فيديو.. شركة مياه الجيزة: عودة الخدمة تدريجيا للمناطق المتأثرة وحل الأزمة خلال ساعات    أسامة كمال: مصر تحاول إنقاذ 6 ملايين فلسطيني تحتجزهم إسرائيل كرهائن    زيلينسكي: أوكرانيا تقترب من اتفاق مع هولندا لإنتاج المسيرات    الإمارات تواصل إسقاط المساعدات فوق غزة    منتخب الدراجات يتوج بميداليتين في البطولة الأفريقية للمدارس    سبب طلب مدرب النصر السعودي نقل معسكر «العالمي» من النمسا    الأهلي يهزم إنبي وديا بثنائية أفشة وتريزيجيه    مصرع 3 أشخاص وإصابة 9 آخرين بينهم أجانب إثر انقلاب ميكروباص جنوب مرسى علم    إخماد حريق بهيش وبوص ومخلفات بأرض فضاء بمحرم بك في الإسكندرية    غدا.. عزاء شقيق المخرج خالد جلال بمسجد الحامدية الشاذلية    يبدأ العمل بها 1 أكتوبر .. تعرف علي أسباب إنشاء المحاكم العمالية بالمحافظات واختصاصاتها    رئيس حزب الجبهة الوطنية يكشف عن آلية اختيار مرشحيهم بانتخابات المجالس النيابية    ترامب: سنعمل مع إسرائيل بشأن مراكز توزيع المساعدات في غزة    أحمد موسى: أحمد موسى: الإخواني لا يتردد في قتل أخيه.. والمرشد الحقيقي للجماعة هو بنيامين نتنياهو    إصابة 3 أشخاص بطلقات نارية فى مشاجرة بمدينة إدفو بأسوان    هل ال5 سنوات ضمن مدة العمل؟.. تعرف على موقف نواب "الشيوخ" العاملين بالحكومة    عمرو دياب vs تامر حسني.. من يفوز في سباق «التريند»؟    «السياحة والآثار»: المتحف القومي للحضارة شهد زيادة في الإيرادات بنسبة 28%    خالد الجندي : الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد الصناعات الدوائية بإيطاليا.. تفاصيل    لمرضى التهاب المفاصل.. 4 أطعمة يجب الابتعاد عنها    عاصم الجزار: تجربة مصر التنموية الأنجح منذ آلاف السنين.. والرقعة العمرانية ارتفعت ل13.7% خلال 10 سنوات    مراسل "إكسترا نيوز": الفوج الخامس من شاحنات المساعدات يفرغ حمولته بالجانب الفلسطيني    رئيس جامعة برج العرب في زيارة رسمية لوكالة الفضاء المصرية    سعر ومواصفات 5 طرازات من شيرى منهم طراز كهرباء يطرح لأول مرة فى مصر    نصائح للاستفادة من عطلات نهاية الأسبوع في أغسطس    حكم الرضاعة من الخالة وما يترتب عليه من أحكام؟.. محمد علي يوضح    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    من أجل قيد الصفقة الجديدة.. الزمالك يستقر على إعارة محترفه (خاص)    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    "3 فرق يشاركون في دوري الأبطال".. خالد الغندور يزف خبرا سارا    حتى لا تسقط حكومته.. كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة؟    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    تكريم دينا الشربيني في أمريكا كأيقونة عربية ناجحة    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    برلمانية تطالب بإصدار قرار وزاري يُلزم بلم شمل الأشقاء في مدرسة واحدة    20% من صادرات العالم.. مصر تتصدر المركز الأول عالميًا في تصدير بودرة الخبز المُحضَّرة في 2024    الحرارة الشديدة مستمرة.. 