوروا نحن أكثر من مليار مسلم ومع ذلك لاصوت لنا ولا صورة، الا الفقر والعذاب، والهوان والمشاكل والحروب، والصراعات والمؤتمرات والمؤامرات والاحتلال والاختلال وكأننا وحدنا في هذا الكون! او قل إن الكون معذب بنا ومعنا! أين نحن.. من نكون.. ما قوتنا.. ما هويتنا؟ سنجد ألف جواب، نحن العرب الأمجاد، نحن التاريخ، نحن الحضارة، نحن الذين قدمنا وقدمنا و... و... كله في الماضي! والماضي في القبور، اما ان نتحدث عن الماضي، ونشبعه استدعاء.. ونعيش عالة عليه حتي يضج بنا.. واما ان نتحدث عن المستقبل المشرق، والزاهر الواعد الأفضل الأحسن، أما الحاضر، أما اللحظة الحاضرة فهي »مغيبة« بفعل فاعل، وهنا يظهر الفاعل وبقوة، فلا هو ضمير ولا هو مستتر. عفوا لهذه الهمهمات والتنهدات، عفوا لهذه الثرثرة، التي لا اعتذر عنها، عفوا.. فإني اقرأ كتاب الواقع من حولي وأتوهم أنها قراءة كاشفة، ربما!.