أعادت السيدة سهي عرفات أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل الأضواء إلي الشكوك التي ترددت منذ أسابيع حول ظروف وفاة زوجها عام 2004 بعد تدهور صحته بشكل مفاجيء وتم نقله للعلاج في باريس. أمس الثلاثاء تقدم محامو السيدة سهي عرفات ببلاغ إلي المدعي العام في مدينة بانتير الفرنسية للتحقيق في موت "أبو عمار" بعد نشر تقارير صحفية أكدت أن الوفاة ليست لمرض أصابه أو قضاء وقدراً، وإنما قتلاً بالسم. وأضافت سهي عرفات في بلاغها أنها لا تتهم أحداً. لا دولة، ولا جماعة، ولا فرداً. وكل ما يهمها هو التحقيق في وفاته بعد التقرير الذي أعده معمل أبحاث في مدينة لوزان السويسرية في أوائل الشهر الحالي وكشف فيه الخبراء عن وجود ارتفاع غير عادي من "البولونيوم" مادة مشعّة، مميتة، تستخدم من قبل بعض أجهزة المخابرات للتخلص من أعدائهم في المستلزمات والأمتعة الشخصية لعرفات التي دققوا في فحصها وتحليلاتها! الغريب أن أرملة الرئيس الفلسطيني تقدمت ببلاغها للقضاء الفرنسي وليس للقضاء الإسرائيلي أو حتي القضاء الفلسطيني. فالفقيد تدهورت صحته فجأة داخل مقر إقامته في رام الله. ورغم جهد الأطباء من جنسيات متعددة في علاجه إلاّ أنهم لم يتوصلوا إلي تخصيص دقيق لآلامه ومعاناته، مما تطلب سرعة نقل الرئيس الفلسطيني إلي أحد أكبر مستشفيات فرنسا المستشفي العسكري في "بيرسي" بباريس حيث فشل أطباؤها المتخصصون بدورهم في الكشف عن أسباب تدهور صحة "أبو عمار" بهذه السرعة، وعدم استجابته لكل الفحوصات التي قاموا بها، ولأي دواء من الأدوية التي تناولها. وفي 11نوفمبر 2004 أسلم عرفات روحه علي سريره في المستشفي بالغاً من العمر 74 عاماً. هذه الوقائع وغيرها.. استند إليها بلاغ أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل، في محاولة من محاميها لإقناع المدعي العام الفرنسي بقبوله، والنظر في مبرراته تقرير المعمل السويسري، والتقارير الصحفية، و وفاة عرفات في مستشفي عسكري فرنسي لعل وعسي يوافق المدعي العام - بعد استشارة كبار القضاة الفرنسيين- علي الأمر بفتح التحقيق في "مقتل" عرفات، وتوجيه الاتهام مؤقتاً إلي "مجهول" يشار إليه بحرف (X) لحين التوصل بعد عمر طويل إلي هوية "القاتل" الحقيقي (..). السلطة الفلسطينية لم يكن أمامها علي ضوء المستجدات الجديدة سوي إطلاق الضوء الأخضر أو ربما الأحمر لاستخراج جثمان أبو عمار من تحت تراب رام الله وفحصه وتحليل بقاياه أملاً في تأكيد ما قاله علماء المختبر السويسري ، أو في تكذيبه.. أيهما الأجدي والأفضل لهذه السلطة (..). رغم هذا الضوء الأخضر.. إلاّ أن جثمان "أبو عمار" ما يزال راقداً تحت رمال مقبرته في رام الله، ولا يعرف أحد متي سيتم رفعه لفحصه وتمحيصه(..). .. بالطبع سارعت إسرائيل بلسان وزير خارجيتها .. الذي لا أتذكر اسمه الآن بنفي تورطها في وفاة الزعيم الفلسطيني، و وصف هذا الاتهام بأنه: "مخز" و ""كاذب" ! مبادرة السيدة أرملة عرفات سهي لا اعتراض عليها. فمن حقها كحق كل زوجة فما بالنا إذا كان الزوج هو "أبو عمار"؟! أن تطمئن علي أن رحيله كان قضاء وقدراً وليس تسميماً وقتلاً، خاصة عندما نتذكر أن الجاسوس الروسي المنشق الكسندر ليتفينينكو طلعت روحه في لندن عام 2006، وبعد الفحص والتمحيص الدقيقين تبين العثور علي نفس المادة المشعة يولونيوم 210 في جثمانه (..). فمن ياتري الذي سيكشف عن هويته ويعلن عن اسمه، وأسماء من كانوا وراءه، في تسميم أبو عمار الذي رأس منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1969، ولم يتخل عن منصبه حتي وفاته، مروراً علي توقيع بصفته: المتحدث الأوحد باسم الشعب الفلسطيني علي اتفاق سلام مع إسرائيل في "كامب ديفيد" عام 1993، وهو الاتفاق الذي أعطي الحق للفلسطينيين لتأسيس حكمهم في الضفة الغربية وقطاع غزة.. ولم يتطرق إلي ذهنه آنذاك أن شعبه سينقسم علي نفسه، وأن الإخوان المسلمين تحت اسم حركة حماس سيختلفون مع السلطة الفلسطينية، ويعلنون استقلال قطاع غزة تحت حكمهم وضد سلطة "فتح" التي أنشأها الراحل المشكوك في أسباب وفاته ياسر عرفات!