3 ظواهر جوية تضرب مصر غدًا    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    وزير العمل: مدرسة السويدي للتكنولوجيا تمثل تجربة فريدة وناجحة    وزارة الأوقاف تعقد (684) ندوة علمية بعنوان: "خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي"    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    جولة مفاجئة لمحافظ الدقهلية للوقوف على أعمال تطوير شارع الجلاء بالمنصورة    «بيفكروا كتير بعد نصف الليل».. 5 أبراج بتحب السهر ليلًا    بحكم نهائي.. عبد الله السعيد ينتصر على النادي الأهلي    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    الكهرباء: الانتهاء من الأعمال بمحطة جزيرة الذهب مساء اليوم    السيطرة على حريق بمولد كهرباء بقرية الثمانين في الوادي الجديد وتوفير البديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة إلي المستقبل
شمس اليسار
نشر في الأخبار يوم 14 - 05 - 2012


سمىر غرىب
فاز الاشتراكيون بحكم فرنسا مجددا بعد 17 عاما. شاهدت الفرنسيين يحتفلون في ميدان الباستي ( بدون لام ) طوال الليل. تأثرت كثيرا وتذكرت : كنت هناك منذ 31 سنة احتفل معهم بفوزهم بالرئاسة لأول مرة. سهرنا حتي الصباح نغني ونهتف (ميتران بريزيدان) أي ميتران رئيسا. كانت معي حبيبتي سامية. هي ليست معي الآن لتحتفل بعودة الاشتراكيين. رحلت بعدما رحل ميتران.
كان فوز فرانسوا ميتران برئاسة فرنسا فوزا تاريخيا لليسار كله وقتها. فاز بتحالف الاشتراكيين مع الحزب الشيوعي الفرنسي. كان وقتها حزبا قويا. كان يقيم احتفالا ضخما في إحدي ضواحي باريس باسم " عيد الإنسانية ". كان يضم كل الأحزاب والجماعات اليسارية في العالم. كنت أذهب إلي هناك مع سامية كل عام أثناء إقامتنا في باريس. كانت فرصة للتعارف بين زوار الاحتفال. وفرصة لتذوق مأكولات ومشروبات شعوب شتي. كان كل جناح يقدم مطبخه ويعرض ما تيسر من منتجاته الفنية وأزيائه. في المساء تقام حفلات فنية لفرق من دول مختلفة. كنت هناك استعيد أغنيات عدلي فخري في مدرجات جامعة القاهرة ونحن طلاب فيها يصدح عاليا : " مصر غيطان الرياح " و " سينا شراع السفينة " وغيرهما من أغانيه الثورية. هناك التقيت بيساريين مصريين في جناح مصر الذي كانوا يقيمونه بفلوسهم. عرفت هناك ميشيل كامل ومحمود أمين العالم وطاهر عبد الحكيم وغيرهم من منظري اليسار المصري وقادته. كلهم ماتوا. فمن لليسار في مصر الآن ؟
لم يتوقف سيل الذكريات وأنا أتابع علي شاشة التلفزيون الاحتفال بفوز فرانسوا هولاند الاشتراكي الفرنسي علي نيكولا ساركوزي. إن كان هولاند ليس في قامة ميتران ، فساركوزي كان عارا. وكان عارا قبل أن يتولي الرئاسة ، وزاد عاره بعد توليها. تابعت ساركوزي منذ تولي جاك شيراك رئاسة فرنسا. شيراك هو الذي صنع ساركوزي. كان ساركوزي سباقا في خيانة رئيسه عند أول فرصة. تولي ساركوزي وزارة الداخلية قبل أن يتولي رئاسة فرنسا. لم يخف في وزارته اتجاهاته العنصرية ، فسب المهاجرين الأجانب. وشن حربا عليهم بمطاردتهم وطردهم خارج الحدود ، وبخاصة من العرب والسود. ردها عليه أبناء المهاجرين وأشعلوا الحرائق في ضواحي باريس. هاجمت ساركوزي في هذا المكان ربما أكثر من مرة وهو وزير داخلية بسبب عنصريته. ومنها مقالة بعنوان "مشعلو الحرائق في فرنسا ".
