عبدالقادر شهىب لماذا نتفادي وصف ما تتعرض له سيناء بأنه ارهاب منظم، او نرفض الاعتراف بان هذه القطعة العزيزة من ارض الوطن صارت ملاذا لمجموعات ارهابية مختلفة المشارب، لكنها تتفق في امر واحد هو ممارسة العنف المخطط الذي كان يستهدف في البداية الشرطة ورجال الامن ثم اصبحت القوات المسلحة هدفا له؟. لماذا نتجنب ان نسمي ما يحدث في سيناء باسمه الحقيقي الذي لا اسم غيره وهو الارهاب المنظم، وبدلا من ذلك نبحث عن تسميات اخري غير دقيقة للجماعات التي تمارسه فنقوم بتسميتها تارة بالبؤر الاجرامية وتارة اخري بالجماعات المسلحة؟. لماذا لا نصارح انفسنا بأن ما شهدته وتشهده سيناء من اعمال عنف لا يقوم به مجرد مجموعة من المسلحين يتربحون من استخدام السلاح او مجموعة من قطاع الطرق الذين يعيشون علي سرقة الآمنين وسلب الممتلكات الخاصة والعامة؟. لماذا لا نعترف بأن سيناء تضم الان مجموعات ارهابية تمارس العنف لانها تعتقد ان اعضاءها هم المؤمنون ومن عداهم كافرون حلال قتلهم والاستيلاء علي اموالهم، وسوف يجازيهم الله خير الجزاء علي جرائمهم هذه؟. ان عدم الاعتراف بذلك من شأنه ان يؤدي الي ازدهار هذا الارهاب لا القضاء عليه، لانه يبعدنا عن الطريق الصحيح الذي يتعين ان نسلكه لمحاصرة الارهاب والاجهاز عليه لانقاذ سيناء وكل بلادنا من شروره. فالاعتراف بأن ما تعاني منه سيناء يتمثل في وجود جماعات ارهابية وليست مجموعات مسلحة او بؤرا اجرامية عادية سيعني اننا يجب ان نخوض حربا شاملة ضد هذه الجماعات الارهابية حربا لا تقتصر فقط علي ما تقوم به القوات المسلحة ومعها قوات الامن، حتي وان استخدمت هذه القوات مزيدا من السلاح والعتاد العسكري بما في ذلك طائرات الهليكوبتر او حتي الطائرات المقاتلة.. انما حرب يشارك فيها الشعب مع قواته المسلحة علي غرار ما حدث خلال الثمانينيات والنصف الأول من التسعينيات من القرن الماضي حينما هددنا الارهاب في مناطق شتي من بلادنا، خاصة في القاهرة والاقصر.. الاعتراف بان الارهاب عاد ليطل بوجهه القبيح علينا هذه المرة من سيناء سيجعلنا نحشد كل قوانا المجتمعية، سياسية وثقافية من اجل التخلص من هذا الارهاب وجماعاته المختلفة، التي جعلت من سيناء مسرحا لعلمياتها هذه المرة، مستفيدة من غياب أمني عانت منه، خاصة في السنة الاخيرة، وعمليات تهريب السلاح التي ازدهرت عبر الحدود الليبية، والانفاق مع غزة، وهذا الحشد المجتمعي وان كان يبدأ في سيناء الا انه يتعين ان يشمل كل ربوع البلاد، لان هذا الارهاب الجديد لا يستهدف سيناء فقط باعلانها امارة اسلامية كما افصحت بعض الجماعات الارهابية عن ذلك، انما يستهدف كل ربوع البلاد بلا استثناء.. فهو اذا كان يضرب الان في سيناء فهو قد يضرب في الغد خارجها اذا سكتنا عليه.. والاعتراف بأن هناك جماعات ارهابية تستوطن سيناء الان، وتضم طبقا لتقديرات شيوخ قبائلها ما بين الفين وثلاثة الاف فرد، يفرض علينا ان نحاصر التطرف الديني الذي يصنع البيئة الحاضنة لجماعات الارهاب ويساعدها علي النمو والازدهار وتوجيه الضربات الموجعة لنا مثلما حدث مؤخرا، حينما تمكنت احدي او بعض هذه الجماعات من قتل ستة عشر مقاتلا وهم يتناولون طعام الافطار في احد ايام شهر رمضان، اما اذا تمكنا من تصفية هذه المجموعات الارهابية وسكتنا علي هذا التطرف الديني فاننا سنترك بذلك البيئة التي تفرخ لنا مستقبلا جماعات ارهابية جديدة في سيناء وخارجها تنتحل اسماء جديدة لكنها ستمارس ارهابا اشد وطأة علينا.. وتجربتنا في حرب الارهاب التي هددتنا في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي تؤكد ان الحشد الشعبي والمجتمعي لا غني عنه لتحقيق النصر التام في هذه الحرب، وتؤكد ايضا ان اسلحتنا في هذه الحرب ليست نارية فقط مهما كانت متقدمة تكنولوجيا ولكنها ايضا اسلحة فكرية وثقافية وتنويرية، حتي تتبدد الغيوم التي تعوق فهم واستيعاب صحيح الدين، الذي يصون الحياة ولا يغتالها.. وخير شاهد علي ذلك تلك المراجعات الفكرية التي قامت بها قيادات الجماعة الاسلامية، التي انتهجت العنف بعض الوقت وارتكبت الكثير من الجرائم البشعة من قتل وتفجير وتدمير كان ابرزها اغتيال الرئيس السادات. لذلك.. لن تكتمل حربنا ضد الارهاب الذي اطل علينا بوجهه القبيح مجددا في سيناء الا بمواجهات فكرية وثقافية ودينية للتطرف الديني وسعينا لتعبئة شعبية واسعة في هذه الحرب.. اما اذا قلنا لجيشنا اذهب وحارب لنا الارهاب وحدك في سيناء فلن نظفر بالنصر التام في هذه الحرب، حتي وان نجح جيشنا في تصفية كل المجموعات الارهابية الموجودة فيها الان.. لانه في ظل التطرف الديني ستولد لنا جماعات ارهابية اخري ستهددنا مستقبلا.