بشىر العدل لم أر مظلوما، تكالب عليه المغرضون، وزهد في انصافه المؤيدون، اكثر من الصحافة، التي تتعرض في بلادي مصر، وعلي يد ثلة من الدخلاء عليها، لمخطط منظم للنيل منها، ومن جلالها، واجبارها علي العودة الي بيت الطاعة، الذي بنته الانظمة السياسية الشمولية، والتي ارادت منه، ان تكون الصحافة تحت اقدامها لخدمتها، والوقوف علي رعاية اهدافها القمعية. وأبت الصحافة، وابناء المهنة، الا ان تخرج من ذلك القمقم، وتتحرر من القيود التي فرضتها عليها الانظمة السابقة، والتي انتقلت سياستها بالتبعية للأنظمة الحالية التي تدعي الديمقراطية، وحرية الرأي والتعبير.. فقطع ابناء المهنة شوطا كبيرا نحو تحرير الصحافة، من الانظمة السابقة، ونجحوا الي حد كبير، في اقتناص حقوقها، وحريتها، بعد ان خاضوا معارك قانونية، علي اكثر من صعيد كان منها القانون 96 الشهير، والذي جاء ليصلح بعضا من عيوب القوانين البالية، التي تنظم الصحافة، والتي يرجع تاريخها الي اوائل سبيعينيات القرن الماضي، واقصد القانون رقم 76 لسنة 1970، والذي مازال معمولا به حتي الآن، في كثير من القضايا. ورغم نضال الصحافة، وكفاح ابناء المهنة، من اجل تحرير صاحبة الجلالة، الا ان مجلس الشوري، المشكوك في شرعيته، خرج علينا بتقليد جديد، يذكرنا بالزمن البالي في عهد نظام مبارك الساقط، من خلال لجنة اطلقت علي نفسها "لجنة معايير اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية" وهي لجنة لاتضم في عضويتها صحفيين سوي عدد لايتعدي اصابع اليد الواحدة، لتقيم رؤساء التحرير، وتتعامل معهم بنظام مكتب تنسيق القبول بالجامعات، في سابقة هي الأولي من نوعها، في فرض الوصاية علي الصحافة، وابناء المهنة. والحديث هنا ليس اعتراضا علي المعايير، وانما اعتراضا علي اللجنة التي يترأسها شخص لاعلاقة له بالمهنة من الاساس، وخرج علي الجماعة الصحفية، بتصريحات هي الاشد، والاقوي، والاعنف، في تاريخ الدكتاتورية، التي لم نعهدها حتي في نظام مبارك الساقط، ليتعدي بالقول علي قامات من رموز الصحافة، رفضت المشاركة في تمثيلية، هدفها بشكل واضح هو فرض السيطرة علي الصحف القومية، التي يحب ان تسخر في نظره، للرئيس، وحزبه الذي ينتمي اليه، وجماعته التابع لها، وان يعود بها الزمان لنظام مبارك، الذي اعترضت عليه الانظمة الحالية، وكانت تدينه وقت ان كان في سدة الحكم، وكانت من اشد المنتقدين للصحافة التي تتابع اخباره وتتصدرها في صدر صفحاتها الاولي، لتصبح نفس الجماعة الرافضة لتلك السياسة هي المطالبة بتطبيقها، واستبدال اسم مبارك باسم مرسي. والاغرب من ذلك، ان رئيس اللجنة، التابع لمجلس الشوري، هاجم وبشدة، المجلس الأعلي للصحافة، الذي اعترض ايضا علي تلك المعايير، وعمل اللجنة، وطالب بإلغاء المجلس. فاذا كانت جهود هؤلاء الذين كفروا بالحرية، ويريدون العودة لزمن الدكتاتورية والقمع، ترمي الي النيل من صاحبة الجلالة، وظلمها، فإنها لامحالة الي فشل، وانها لن تنجح في تنفيذ مخططها، وعليهم ان يرفعوا ايديهم عنها، لان الصحافة لم تعد قاصرة، ولن يقبل ابناؤها ان تكون زوجة لغير ابيهم، مهما حاول المغرضون.