رجاء النمر عندما رأي فرعون بني إسرائيل يتكاثرون ويزيدون ويملكون.. سمعهم يتحدثون عن نبوءة تقول إن واحداً من ابناء إسرائيل (يعقوب) سيسقط فرعون مصر عن عرشه.. وربما تكون النبوءة حلم يقظة يجيش في قلوب بني إسرائيل، وربما تكون بشارة في صحفهم. وعندما انتشرت النبوءة ووصلت اسماع الفرعون.. اصدر أمراً بقتل كل من يلود من بني إسرائيل ذكراً، وتم تطبيق الامر بنظام، أن يتم قتل كل مولود ذكر عام وأن يتركون المواليد في العام الذي يليه، وهو نظام بناء علي مشورة رجال فرعون حيث يموت العجائز بآجالهم، ويذبح المواليد الذكور وبذلك يفقد الفرعون الثروة البشرية التي يتم تسخيرها للعمل. حملت أم موسي بهارون في العام الذي لا يقتل فيه المواليد الذكور.. وكانت وولدها في أمان. وفي العام الذي تقرر ذبح المواليد الذكور ولد موسي (عليه السلام). جاء حمل موسي وميلاده خوفا عظيما لأمه.. خافت عليه من القتل.. راحت (يوكابد) ترضع موسي سرا حتي جاءت عليها ليلة مباركة عندما اوحي الله إليها. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: »وأوحينا إلي أم موسي، أن ارضيعه، فإذا خفت عليه فألقيه في اليم، ولا تخافي ولا تحزني، إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين«. أطاعت أم موسي أمر الله.. ارضعت وليدها، ثم وضعته في صندوق اعدته قبلا.. ذهبت إلي شاطيء النيل والقته في المياه. كان قلب الام، وهو أرحم القلوب في الدنيا، في هذه الاثناء وعندما القت فلذة كبدها في النيل يمتليء بالالم ويعتقد حزناً وخوفاً عليه.. الا أنها كانت تعلم أن الله سبحانه أرحم بموسي منها.. وأن الله يحبه أكثر منها، وأن الله هو ربها، ورب موسي ، ورب النيل، ورب كل شيء. أما الصندوق فبمجرد أن لمس مياه النيل، اصدر الله أمره إلي الأمواج ان تكون هادئة حانية وهي تحمل الرضيع الذي سيكون نبياً.. تماماً مثلما امر الله تعالي النار فأصبحت برداً وسلاماً علي إبراهيم عليه السلام.. كذلك اصدر الله أمره للنيل ان يحمل (موسي) بهدوء ورفق حتي قصر فرعون.. وهناك كان لموسي (عليه السلام) قصة مع فرعون وزوجته. نعود لام موسي وكانت في هذه الاثناء حزينة باكية، لا تعرف مصير وليدها الذي القته في النيل بيدها واصبح قلبها فارغاً يذوب كل يوم من الحزن علي ابنها، لولا ان ربط الله علي قلبها، وملأ بالسلام نفسها فاستكانت وهدأت وتركت امر الوليد لله. كل ما فعلته أن قالت لاخته: »اذهبي بهدوء إلي جوار قصر فرعون وحاولي أن تعرفي ماذا حدث للوليد ونبهتها ألا تشعر بها أحداً. ذهبت اخت موسي بهدوء وسمعت من الجواري قصة الوليد الذي حمله النيل لقصر فرعون.. وكيف أن بكاءه لم ينقطع، ورأتهم حائرين لا يعرفون كيف يرضعونه، بعد ان رفضت كل المرضعات اللاتي احضروهن لإرضاعه. تفتق ذهن اخت موسي علي فكرة نفذتها فوراً.. قالت للحرس: هل أدلكم علي أهل بيت يرضعونه ويكفلونه ويهتمون بأمره ويخدمونه؟ عندما وصل الامر لزوجة فرعون قالت: لو أحضرت لنا مرضعة يقبل الوليد الرضاعة منها فسوف أمنحك جائزة عظيمة. أي شيء تطلبينه ستحصلين عليه. عادت أخت موسي وأحضرت امها وأم الرضيع ارضعته امه فرضع، وشبع.. تهللت زوجة فرعون وقالت للام.. خذيه حتي تنتهي فترة رضاعته، وأعيديه الينا بعدها، وسنعطيك اجراً عظيماً علي تربيتك له. وهكذا صدق الله وعده.. رد موسي لأمه كي تقر عينها ويهدأ قلبها ولا تحزن.. ولتعلم أن وعد الله حق وأن كلماته سبحانه تنفذ رغم أي شيء، وكل شيء.