د. محمد فوزى عيسى أثناء حواره مع الأخبار "يا سيادة الرئيس .. أنت المسئول أمام الله سبحانه وتعالي .. وأمام التاريخ عن حماية القضاء وحماية القانون والدستور انت المسئول عن حدوث انقسام عميق في المجتمع.. وليته انقسام بين آراء متباينة.. ولكنه بين حق وقانون وقضاء وقيم أخلاقية ودستورية لا جدال فيها "هكذا بدأ رجل القانون والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية الدكتور محمد فوزي عيسي حواره واضاف قائلا ان ما يشهده المجتمع المصري الآن لم يعد للأسف صراعا فكريا بل صراع بين الحق والباطل وبين القانون والفوضي ويقول الدكتور كل القانونيين يعلمون ان احكام الدستورية العليا من الامور القانونية التي لا تحتمل ولا تقبل تعدد الاراء كما يحاول البعض ان يخدعنا لانها من الثوابت القانونية التي لاخلاف عليها ويؤكد ان الرئيس الآن ملزم بتطبيق حكم الدستورية وإلا اصبحت سابقة خطيرة لم تحدث من قبل وهو ايضا امر لا جدال فيه ولا خلاف عليه من الناحية القانونية. وكل خبراء واساتذة القانون يعلمون ذلك ولكن بعضهم يحاولون التزييف لغرض في نفس يعقوب وللاسف الشديد فانهم يجدون طريقهم في قنوات الاعلام لعرض هذه الاراء المضللة.
في البداية اسأل الدكتور فوزي عيسي عن رؤيته تجاه كل ما تشهده مصر الآن من خلافات بدات تنتقل من القوي السياسية الي المجتمع نفسه بكل جموعه؟ اجاب قائلا: للاسف الشديد ان الصراع والخلافات التي تشهدها مصر الآن لم تعد مجرد خلافات فكرية تتطلبها الديمقراطية بل تحولت الي انقسام خطير في المجتمع بين الحق والباطل وبين القانون والفوضي فالمفروض ان هناك امور تعد من الثوابت التي لا تقبل الخلاف او الجدل مثل احكام المحكمة الدستورية العليا ولكن للاسف فان بعض االقانونيين يزيفون الحقائق ويسيئون للقانون وهو ما أدي الي وجود صراع وانقسام خطير في المجتمع. ويضيف قائلا: اذا استدعينا ما تم من خطوات.. إلي الذهن.. بهدوء.. يظهر الأثر القانوني والواقعي الواضح الذي لا يملك أحداً جدالاً فيه.. ويغلق الباب أمام أي غافل لا يعي.. وأيضاً أمام أي مُضلل يتجاهل الثوابت متعمدا لغرض في نفس يعقوب.. وتلك الثوابت القانونية التي يعرفها كل القانونيين هي ما يلي: اولا: المحكمة الدستورية العليا هي قمة قضائية تخرج عن سلطان السلطان فيما تنتهي إليه من أحكام. ثانيا: ما تنتهي إليه هذه المحكمة العليا.. يكون واجب التفعيل ذاتياً.. فإعمال أثره يستند فقط إلي سلطة الهيئة المصدرة له. ثالثا: ما تنتهي إليه هذه المحكمة يكون مُنشئاً لمركز قانوني.. يوجد في الحياة القانونية والواقعية بمجرد صدور الحكم. رابعا: قد يحتاج الأمر أحياناً إلي صدور قرار كاشف عن هذا المركز القانوني الذي نشأ فعلاً بمقتضي الحكم.. فيصدر هذا القرار من رئيس الدولة أو من يدير شئون البلاد أو غير ذلك من سلطات يهمها الكشف عن هذا المركز القانوني الذي نشأ فعلاً بمقتضي الحكم.. وإعلانه للكافة.. لا لكي يكون واجب النفاذ.. ولكن فقط لكي يعلمه القاصي والداني. خامسا: ما تقدم يعني أن حكم الدستورية العليا الذي سرد أسباب بطلان تشكيل ثلث مجلس الشعب المنحل ثم إنتهي إلي أن لازم تلك الأسباب هو بطلان تشكيل المجلس بكامله.. يكون حكماً منشئاً »لمركز قانوني« هو »بطلان« تشكيل مجلس الشعب المنحل بكامله بينما قرار المجلس العسكري كان قراره كاشفا وليس منشئا للحكم. قد يري البعض ان الظروف السياسية المرتبكة التي تمر بها مصر حاليا تتطلب إجراءات مختلفة حتي نتجاوز هذه المرحلة الصعبة ؟ إذا كنا في دولة.. ولا أقول في دولة عريقة ولكن مطلق الدولة حتي ولو كانت وليدة أو متخلفة.. فإن حكم بطلان مجلس الشعب بما أنشأه من »مركز قانوني«.. يكون ذو أثر واقع وفعال بشكل ذاتي فور صدوره. وإذا مرت بالدولة العريقة بظروف إختلط فيها الحابل بالنابل لأسباب تتعلق برغبة في الوصول إلي سيطرة علي مقدرات البلاد دون أي إعتبار لقدسية الحق الذي يكون عنوانه في المجتمع أحكام القضاء فضلاً عن المثل العليا.. إذا كان هذا هو الحال.. فإن من يدير شئون البلاد المجلس العسكري رأي وهو محق في ذلك أن يصدر قراراً كاشفاً عن هذا المركز القانوني الذي سبق وأن نشأ بما للحكم من قوة. يستفاد مما تقدم أن قرار المجلس العسكري لم يبطل تشكيل مجلس الشعب.. وإنما فقط كشف عن بطلانه الذي صدر به حكم الدستورية العليا. وما هي مبررات الحكم بعدم دستورية قرار الرئيس؟ هناك مبرران لا جدال فيهما الاول: إذا كان لرئيس الدولة الذي تسلم السلطة من المجلس العسكري بعد الإنتخابات أن يُصدر قراراً بإلغاء قرار سبق صدوره من سلفه »وهو المجلس العسكري«.. فإن هذا لا جدال فيه.. ولكن هذا الإلغاء سيقف أثره عند حدود القرار »الكاشف« عن بطلان مجلس الشعب.. وليس »المُنشيء« لهذا البطلان.. فالمَنشأ والمَصدر للبطلان هو حكم الدستورية العليا الذي لا يملك أي رئيس لأي دولة أن يجادل فيه أو يقترب منه إلا تنفيذاً له وأخذاً به وإذا كان ذلك.. فإننا سوف نساير المُضللين الذين يزعمون أن رئيس الدولة لم يُصدر إلا قراراً بإلغاء قرار المجلس العسكري.. وأن هذا حقه.. ولكن هذا الإلغاء لا يمتد إلي المركز القانوني الذي سبق وأن تحقق بموجب حكم قضائي لا يملك رئيس الدولة أن يقترب منه.. وهو حكم كما قدمنا واجب التنفيذ ذاتياً دون حاجة إلي قرار كاشف له. ثانيا: قرار الرئيس تناول دعوة المجلس لمعاودة عقد جلساته ونحن في ذلك نسأل المراوغين عما إذا كان من حق رئيس الدولة أن يدعو مجلس الشعب المنحل إلي الإنعقاد.. والاجابة التي لا جدال فيها إنه بذلك يكون قد تجاوز حدود القرار »الكاشف« الذي أصدره المجلس العسكري وتجاهل الحكم المنشيء الصادر من الدستورية العليا.. وتجاهل أثره الذي سبق وأن تحقق.. وهو بطلان تشكيل المجلس بكامله.. إنه بذلك يكون قد تطاول علي هذا الحكم »المُنشيء«.. وهو تصرف يكون هو والعدم سواء.. لا أثر له. وبعيدا عن الناحية القانونية كيف ترلاي القرار سياسيا؟ بعيدا عن الفكر القانوني.. فإن الذكاء السياسي كان يستوجب أن يكون أول قرارت الرئيس الجموهرية متصلاً بمصالح الناس ومطالبهم الذي تصدر برنامجه الإنتخابي.. متصلاً بمشروع النهضة.. معلناً عن بدء مشروع إقتصادي ضخم.. أو مؤسساً لبدايات تحقيق أمل من آمال هذا الشعب.. أما أن يقتحم بأول قرارته قدسية حكم قضائي صادر من المحكمة الدستورية العليا.. فهذا أمر أترك وصفه لكل مصري علي حده حسب طريقته في التعبير اللغوي. من المسئول الأن عن تنفيذ قرار الدستورية بوقف قرار الرئيس؟ القرار لا يحتاج الي تنفيذ لانه حكم الدستورية ينفذ ذاتيا وبمجرد صدوره اصبح قرار الرئيس معدوما. وماذا لو لم يستجب الرئيس للقرار؟ سيكون ذلك إعلانا لعدائه للقضاء وتنهار دولة القانون تماما ولا اعتقد ان الرئيس سيفعل ذلك لان رئيس الجمهورية هو المسئول الاول عن احترام السلطات وحمايتها. وماذا لو ووجه القرار بصمت من جميع الجهات فلم يعلن الرئيس عن الغاء القرار وفي نفس الوقت لم ينعقد المجلس؟ المهم في النهاية الا ينعقد المجلس أو يواصل عمله بأي صورة. ولكن من لديه الآن سلطة التشريع؟ بعد الحكم بعدم دستورية قرار الرئيس فان الامر في التشريع يعود لما اعلنه الاعلان الدستوري لحين انتخاب مجلس جديد. وما هي رسالتك للرئيس حتي نتجاوز هذه الازمة؟ اقول له: يا سيادة الرئيس.. أنت المسئول أمام الله سبحانه وتعالي .. وأمام التاريخ عن إنقسام عميق في المجتمع.. وليته إنقسام بين آراء متباينه.. ولكنه بين حق وقانون وقضاء وقيم أخلاقية ودستورية لا جدال فيها.. وعلي الجانب الآخر رغبات سلطوية عنترية يمكن تحقيقها عنوة ..ولكن بأساليب بعيدة عن أحكام القضاء يا سيادة الرئيس إلتزم الشرعية وإلا فقدت شرعيتك.. ومن يفقد شرعيته قد يستمر سلطاناً بقوة.. ولكن ليس بحق.. ولا تصدق مستشاريك الذين يجهلون.. أو يتغافلون.. اللهم قد بلغت. اللهم فأشهد.