للمرة الثانية تفشل التيارات السياسية في الاتفاق لاختيار مائة عضو يشكلون لجنة تضع مشروع دستور جديد ستعرض مسودته علي استفتاء شعبي والامر يبدو بهذه الصورة للمواطن العادي ان المجتمع المصري انقسم حول هوية او شكل الدولة وهل هي دولة ذات توجه اسلامي سلفي متشدد ام دولة مدنية تعتمد مبادئ الاسلام مصدرا للتشريع فقط . والواقع ان هناك فرقا بين التوجهين، فالتوجه الاول يعني سيطرة المتشددين دينيا علي مجريات الامور في البلاد والمخاطرة بالانزلاق لاحتقان طائفي وسياسي، اما الدولة المدنية التي ارسيت مبادئها منذ ثورة 1919 فتركز علي مفهوم المواطنة التي لخصها الشعار الشهير الدين لله والوطن للجميع . الجميع يعلم ان جزءا من تشدد التيارات الاسلامية يعود تاريخيا لتجارب السجن القاسية والغباء السياسي لنظام يوليو العسكري في التعامل مع الجماعات الاسلامية، حيث افتقدت سياسته للحوار العقلي الوطني الذي ينظر لهذه الجماعات السياسية باعتبارها شريكا في الوطن وليس منافسا غير مرغوب فيه في الحكم ، فهل كل المصريين كانوا شركاء لجنرالات يوليو في الحكم . بالطبع لا. لذا فإن الفرصة التي اتاحتها ثورة 25 يناير للاسلام السياسي كانت يجب استخدامها بذكاء وتتوافق في مواقفها ايجابيا مع تطورات المجتمع وتستبعد الحديث عن دولة اسلامية سلفية غريبة عن شخصية مصر الحديثة، فهل ضاعت الفرصة، هذا ما ستجيب عنه الايام المقبلة.