تجمعت عوامل لكي يرأس واحدة من أعرق دول وشعوب أوربا. منها عوامل دولية بخوف الغرب مما عرف بالإرهاب الإسلامي ورمزه أسامة بن لادن. ومنها الضغوط الاقتصادية والسياسية علي الفرنسيين بسبب تزايد أعداد المهاجرين أنفسهم. ومنها تأييد اليمين المتطرف لساركوزي. هذا اليمين الذي تخلي عنه في الانتخابات الأخيرة بعد تأكده من عدم جدواه.
عندما فاز ساركوزي برئاسة فرنسا كنت خارج مصر ، فهاتفني صديق من باريس يحدثني عن فوزه ، فقلت له هذا زمن الأقزام. زمن الانحطاط الكوني العام. انظر من يحكم إيطاليا : بيرلسكوني ، ومن يحكم الولايات المتحدة : جورج بوش الابن ، وأخذت أعدد له بعضا من أسماء رؤساء الدول الكبيرة علي سطح كوكب الأرض. كلهم صغار.
عندما زار ساركوزي مصر للمرة الأولي كانت معه صديقته المطربة وعارضة الأزياء الطويلة كارلا بروني ، وأثار مشكلة بروتوكولية لأنه لم يكن قد تزوجها. أتي معها بطائرة الرئاسة الفرنسية ، لكنهما في مطار القاهرة انفصلا كل في سيارة. كان همه الأول والأخير في السيارة طوال الطريق لمقر إقامته أن يتصل بصديقته الراكبة في السيارة التي خلفه من تليفونه الفرنسي المحمول، طبعا عن طريق فرنسا ، لا لشيء إلا ليطمئن عليها ويقول لها " حبيبتي افتقدك.. كيف حالك ؟ أحبك.. ". هكذا لم ير الرئيس الفرنسي عبر شوارع القاهرة شيئا ، لأن عينيه كانتا تنظران وراءه. وقد تكرر ذلك السلوك خلال رحلته إلي مصر. ما أكتبه هنا مؤكد وينشر للمرة الأولي. عندما سمعت ذلك من شاهد عيان أثق في كلامه سألته : " بالذمة هل هذا رجل دولة ؟"
أكدت تصرفات ساركوزي حكمي هذا فيما بعد. فوجدنا علي الموقع الإلكتروني " يوتيوب " مقاطع فيديو لرئيس فرنسي لأول مرة يخطب متأثرا بالخمر. وكان " شريبا ". ومقاطع أخري يسب فيها بعضا من أبناء الشعب ، وأخري يتشاجر فيها ، وغيرها يلقون عليه بالبيض والطماطم. مثلما رأينا رئيس أقوي دولة في العالم يضرب بالحذاء. هذا عادي في زمن الانحطاط الكوني.
لذا تنسمت أملا بفوز الاشتراكيين برئاسة فرنسا. هاهم محترمون سيعيدون الاحترام للمنصب الجليل ، وللبلد العظيم. فهم لن يتنكروا لتراثهم ومبادئهم. ويعلمون أن أول ما فعله فرانسوا ميتران بعد توليه رئاسته الأولي عام 1981 هو أن أمر بتصحيح أوضاع إقامة كل الأجانب في فرنسا. ولم يطرد منها مهاجرا واحدا. وأعلن تأييده إقامة الدولة الفلسطينية صراحة. ورفع مستوي التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني في باريس. كنت هناك شاهدا علي ذلك وغيره. وكان ميتران يحب مصر حبا خاصا. ويحرص علي قضاء ليلة رأس السنة عندنا. لذلك لم أندهش عندما رأيت أعلام مصر وليبيا وتونس والجزائر ترفرف في ساحة الباستي في الاحتفال الشعبي الضخم بفوز هولاند الاشتراكي برئاسة فرنسا.
هولاند ليس ميتران. وزمن هولاند ليس زمن ميتران. إلا أن مبادئ الاشتراكية هي ذاتها. وشمس اليسار مضيئة في ذاتها. فتعالوا إلي ضوء النهار بعد أن تعبنا من ظلام الليل علي الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.