الذي يتصور أن مشاكل مصر سوف تنتهي بمجرد انتخاب الرئيس القادم فهو واهم لأن الرئيس القادم مهما كانت انتماءاته السياسية سواء كان من التيار الديني أو المنتمين للنظام السابق يأتي في ظل صراع عنيف بين قوي مختلفة أضاعت علي مصر ثورتها في خلال عام ونصف تقريبا بعد الثورة حيث لا دستور ولا صلاحيات. واضحة لاي مؤسسة من المؤسسات الحالية.. ويمكن ان تصدر المحكمة الدستورية حكما يقلب كل هذه الموازين ويعيدنا الي المربع الأول.. وهذه الاخطاء سيتحملها كل اللاعبين في المشهد السياسي الحالي فالكل اخطأ بامتياز- والكل نظر الي حيث مصلحته الضيقة فقط. هذا بالنسبة للسياسيين من الأحزاب القديمة والحالية وهؤلاء هم الذين خدعوا شباب الثورة وتسلقوا عليهم- وعلي رأسهم الفصيل الديني من الإخوان والسلفيين حيث كانت الالاعيب السياسية هي الحكم في مشاهد من محمد محمود وأمام مجلس الوزراء فضلا عن رفضهم المجلس الرئاسي والرئيس المؤقت في خلال الثمانية عشر يوما الأول. ولذلك فإننا نتوقع مواصلة الصراع القائم حاليا- بل وزيادة اللاعبين لاعبا جديدا وهي مؤسسة الرئاسة.. فكيف يعمل الرئيس الجديد مع سلطة تشريعية تتلقي أوامرها من خارج المجلس- وكيف يعمل مع سلطة تنفيذية نتوقع ان يظل تسلط المجلس العسكري عليها.. وكيف يعمل ومازال الشارع مضطربا بمطالبات العمال والمهمشين والفقراء وحالة السخط العام من كل اللاعبين الموجودين الان في ملعب السياسة. حيث لا شئ جديد في حياة هؤلاء سوي مزيد من المشاكل التي لا حدود لها والتي لا يستطيعون ان يتعاملوا معها بأسلوب الرضا القهري الذي كان المفهوم الأمني يقوم به مع المواطنين في أرجاء المحروسة.. وابرز هذه الملفات توفير المواد التموينية من خبز وغاز وسولار مع ثبات الاسعار التي ارتفعت بعد الثورة.. وكل هذه المشاكل في ظل انفلات أمن مازال حتي الان لم يتم السيطرة عليه وحدود مع ليبيا والسودان واسرائيل يتم التهريب للسلاح وخلافه علي أشده.. ومن الطبيعي ان يستغل ذلك المجرمون وأعداء الثورة ليزيدوا الانفلات الامني ويعيقوا كل برامج التنمية التي من المفترض ان يبدأ فيها الرئيس القادم- ومن الملاحظ ان انتهاء العمل بقانون الطواريء ينتهي في شهر يونيو حسب الاعلان الدستوري وحسب قرار المجلس العسكري ولا يمكن تمديده الا بالاستفتاء. وفي هذا سوف يختلف باقي اللاعبين في قرار تمديد قانون الطواريء أو حالة الطواريء والتي كانت احد المطالب الرئيسية للثورة.. وفي حالة الخلاف سوف تظل الفوضي كما هي وكان لابد من الاتفاق حول كل هذه الاحتمالات قبل ان نصل الي هذه الحالة الراهنة- مع ملاحظة ان كل اللاعبين يستغلون الانفلات الامني ليحققوا بعض المكاسب علي حساب دماء الشباب الذي مازال هو الضحية حتي الآن. والعدو الثاني للتنمية والاصلاح هو ذراع الفساد الطويلة التي لا تقتصر علي كبار المسئولين في النظام السابق وانما تتمثل في النظام الديمقراطي العقيم الذي يسيطر علي عقلية أركان الدولة المصرية.. وكيف يتعامل الرئيس القادم وكل اجهزة الدولة يسيطر عليها هؤلاء الذين تربوا في احضان منظومة الفساد الكبير عبر عقود طويلة في كل التعاملات اليومية.. والرئيس لن يستطيع ان يأتي بموظفين أو مساعدين من خارج المنظومة.. وفي ظل مؤسسة تشريعية لم تع بعد خطورة المرحلة الانتقالية وانما تتعامل بنظام القطعة وانتظار الفكرة وسوف تجهض برامج الاصلاح اذا أتي الرئيس من خارج التيار المتحفظ المتأسلم.. بل يظل هذا التيار يدق بشدة قاع السفينة دون أن يدري ان السفينة تترنح في ظل امواج شديدة.. ومعلوم من التجربة ان الاسلام السياسي الان الذي يمارسه هؤلاء اليوم ذو نظرة ضيقة. وذلك للوقوف ضد الصالح العام حين يتصادم بالمصالح الضيقة لهم.. وكان من الممكن لهذا التيار اذا توافق مع الشعب والقوي الثورية من خلال العام المنصرم ان يأخذ خطوات التطهير سريعا كما طلبت القوي الثورية ولكنه وماذا يفعل الرئيس القادم مع مشكلة الفلاحين.. وبالتالي مشكلة الامن الغذائي.. والتي بدون حلها لا يمكن ان تكون هناك ديمقراطية حقيقية بدون الاكتفاء الذاتي- ومعلوم ان المشاكل تبدأ من تآكل الرقعة الزراعية وهجرة الفلاح للارض بعد ان تخلت الدولة في النظام السابق عنهم فأصبح ما يقرب من 051 الف فلاح في السجن بسبب قروض بنك التسليف »البنك الزراعي« وزيادة اسعار الاسمدة والبذور وندرة مياه الري وزيادة أسعار الوقود الذي يدير الميكانات التي ترفع المياه وبالتالي تسقي الزرع.. ومع كل هذه المشاكل فإن الجهاز المصرفي حتي الآن يتباطأ للدخول في استثمارات كبيرة في مجال الزراعة ومازال المحتكرون في النظام السابق يسيطرون علي كل اراضي مصر بعد ان استولوا عليها بنظام فاسد عقيم.. ولم تستطع القوي السياسية ان تهدأ عن الخلافات لتنظر الي التعمير في سيناء. أو الوادي الجديد. وتضافر الجهود الشعبية في هذا المجال.. وللاسف حتي الان نسمع شعارات لم تقدم لنا حلولا حقيقية مع ان الفلاح وهمومه لو أننا استطعنا ان نحل مشاكله لو وفرنا لمصر ميزانية استيراد القمح لما يقرب من 09 مليون نسمة وكان يمكن آن ذلك منذ بداية التنحي لو أن جهودنا وفرناها لذلك..