دعوة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلي عقد قمة استثنائية. لقادة الدول الإسلامية، في يومي 26 و27 رمضان الحالي، في مكةالمكرمة. حدث يختلط فيه "السياسية ""بالروحانيات". فجدول أعمال القمة، يهتم ببعض القضايا ذات الطبيعة الخاصة. وفي المقدمة الوضع في سوريا، والتطهير العرقي الذي يتعرض له المسلمون في بورما. كما أن القادة، سيشاركون ملايين المعتمرين، نفس الأجواء الرمضانية العطرة. والتي تتوافق مع ليلة القدر، خاصة وانه لا يفصل الحرم المكي، عن قصر الصفا مكان عقد القمة، وإقامة القادة، أي شيء. وقد أثارت أنباء القمة، ذكريات جميلة سبق لي أن عشتها. في نفس المكان، وفي ذات المناسبة، منذ سبع سنوات. وتحديدا في بداية شهر ديسمبر2005. يومها تم تكليفي بتغطية القمة الاستثنائية. وكنت مدير مكتب صحف أخبار اليوم في المملكة العربية السعودية. فانتقلت من مقري بالرياض، إلي مكةالمكرمة. مبتدئا بأداء العمرة، وكانت متعة ربانية. وخاصة أنها جاءت بعد أيام من انقضاء شهر رمضان. والحرم المكي لا يعاني من الزحام. سواء في الطواف، أو السعي. كما أن الأجواء المناخية كانت مناسبة تماما. وبعدها بدأت التغطية. وكانت القمة غاية في الأهمية. وخاصة أنها استهدفت إقرار برنامج العمل العشري للمنظمة التعاون الإسلامي. في كافة القطاعات السياسية والاقتصادية والثقافية. وضرورة الارتقاء بها خلال الفترة الزمنية المنصوص عليها في " عقد من الزمان" والذي تم إقراره من المنظمة. وللأسف الشديد، كرست القمة من جديد، غياب مصر عن كل الساحات، والدوائر التقليدية للسياسة الخارجية. ولم يشارك الرئيس المخلوع في أعمالها، علي مدي يومين. سوي في الجلسة الختامية. واستمرت زيارته عدة ساعات، القي خطابه ثم غادر. وكان المبرر يومها، أن المخلوع مشغول، في متابعة الجولة الأولي من الانتخابات البرلمانية. والتي اكتسحها الإخوان المسلمين. وقد تأكدت يومها، من أن الله سبحانه وتعالي قد أعمي بصيرته، وكل مستشاريه. لدرجة انه لم يشارك بايجابية، ونشاط في أعمال المؤتمر. بما يتناسب مع موقع مصر في الدائرة الإسلامية. ولم يستجب لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للقادة. بالصلاة ركعتين في داخل الكعبة. شكرا لله علي نجاح القمة. وكان مجرد المشاركة ونشر صور المخلوع في أجهزة الإعلام، والصحف القومية. وهو يبتهل إلي الله. جزءا كبيرا من الدعاية الانتخابية للحزب. "المنحل "الشهير بالوطني. الذي كان يعاني من هزيمة ساحقة. ورسالة إلي الناخب في القري والنجوع والمتدين بطبيعته. بان رئيس الحزب مؤمن، ويؤدي الصلاة مع قادة العالم الإسلامي. ولكنه اعتمد في المرحلتين الثانية والثالثة، علي كل الأعمال غير المشروعة، من بلطجة وتزوير فاضح، في وقف تقدم الإخوان المسلمين. ولم ينجح احد منهم بعد أن زالت عنه الضغوط الأمريكية. التي كانت تطنطن بالدعوة إلي نشر الديمقراطية في المنطقة العربية. بعد تدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شارون لدي الرئيس بوش. وقال له يومها "امن إسرائيل لا يحتمل، وجود حماس في غزة، والإخوان المسلمين في مصر." ونعود إلي أعمال القمة المرتقبة. لنقول إن خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز، وجد أن الأوضاع في العالم الإسلامي، وصلت من الخطورة، لدرجة انه لا يمكن انتظار أول العام القادم، موعد انعقاد القمة العادية، التي تستضيفها مصر. وهناك ضرورة لمثل هذا اللقاء. وفي تلك الأجواء العطرة. والتي تتوافق مع قدسية المكان. للنظر في التحديات التي تواجه العالم الإسلامي. ووفقا لما جاء في المذكرة المرفوعة من وزارة الخارجية السعودية، إلي الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي. فقد تحدد الإطار العام للقمة، حيث تستهدف بحث الأوضاع، والتحديات التي تواجهها، وتكثيف الجهود للتعاطي معها، والتصدي لمصادر الفتنة والشقاق فيها، وإعادة اللحمة وتعزيز التضامن الإسلامي. هذه هي العناوين الرئيسية، وفي التفاصيل، بحث الوضع في سوريا، والذي تحول إلي أزمة غير مسبوقة . بعد الممارسات غير الإنسانية، من النظام ضد الشعب. وصل معها عدد الشهداء إلي عشرات الآلاف. ناهيك عن الجرحي والمشردين، وعددهم من مدينة واحدة مثل حلب. التي تشهد مواجهات عنيفة بين السوريين العزل، وقوات الجيش والأمن، إلي 200 ألف. والأزمة مرشحة إلي أن تتحول إلي حرب أهلية. ذات صبغة طائفية، مع مخاوف من امتدادات إقليمية، خاصة مع الفرز السياسي الطائفي للمواقف تجاه الأزمة. وهنا مكمن الخطورة، والخوف علي تداعياتها السياسية والأمنية. ويتوافق مع ذلك، أن العالم يقف متفرجا، علي هذه المأساة، مع انشغال الإدارة الأمريكية بعام الانتخابات. وبحث روسيا عن الحفاظ علي مصالحها الحيوية، في الإبقاء علي النظام، والتمسك بالأسد. ويظل الأمل في موقف إسلامي موحد، يتجاوز الخلافات بين الدول الأعضاء، يحفظ لسوريا وحدتها، ويستجيب لتطلعات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية. ولن تكون قضية مسلمي بورما، بعيدة عن جدول أعمال القمة. والتي تمثل صورة جديدة من صور التحديات، التي تواجهه المسلمين. حيث يتعرضون إلي تطهير عرقي، في إقليم أركان في بورما. علي يد جماعات بوذية، تحت سمع وبصر الحكومة، وأجهزتها، وتشير بعض التقارير، إلي أن عدد الضحايا وصل إلي 20 ألفا، خلال الفترة الأخيرة من يونيه الماضي. ويملك الأمين العام للمنظمة، البروفيسور أكمل إحسان اوغلو، رؤية واضحة، ومحددة تجاه حماية الأقليات المسلمة في دول العالم. تحاول التعاطي مع الخيط الرفيع. مابين تلك المهمة وتجنب التدخل في الشئون الداخلية للدول. وظني أن جهد القادة، ومتابعة الأمين العام، قادرة علي إنهاء تلك المأساة. ومن المؤكد أن لقاء قادة الدول الإسلامية، في ذلك التوقيت. وفي تلك البقعة المقدسة، سيعود بالخير، علي كل الشعوب، والفضل لصاحب الفضل خادم الحرمين الشريفين..