د. نسرىن البغدادى أثناء حوارها مع » الأخبار « أطفال الشوارع أزمة وطن وعلينا أن نحاسب أنفسنا أولا عن انحراف الگبار البطالة سبب الهجرة غير الشرعية لأرض الفردوس ! الحل يبدأ بالتصالح مع النفس واستبعاد الثأر من الوطن الدكتورة نسرين البغدادي.. أمضت ثلاثين عاما في دراسة تشريح المجتمع في القري والمحافظات واللقاءات بالمواطنين.. درست الشخصية المصرية قبل ثورة مايو.. تابعت عن كثب قضايا اطفال الشوارع، والهجرة غير الشرعية والعشوائيات وظواهر العنف في المجتمع المصري.. تشغل الآن منصب مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية خلفا للدكتورة نجوي خليل التي تم اختيارها وزيرة للتأمينات والتضامن الاجتماعي. ذهبت للقائها في الرابعة بعد الظهر.. كانت غارقة في الإعداد لاوراق مؤتمر مصر في مفترق الطرق ما بين الحاضر والمستقبل والذي يفتتحه يوم 41 مايو الحالي الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء.. وعلي مدي ساعتين دار بيننا هذا الحوار. كان السؤال الأول في الموضوع مباشرة.. قلت ما سر هذا العنف الذي انتشر، رغم ان بداية الثورة جاءت بيضاء واشاد بها رؤساء العالم بالمقارنة بثورات الربيع الاخري في ليبيا واليمن وسوريا؟ حسنا لانك لم تقم بالتعميم، فبعد نجاح الثورة واسقاط النظام وقاد الثورة شباب مثقف يجيد استخدام الانترنت والفيس بوك، جاءت مجموعة من جيل آخر مفتقد الانتماء، لا يعرف القيم الصحيحة التي تؤكد ان الحق حق، والباطل باطل.. انه جيل تم تضليله شرب من سلبيات الفضائيات لذلك لم يعرف كيف يحب مصر.. وتم استقطابه حول شخص بعينه وكأن هو الوطن.. واذا اردنا ان نحاسب هذا الجيل علينا ان نحاسب انفسنا أولا ونسأل ماذا قدمنا له وفعلنا من اجله في سنوات ما قبل الثورة.. لقد كانت المحصلة استثمار الثورة لصالح فصائل بعينها وتسعي لمصلحتها الشخصية.. اما الشهامة والكرامة فهي لا تزال موجودة. والآن.. ما هو المصير؟ اقولها بصراحة الوطن ذبيح والمصير مجهول.. واذا لم تكن هناك استفاقة مجتمعية وجهاد ضد الشهوة والسلطة والمال والسيطرة، لن يكون هناك مستقبل واصلاح. هذا ما يدفعنا للمؤتمر الذي يجري الاعداد له.. مطلوب التعرف علي أجندته. تتركز الموضوعات في ثورة الشباب المصري نموذجا، والتحولات السياسية نحو المستقبل، وملامح التحول الديمقراطي، والعدالة الاجتماعية وآلياتها وعنها يتحدث الدكتور علي لطفي رئيس وزراء مصر الاسبق عن الاقتصاد المصري بعد ثورة 52 يناير خاصة تطور اوضاع الفقراء وعدم المساواة وقلق المستقبل وفرص العمل.. هناك ايضا مناقشات حول تيارات الفكر الاجتماعي والعنف واحداث الثورة ومستقبل مصر في عيون مصابي الثورة، والشباب والقنوات الفضائية.. وفي الجلسة الختامية التي ترأسها الدكتورة نجوي خليل تجري مناقشة واسعة حول مصر والدستور يتحدث فيها الفقيه الدستوري ابراهيم درويش وتشارك فيها المستشارة تهاني الجبالي. منذ ايام كان هناك مؤتمر بعنوان »أطفال الشوارع أزمة وطن«.. وهو موضوع ناقشناه كثيرا ولم نصل