ثناء أبوالحمد قال عنه كبار المؤرخين انه لم ير بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن سيرة من الملك نور الدين محمود زنكي ولا أكثر تحريا للعدل والإنصاف منه وقد قصر ليله ونهاره علي عدل ينشره وجهاد يتجهز له وجميل يوليه وإحسان يسديه"هكذا كان الملك نور الدين الذي حكم دمشق مقتديا بسيرة السلف الصالح متشبها بالعلماء والصالحين،كان يأكل من عمل يده ينسج الصوف ويبيعه ويصنع الأقفال ويعطيها للعجائز فيبعنها سرا وكان يوم يصوم يفطر من أثمانها،وكان ينظر الي الحكم علي انه تكليف لا تشريف وخدمة للشعب وليس التحكم فيهم ،وانه خازن للمسلمين"وخادم للدولة يستمد قوته فيه من الأمة ،وكان إذا جاءته هدايا من الملوك او غيرهم لا يتصرف في شيء منها بل يبيعها ويصرف ثمنها علي عمارة المساجد المهجورة وبهذا نجح في إصلاح مئة مسجد في دمشق ،وكان يحذر من فرض الضرائب علي الناس ،وبني المدارس والمستشفيات لعلاج الفقراء مجانا وخصص رواتب لليتامي ، وبني "دار العدل"لمحاكمة الكبراء الذين يستغلون سلطتهم او وظيفتهم او مكانتهم الاجتماعية وقرابتهم من الحاكم في ظلم الناس ليفصل هو بنفسه في القضايا التي يتهيب غيره من الحكم فيها،ولم تشغله الدنيا عن الجهاد فكان يتوق الي الشهادة دوما ،وكان حريصا علي التعاون مع الجيش المصري لدرء الحملات الخارجية ولقد ارسل جيوشه للدفاع عنها ،وكان يعد لفتح بيت المقدس إلا ان الأجل وافاه قبل تحقيق حلمه،ورحل نور الدين زنكي متأثرا بمرض في الرئة ودفن بالشام،بعد ان كون دولة تضم الشام ومصر واليمن، وهو الذي امر باكمال سور المدينةالمنورة علي صاحبها أفضل الصلاة والسلام، واستخرج عين جبل احد وكانت قد دفنتها السيول وفتح سبيل الحجاج من الشام، رحل تاركا سيرته العطرة حجة علي من جاء بعده من الملوك والرؤساء، الذي يقتل منهم اليوم شعبه بالأسلحة الثقيلة ولا حول ولا قوة إلا بالله.