المقدمة الطويلة، والخطبة السياسية العظيمة التي قدمها المستشار أحمد رفعت قبل النطق بالحكم، والتي أدان خلالها النظام السابق، وأقر بفساده وظلمه طوال ثلاثين عاما من حكم مصر، وأقر بشرعية الثورة عليه، وشرعية 25 يناير، لا يمكن أن تنتهي بأحكام البراءة الجماعية، التي أطلقها الحكم علي كل مساعدي وزير الداخلية الأسبق، وعلي نجلي مبارك... سرقة مصر كلها، واستنزافها، ونهب خيراتها، لا يمكن أن تسقط بالتقادم.. حتي حكم المؤبد علي مبارك (86سنة) القابل للنقض، وربما للبراءة، يبدو مضحكا واستفزازيا، واعتداء صريحا علي دماء الشهداء، اعتداء علي كل ما حلمنا بتغييره ، وكل ما سعينا لتحقيقه، وهو أيضا أستكمال لمسلسل سرقة الثورة، والاجهاز عليها تماما، واستكمال لمسلسل »اللهو الخفلي«، و»الطرف الثالث«، و»الأيدي الخفية«، و»الفاعل مجهول«.. غضب المصريون لذلك التناقض الفادح والفاضح في الحكم، التناقض بين الواقع والحقيقة، بين المقدمات والنتائج.. ولأن العدل بين وواضح للجميع، وأولهم القاضي نفسه الذي أصدر الحكم، الا أن القانون الذي حكم به كان ظالما، مغمض العينين، أو رأي ما يريد فقط، رأي الدماء تسيل في شوارع القاهرة، وبقيه المدن المصرية، رأي العيون التي تم اقتناصها، رأي الرصاص والقنابل، والغازات المسيلة للدموع، والسيارات التي تدهس المواطنين، رأي القتيل، والقتيل، والقتيل، رأي القتلي جميعا، يغطون شوارع مصر، لكنه عجز عن رؤية القاتل، عجز حتي عن أتهامه..!! الجريمة علنية ،الكل شاهدها رؤي العين، لكن لم يمسك أحد بمرتكبها، ظل القاتل مجهولا، كما هو دائما!.. وكل جريمة مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي، أنهما لم يمنعا القتل، أو ربما لم يسمعا به!!