هو من المؤكد حالة استثنائية في عالم الفن المصري، أكثر من أربعين عاما علي القمة دون أن يهتز أو يتقهقر عن المركز الاول الذي هواه وأدمنه وأصبح علي موعد دائم معه، حتي بتغير الأزمنة والأجيال، ليظل متفردا بحب شعوب أدمنت نجاحه وعاشت علي أعماله وأصبحت كلماته في أعماله حكما يتداولها الجميع ويتدرون بها في أوقات كثيرة. أتحدث عن عادل محمد إمام محمد الشهير بعادل إمام إبن المنصورة الذي تربع علي القمة منذ سبعينات القرن الماضي ليستمر عليها حتي الآن في ظاهرة كونية فريدة لم تحدث علي مستوي العالم، لعب جميع الأدوار الفارص والاجتماعي والسياسي والكوميدي وفي تنوعه هذا حقق ما لم يكن أحدا يتوقعه، فقد كان في كل دور يلعبه مع موعد مع النجاح الذي يصل إلي المدوي، قالوا عنه في الثمانينات انه في طريق النهاية الفنية ولكنه استمر بقوة في التسعينات ليلعب أدوارا تثبت قواعده علي القمة، وقالوا أنه انتهي فنيا بعد ظهور شباب المضحكين في السنوات الاخيرة فكان الألفي عليهم وعلي جيلهم، وليظل ابن الحلمية الحي الذي تربي فيه بعد قدومه من المنصورة هو الأول بالرغم من عوامل الزمن التي بدأت ترسم ملامح جديدة علي وجهه بعد أربعين عاما علي القمة بلا منازع. أكتب هذه السطور بعد اسبوع من متابعتي لدراما فرقة ناجي عطا الله التي انتظرت متابعتها من العام الماضي لأكثر من سبب أولها أن عادل لا يقدم عملا تليفزيونيا كل عام وإنما نادرا ما يفعل ذلك ومن ثم يصبح أدائه لعمل تليفزيوني حدثا فريدا لابد من متابعته، والسبب الثاني أن العمل واكبة دعاية ضخمة علي مدار عامين أهلت لعنصر التشويق لمشاهدة المسلسل، وأخيرا لأن القدير يوسف معاطي هو من صاغ هذه الدراما التليفزيونية وهو صاحب نجاحات متتالية في الدراما التليفزيونية والسينمائية، لكل هذه الأسباب كان لابد أن أتابع هذا العمل من اللحظة الأولي لعرضه، وتوقفت عند مجموعة من الملاحظات السريعة وهي أن الصورة المقدمة للمنتج الذي نتابعه مبهرة من حيث اختيار أماكن التصوير أو الاضاءة أو زوايا الكاميرا، اجتمعت هذه الأمور لتشكل لنا صورة مميزة وجذابة للمشاهد، وأضف الي ذلك سيناريو متدفق الأحداث في حلقاته السبع الأولي وهو عنصر جذاب مهم للمشاهد خاصة في ظل طوفان من الأعمال الدرامية المعروضة علي الشاشة الصغيرة حاليا بمناسبة شهر رمضان وكأن الدراما لا يصلح عرضها إلا في رمضان، وهناك النقطة الهامة وهي أداء عادل إمام للشخصية، فهو تعايش مع الدبلوماسي ناجي عطا الله ليصبح هو والشخصية واحد ويحول بنائها الدرامي علي الورق إلي شخصية حقيقية لها أبعادها وملامحها تشعر بها وتلمسها وتتعايش معها وكأنك تعرفها من قبل أو تتعرف عليها فتصبح صديقتك وقريبة منك، هذا هو ما فعله فينا عادل إمام في الاسبوع الأول، وهو سر نجاح هذا الفنان العبقري ، فلديه القدرة علي أن يقرب من المشاهد الشخصية التي يجسدها في أعماله فتصبح نسيج واحد مع المشاهد، هو من المؤكد فنان مميز لديه من الموهبة والحرفية وأخيرا الخبرة ما اهله لأن يصبح فيما فيه الآن من نجاح وتميز. بالرغم من أن الكتابة عن أي عمل فني لابد أن تكون بعد انتهاء مشاهدته بالكامل إلا أنني وجدت رغبة في الاحتفاء بالعمل والنجم العلامة في تاريخ الفن المصري عادل إمام حتي ولو كانت الحلقات التي شاهدتها لا تزيد عن سبع حلقات فقط من أصل ثلاثين ، فالاحتفاء هو ترحيب بقدوم عزيز ولفت للأنظار بحدث درامي يستحق المتابعة.