شهد تولي رئيس الجمهورية الجديد د. محمد مرسي لمهام منصبه والقائه لخطبه الثلاث زخما اعلاميا كبيرا، كما كثرت التساؤلات والآراء والحلول بشأن بعض الاشكاليات التي وردت في هذه الخطب. وتتعلق الاشكالية الأولي بعبارة ان المؤسسات المنتخبة ستعود. أما الاشكالية الثانية فتتعلق باستمرار قوات الجيش في التواجد بالمدن والشوارع للمشاركة في جهود حفظ الامن. والاشكالية الثالثة تتعلق بان الرئيس الجديد سوف يحصل علي جميع صلاحياته كاملة. ومع احترامنا لوجهات النظر والاراء التي طرحت لحل هذه الاشكاليات، الا ان الرأي عندنا انه، حتي تظل مصر دولة سيادة القانون يخضع له الحاكم والمحكوم علي السواء، فإنه بات حتميا ان يستند اي حل في هذه الاشكاليات الي صريح نصوص القانون حتي نضمن استقرار الاوضاع القانونية وعدم اثارة بلبلة فكرية في هذا الشأن مرة أخري. ولما كانت الاشكالية الأولي تتعلق بالعبارة التي جاءت في صدر خطاب الرئيس د. محمد مرسي الذي القاه بجامعة القاهرة بأن المؤسسات المنتخبة ستعود، وقد كثرت الأراء حول المقصود بذلك، وهل هو عودة مجلس الشعب الذي اصدرت المحكمة الدستورية حكما ببطلانه ام غير ذلك. ونحن نري ان الحلين القانونيين الوحيدين في هذا الشأن هما: الحل الأول: رفع دعوي امام المحكمة الدستورية العليا نفسها للفصل في النزاع القائم بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة، الذي يري ان حكم المحكمة الدستورية العليا ينسحب علي ابطال مجلس الشعب كله، وبين اعضاء مجلس الشعب السابق، الذين يرون ان هذا الحكم ينسحب فقط علي بطلان انتخابات ثلث الاعضاء المستقلين فقط. وهذه الدعوي ترفع استنادا الي المادة 05 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 84 لسنة 9791 التي نصت علي ان »تفصل المحكمة دون غيرها في جميع المنازعات المتعلقة بتنفيذ الاحكام والقرارات الصادرة منها وتسري علي هذه المنازعات الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والاوضاع المقررة امامها.. ولا يترتب علي رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتي الفصل في المنازعة«. الحل الثاني: انه يتعين لعودة مجلس الشعب انتخاب مجلس شعب جديد وفقا لنص المادة 65 من الاعلان الدستوري المكمل، علي ان تبدأ اجراءات الانتخابات التشريعية خلال شهر من تاريخ اعلان موافقة الشعب علي الدستور الجديد وذلك وفقا لنص الفقرة الاخيرة من المادة 06 مكرر من الاعلان الدستوري المكمل. اما جميع الحلول الاخري التي طرحت في هذا الشأن فإنه لا يجوز تنفيذها لانها لا تتفق مع صحيح القانون للاسباب الآتية: أولا: ان الرأي الذي ذهب الي انه يجوز تقديم طلب تفسير للمحكمة الدستورية العليا لابداء رأيها في هذا الشأن، هذا الرأي مردود لان المادة 62 من قانون المحكمة الدستورية العليا تنص علي ان »تتولي المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادره من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لاحكام الدستور وذلك اذا اثارت خلافا في التطبيق وكان لها من الاهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها«.، ويتبين من النص السابق ان طلب التفسير قد حصره وقصره المشرع علي النصوص القانونية الصادرة من مجلس الشعب والقرارات بالقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وبالتالي فإنه لا يجوز تقديم طلب تفسير بشأن حكم المحكمة الدستورية العليا بالقياس علي طلب التفسير بشأن النصوص القانونية الصادرة من مجلس الشعب أو من رئيس الجمهورية. وذلك لان اختصاصات الهيئات القضائية يحددها القانون وحده وذلك وفقا للمادة 05 من الاعلان الدستوري التي تنص علي انه »يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها« و»التي كانت تقابلها المادة 761 من دستور 1791« لذلك فإن هذه الاختصاصات تأتي علي سبيل الحصر في القانون ويمتنع القياس عليها أو التوسع فيها أو الاستثناء منها. ثانيا: ان الرأي الذي ذهب الي انه لو حكم في الدعوي المرفوعة امام القضاء الاداري بالغاء او وقف قرار المجلس الاعلي للقوات المسلحة الصادر بحل مجلس الشعب فإنه يترتب علي هذا الحكم عودة مجلس الشعب. هذا الرأي مردود عليه انه سواء حكمت محكمة القضاء الاداري بالغاء القرار المذكور او لم تحكم بذلك فإن هذا الحكم لن يؤثر علي حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر ببطلان مجلس الشعب لان المادة 84 من قانون المحكمة الدستورية العليا تنص علي ان »احكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن«.. كما قضت المادة 94 من القانون ذاته علي ان »احكام المحكمة في الدعاوي الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة.. ويترتب علي الحكم بعدم دستورية نص في قانون او لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا اخر«. والرأي عندنا انه تنفيذا للنصين السابقين فإن بطلان مجلس الشعب قد وقع بقوة القانون بمجرد نشر حكم المحكمة الدستورية العليا بابطال مجلس الشعب في الجريدة الرسمية، وانه لا حاجة لاي قرار او اجراء اخر في هذا الشأن. ثالثا: ان الرأي الذي ذهب الي وجوب الاستفتاء الشعبي علي حل مجلس الشعب فهذا القول مردود عليه بأنه لا توجد حالة في التاريخ انه تم الاستفتاء علي حكم المحكمة الدستورية لان حكمها واجب النفاذ بذاته من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية.