ممتاز القط حسب خبرتي المحدودة ومتابعتي لمرحلة مهمة من التعامل مع صندوق النقد الدولي منذ بداية التسعينيات فان كل ما ينشر عن موافقة الصندوق علي منح مصر قرضاً بقيمة 8.4 مليار دولار لايعدو إلا أن يكون املاً منشوداً. والمقابلات التي قامت بها رئيسة الصندوق مع كبار المسئولين بمصر خلال زيارتها الاخيرة هي مجرد اجراءات بروتوكولية ومرحلة اولي من مراحل جس النبض ومعرفة المعالم الاولي لتحركات وتوجهات السياسة المصرية الجديدة. لا أعتقد ان الصندوق سوف يوافق علي منح هذا المبلغ لمصر نظراً للتداعيات السلبية الكثيرة التي يعيشها الاقتصاد المصري والتي تحتاج لعدة سنوات من العمل الجاد من اجل اصلاح الخلل المزمن والمتزايد في الهياكل التحويلية واتباع وسائل اقتصادية جادة لعلاج عجز الموازنة العامة للدولة والذي يتجاوز هذا العام 531 مليون جنيه. اتفق مع الرأي الذي يقول ان بدء المفاوضات مع صندوق النقد هو مجرد اشارة حسن نية قد تكون دافعاً وضامناً لدخول مصر لمرحلة من الاقتراض الآمن من بعض المؤسسات العالمية والعربية. وتلك ايضا مرحلة صعبة لانها تأتي في ظل ظروف عالمية تعصف بكيانات اقتصادية كبيرة جعلت عديداً من دول العالم تعاني العديد من مشاكل العجز وهو الامر الذي يزيد من صعوبة حصول مصر علي قروض جديدة وبشروط غير مجحفة. رفع التصنيف الائتماني لمصر لن يتم بين ليلة وضحاها خاصة مع الانهيار الذي دخله الاحتياطي النقدي المصري والذي انخفض من 63 إلي اقل من 51 مليار دولار وذلك وفقا للارقام متفائلة اعلنها خبراء المالية والبنك المركزي. وهنا نأتي إلي بيت القصيد كما يقولون. الاصلاح المالي ياسادة لا يتم باللجوء للخيار السهل وهو الاقتراض من الخارج لان ذلك سوف يفرض اعباء اضافية لسداد الديون وفوائدها وهو ما قد يضرب عجز الموازنة في مقتل. اتمني ان يبادر رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل باعادة قراءة بيانات القروض الخارجية والداخلية بعيدا عن الروتوش التي قد يضعها خبراء المالية عندنا لان لدي الصندوق معلومات اكثر من موقعة وموثوقة ولا تتجمل. نعم لابد أن نلجأ للقروض الخارجية ولكن ليس بوضعها الخيار الاول لانه لم يعد كما كان في الماضي سهلاً وميسراً كما يتوهم البعض وللحديث بقية.