لم ألتق د. يونس مخيون القيادي بحزب النور السلفي وعضو الجمعية التأسيسية للدستور إلا مرة واحدة، تلك التي أجريت خلالها هذا الحوار.. كان الانطباع السائد لدي عن هذا الرجل وغيره من السلفيين أني سأكون أمام شخصية منغلقة فكريا.. لا تقبل الجدل والنقاش، وربما لا يكتمل الحوار، إذا كانت شخصية الرجل تتوافق مع الانطباع السائد عنهم. حالة من الارتباك انتابتني في البداية، وربما لهذا السبب وبدلا من أن استهل الحوار بالأسئلة الهادئة، لأتدرج معه وصولا إلي الأسئلة الساخنة، وجدت نفسي أطرح عليه في البداية سؤالا ساخنا، حول ما أثير عن وجود خلافات بين حزب النور وجماعة الإخوان المسلمين بعد تجاهل الأخيرة لهم في تشكيل الحكومة الجديدة. علامات الامتعاض التي استقبل بها مخيون السؤال ، لم تكن مبشرة لي، ولكن سهولة إقناعه بالإجابة، هي التي أعطتني أملا بأن " المطبات " التي قد تواجهنا خلال الحوار يمكن تجاوزها بسهولة عبر الإقناع ، وخاصة أنني أمام شخصية أظهرت من البداية أنها تجيد الاستماع للآخر، وهي الفضيلة التي يحتاجها المجتمع خلال المرحلة الراهنة لتجاوز الأزمات التي تحاصرنا. .لن نشارك في فعاليات مناهضة للدگتور مرسي إلا إذا حاد عن مسار الثورة .ولن ندخل في معرگة » لمس أگتاف « مع الإخوان وهدفنا تنفيذ برنامجنا .قانون الأزهر سيگون علي قائمة أولوياتنا في البرلمان المقبل " وليه تبتدي الحوار بالخلافات ".. بهذه العبارة استقبل مخيون سؤالي، وأضاف: " طب ابتدي الحوار بالإيجابيات ". لم يكن من الصعوبة إقناعه.....، حيث قلت له: " لو هناك إيجابيات يمكن أن تقلها.. أنا أنقل ما يتم ترديده ". كان السؤال رغم تحفظه عليه في البداية، فرصة للحديث علي مدي ما يزيد علي 15 دقيقة عن مبادئ حزب النور، والتي بسببها اتخذوا قرارهم بالوقوف خلف د.محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية. قال: " حزبنا دخل السياسة بأخلاق الإسلام، لنؤسس لمفهوم جديد للسياسة التي عرف عنها أنها بلا أخلاق ". واستفاض مخيون في شرح هذا التوجه الجديد في السياسة، قبل أن يقول: " ولأننا لا نميل للمراوغة والخداع، اخترنا دعم د.عبد المنعم أبو الفتوح في المرحلة الأولي من الانتخابات، ثم قررنا دعم د.محمد مرسي في الإعادة، ولولا حزب النور بعد الله سبحانه وتعالي ما تمكن من تحقيق الفوز ". كان دعم د.مرسي مشروطا باتفاق بين حزب النور وحزب الحرية والعدالة علي أن تكون هناك مشاركة في اتخاذ القرارات وأن تكون هناك حكومة ائتلافية حسب نسبة كل حزب في البرلمان. ويقول د.مخيون: " لكن ما نجح د.مرسي حتي انقطعت الاتصالات علي مستوي الجماعة والحزب ومؤسسة الرئاسة، حتي أنهم لا يجيبون علي اتصالاتنا، وان ردوا يحيلونا إلي بعضهم البعض، وكانت المفاجأة عندما طرحوا علينا وزارة واحدة هي وزارة البيئة، التي قررنا رفضها. كان رفض حزب النور لهذه الوزارة، مستندا لعدة أسباب عددها القيادي بالحزب، وهي أن تشكيل الوزارة لم يتم علي أساس المشاورة، وهي خطوة لا تبشر بخير، كما أنها وزارة ضعيفة، وفوق كل ذلك فإنه في حال إخفاق هذه الوزارة ذ لا قدر الله ذ سيكونوا هم مسئولون عنه، رغم أن مشاركتهم بها ديكورية. ورغم كل ما سبق ، إلا أنهم لا يشعرون بالضيق أو أنهم خدعوا ، لأن " من يخدع فهو يخدع نفسه " ، حسب قوله. وأضاف: " نحن لم نخسر، بل