لم تتوقف رؤي السياسات الزراعية التي طرحها مركز العقد الاجتماعي لمواجهة الأزمات في مصر عند حد الحديث عن قضية القمح، ذلك أن الأمن القومي الغذائي لابد وأن يطرح من خلال حزمة سياسات تكاملية تحقق بالأساس إلي جانب الاستيراد من الخارج ،زيادة الإنتاج المحلي وتشجيع الصادرات لتمويل واردات الغذاء، ودعم الغذاء لتوفيره بأسعار محلية منخفضة تناسب جميع الفئات خاصة الفقيرة، بالإضافة إلي سياسات تحسين الدخول الفردية.. وعلي الرغم من ذلك فإن نجاح الجهود الحكومية في ذلك لم يتحقق حتي الآن إلا بزيادة الاعتماد علي الواردات الغذائية مما يحمل الاقتصاد القومي تكلفة الاستيراد والتعرض لمخاطر تقلبات الأسواق العالمية علي جانبي العرض والأسعار، والتغير المستمر في تكلفة دعم الغذاء صعودا أوهبوطا في فترة زمنية وجيزة وبصورة غير متوقعة.. وهو الأمر الذي دعا المركز لأن يطرح بقوة رؤيته حول سبل المواجهة ضمانا لحق الانسان المصري في الحصول علي الغذاء.. وقد تناولت علي مدي مقالين سابقين السياسات الزراعية المطلوبة لتحقيق الهدف الأول وهورفع نسبة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الغذائية الرئيسية وعلي رأسها القمح، ونتناول هنا الهدف الثاني وهو زيادة إنتاج المحاصيل التصديرية، مثل الخضر والفاكهة والنباتات الطبية والعطرية وتحسين نوعية المنتج للتصدير وذلك أولا من خلال تفعيل: برنامج تطوير الاستثمارات في قطاع الزراعة والتوسع في الميكنة الزراعية ، لأن قطاع الزراعة يعاني من انخفاض نسبة الاستثمارات (7٪) المخصصة للبحوث الزراعية لأن نسبة (93٪) من الميزانية المخصصة لها للأجور والمرتبات وهو أحد الأسباب الرئيسية لضعف الناتج الزراعي المصري. برنامج توفير مستلزمات الإنتاج للمنتجين وتسويق المحاصيل من خلال شركات تعاونية لمواجهة احتكار القطاع الخاص، وهو مايدعمه إنشاء بنك تعاوني يمول من الأعضاء وقرض تعاوني من البنك الدولي والبنوك الزراعية العاملة حتي يتم تفعيله. برنامج التوسع في مساحة الأراضي الزراعية باستخدام المياه التي تم توفيرها من تنفيذ البرامج السابقة (88.5) مليار متر مكعب مياها لإقامة مشروعات لإنتاج المحاصيل الغذائية الرئيسية في الأراضي الجديدة حيث تكفي لري 850 ألف فدان طوال العام تزرع بالقمح (450 ألف فدان تنتج 990 ألف طن) وبنجر السكر (200 ألف فدان تنتج 540 ألف طن سكر) والفول البلدي (200 ألف فدان تنتج 270 ألف طن) في الموسم الشتوي، والذرة (450 ألف فدان تنتج 053.1 مليون طن) وفول الصويا وعباد الشمس (350 ألف فدان تنتج 77 ألف طن زيت) في الموسم الصيفي، ويمكن أن يتم هذا المشروع في صورة شركات مساهمة لإنتاج المحاصيل الغذائية الرئيسية للاستفادة من مزايا الإنتاج الكبير. مسك الكلام.. في ظل تهديد أمن مصر الغذائي علينا أن ننصت بجدية، وندرك بوعي وننتج بإبداع.. وإلا ضاع أوان الزرع وفاتت فرصة الحصاد!