خسر الإخوان، وهم لم يتحلوا بالحنكة والذكاء في هذا الأمر، لأننا كنا القوة الوحيدة التي تقف معهم وتساندهم، وكما تعرف فإنه من السهل كسب الخصوم، لكن من الصعب الحفاظ علي الصداقة ". مسار الثورة ومن الماضي إلي المستقبل، قال مخيون إنه لا يستطيع الجزم إن كان الحزب سيضطر للدخول في تحالفات مع أحزاب أخري في المستقبل لتحقيق الأغلبية البرلمانية في الانتخابات المقبلة، وقال: " المشهد السياسي في مصر يتغير كل يوم، ومن الصعب اتخاذ موقف من الآن ". وحول ما إذا كان أي موقف سيتم اتخاذه سيضع في الاعتبار أهمية اقتناص الأغلبية البرلمانية من الإخوان، ابتسم مخيون قبل أن يقول: " نحن لسنا في معركة لمس أكتاف مع الإخوان.. نحن لدينا برنامج نسعي لتنفيذه وسعينا للحصول علي الأغلبية سيكون من تنفيذ هذا البرنامج وليس نكاية في الإخوان ". واستبعد مخيون مشاركة حزب النور في الفعاليات المناهضة للدكتور مرسي خلال الفترة المقبلة، وقال: " رغم اعتراضنا علي أسلوب الحرية والعدالة في التعامل، إلا انه لا مجال لتصفية حسابات، فنحن نقف خلف الدكتور مرسي ونتمني نجاحه ، لأن نجاحه نجاح لنا جميعا". وأبدي القيادي بحزب النور في هذا الصدد تأييدا لقرار مرسي الأخير بإحالة بعض قيادات القوات المسلحة للتقاعد، وقال: " هذه خطوة مهمة في سبيل تمكين الرئيس من السيطرة علي مفاصل الدولة ". وكما يؤيد مخيون الرئيس في هذا القرار، ويطالب المصريين بالصبر عليه بعض الوقت، إلا انه قال بمنتهي الحزم: " سنخرج فقط إذا رأيناه يحيد عن مسار أهداف الثورة ( العيش - الحرية - العدالة الاجتماعية - الكرامة ) ". أحداث رفح وبنفس الدرجة من الحزم، أكد مخيون أن العلاقات مع إيران يجب ألا تتعدي حدود الاقتصاد، وقال: " أي علاقات أخري يكون من شأنها السماح بمد شيعي في مصر سنواجهها بكل قوة وحزم ". وأعرب القيادي في حزب النور بالسياق ذاته عن ثقته في استيعاب د.مرسي لخطر هذا الأمر، وهو ما دفعه إلي القول في زيارته الرسمية الأولي للسعودية أن مصر والسعودية صمام الأمان للسنة في العالم الإسلامي. وحول موقف حزب النور من أحداث رفح ومسارعته إلي المطالبة بغلق الأنفاق بين مصر وقطاع غزة، تعجب مخيون من الانتقادات التي طالت هذا الموقف، خاصة أنه تضمن ذ أيضا ذ فتح المعابر.. وقال: " نحن مع إغلاق الأنفاق، طالما أن المعابر الرسمية ستفتح بشكل دائم ". ولم يستطع مخيون تقديم رؤيته للجهة المسئولة عن الحادث، لكنه قال: " ابحث دائما عن المستفيد، لتعرف من يقف وراءه، وفي هذه الحالة لا أشك أن إسرائيل تقف وراءه ". ورفض في هذا السياق القول أن هذا الحادث أحرج الإسلاميين في مصر، مضيفا: " التطرف موجود في كل الديانات، ومن نفذوا الحادث إن كانوا مسلمين، فالإسلام منهم بريء". تغيير قانون الأزهر وعن أبرز القضايا التي سيهتم بها حزب النور في البرلمان المقبل ختم مخيون حواره مع "الأخبار" بالتأكيد علي أن قانون الأزهر يجب أن يتم تغييره حتي يكون تعيين شيخ الأزهر والمفتي بالانتخاب. الأزهر الشريف هو القوة الناعمة التي يمكن أن تحقق لمصر الكثير من المصالح في الدول العربية والإفريقية، ولكن هذه القوة تم تعطيلها بسبب سياسات خاطئة، من بينها طريقة اختيار شيخ الأزهر. وأضاف: " ليس لدينا خصومة مع الشيخ الحالي، ولكننا نرفض الطريقة التي تم تعيينه بها ".