الي حلول بسبب الفقر والتفكك الاسري واصدرنا قانون الطفل بلا آليات لتنفيذه وهناك اتجاهات للتلاعب في مواده.. أريد التعرف علي رؤيتك لهذه الظاهرة الخطيرة؟! لقد توصلنا الي توصيات فعالة لرعاية الاطفال حتي سن 81 في مقدمتها تدريب من تنتهي فترة ايوائهم بالمؤسسات وتأهيلهم لمواجهة المجتمع والاندماج مع افراده، وتوفير فرص عمل ملائمة لهم. واعادة هيكلة مؤسسات الرعاية، والفصل بين الذكور والاناث وايجاد رقابة اشرافية خاصة علي صغار السن، وزيادة الاهتمام بالاسر المعرضة اطفالها للخروج الي الشارع بسبب الفقر والتفكك الاسري، وانشاء دور رعاية بالمحافظات حتي لا تنقطع الصلة بين الاطفال واسرهم. كما أن من واجبنا مساعدة الاسرة التي يعمل اطفالها واستعادتهم للمدارس وتدريبهم علي المهن المناسبة، وعلينا ايضا ان نأخذ في الاعتبار الاطفال الذين وجدوا انفسهم في الشوارع وسط المظاهرات وفي مستشفيات الميدان والمخيمات مأوي وهؤلاء بالقليل من المال يتحولون الي ادوات تخريب وتدمير مثالا علي ذلك الشاب الذي حرق المجمع ووقف يرقص لانه تشبع بالفكر المزيف. التصالح مع النفس العنف في الشارع المصري تصاعد في الكثير من المناطق وسقط الكثير من الشهداء والضحايا.. كيف نعيد الاستقرار للشارع المصري؟ الحل لابد ان يبدأ بالتصالح مع النفس، والابتعاد عن التعصب والأنانية وازالة كم الغضب الداخلي، واستبعاد مبدأ الاخذ بالثأر من الوطن ومن لم يعطه حقه.. ان كل خوفي علي الجيل الجديد انه لا يري امامه سوي العنف والانانية والرغبة في الاستحواذ، وفرض الرأي ورفع شعار ومبدأ أنا وبعدي الطوفان لأن هذا الجيل لم ير الا تاريخا لشخص واحد.. ولا يقبل الاستماع للرأي الآخر.. ومن واجبنا ان نعيده الي طريق الرجوع الي النفس والتسامح والتنوع والمواطنة. الهجرة غير الشرعية ازدادت مخاطرها الدولية، واتخاذ اجراءات مشددة لسد جميع منافذها برا وبحرا وجوا.. وبالقطع كانت محور دراسات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.. ما الحل؟ هذا صحيح خاصة في ظل زيادة معدلات البطالة.. وقد التقيت في مطار روما بعدد من الشباب يتحدثون اللغة »الفلاحي« لانهم من المنوفية وبورسعيد والدقهلية.. وبالحوار معهم قالوا انهم من عائلات شبه واحد.. الأخ يستدعي اخاه أو ابن عمه، ويعيشون في حيز ضيق.. ويعملون في المقاولات والمواني واصلاح السيارات وبعد نحو 5 سنوات يحصلون علي الاقامة.. واقاربهم عندما يلمسون نجاح تجاربهم غير الشرعية في بناء مساكن أو الارتباط بالعروسة، يتشجع عدد آخر للسفر الي أرض الفردوس واكتشفت ان غالبيتهم من الحاصلين علي دبلومات فنية منذ سنوات ولا يعملون.. معني هذا اننا في مصر نحتاج »بليه محترف« بمؤهل يتمشي مع متطلبات سوق العمل، لكننا للاسف لا نهتم بتعليمهم الفني، ولم نسألهم قبل القيام بهذه المغامرة غير المحسوبة عن رغباتهم بالتعاون مع المشروعات الكبري. مشكلة العشوائيات ما هي رؤيتك لمشكلة العشوائيات التي اصبحت تحيط بمعظم المدن بما فيها العاصمة التي يتواجد بها 111 منطقة؟ ربما يكون سكان العشوائيات أسعد حظا لأن لديهم قدرا من القناعة والقدرة علي التكيف والامان الداخلي.. ومن دراساتي وجدت ان سكان العشوائيات يحبون المكان الذي عاشوا فيه، لكنهم يريدون المرافق والمدارس ورغيف الخبز وانبوبة الغاز. من هم الساخطون علي المجتمع؟ انها الشرائح المتوسطة والعليا لانهم يعيشون في مستوي معيشي يفوق طموحاتهم، والاغنياء يسعون للحفاظ علي مكانتهم وتأكيد قوتهم، والوصول الي الحكم والتزاوج بين المال والسلطة وأخاف علي الشباب الذين يتم تضليلهم تحت ستار الدين. وإذا ترشحت للرئاسة ما هو برنامجك؟ بداية لن اترشح ولكن بالفرض سأبدأ بالنظافة لأن الانسان المصري يستحق العيش في ظروف معيشية افضل حتي لا تتفاقم تكاليف العلاج.. ولو نجحت في ذلك ستتوالي الانجازات.. ثم ادعو لتكثيف الأمن، وبالتوازي مع الهدفين اعمل علي تنفيذ مخطط التعليم، والتنمية الريفية ليتحقق لها الاكتفاء الذاتي. واخيرا المسألة السياسية لان المواطن لا يأمل سياسة ولا افتح مكلمة.. والدين ليس امرا سيئا.. لكن العبرة بصحيح الدين.. وفي الوقت نفسه علينا باعلاء قيم التسامح والشهامة والكرامة.. وان يكون لديك رضا بما قسمه الله لك، ولكن عليك بالسعي للحصول علي الافضل. وماذا عن المرأة بعد الثورة؟ ان ما اراه اشد بشاعة.. عندما اريد إداخلها واخفاءها أبعدها عن العمل.. وعندما اريد اخراجها اترك سراحها ومعها المولوتوف ومقص للاسلاك الشائكة.. هنا اسأل فين الدين؟ اذا قلنا المرأة لا تعمل من يطعمها واولادها وزوجها الذي تعوله في مرضه، أو يرفض العمل! هنا الكيل بمكيالين.. احيانا اطلب منها عدم المشاركة برأيها، ثم اطلب منها الخروج لتعطيني صوتها!! أين العدالة الاجتماعية.. لقد شاهدت فتاة علي الفيس بوك تشتم جنود وزارة الداخلية بابشع الألفاظ.. واترك بناتي لتنام بجوار الشباب!! واسوأ ما يتردد مؤخرا فتوي جماع الوداع هي كارثة.. هل خلاص انتهت مشاكل مصر لنفكر في مثل هذه الموضوعات.. اقول له ادفن زوجتك واذهب للزواج بأخري لقد اعطاك الدين هذا الحق.. وهذا ما فعله أبوحنيفة عندما قال اخشي ان اموت بنصف دين. وكيف تتحقق العدالة الاجتماعية؟ العدالة ليست عصا سحرية، ولا تعني ان تأخذ بالتساوي.. مثال العامل واستاذ الجامعة.. هناك فئات متدرجة في المجتمع، لكن العدالة تتطلب اتاحة فرصة التعليم للجميع اما الجامعة فالأمر مختلف.. من يحصل علي مجموع أكبر يدخل الكلية التي يرعب فيها عن طريق مكتب التنسيق، وهناك ايضا الجامعات الخاصة، ومن يرفض يقدم البديل.. والاستفادة بمن لديه موهبة في التعليم الفني. هناك اتجاه لتعديل قانون الطفل.. ما هي رؤيتك؟ القانون أعده خبراء ووراءه ارادة سياسية.. العبرة بالمردود المجتمعي وعدد المستفيدين من القانون.. وهناك من يطالب بالغاء مشروع القراءة للجميع.. انه ليس ملك احد ولكن الهدف منه انشاء مكتبة رخيصة للاسرة.. والغاء هذه المشروعات هو هدم للمجتمع، ومسائل عبثية. وماذا عن الخلع؟ هذا التشريع أوجد مخرجا لحالات كانت تنتشر بها الرذيلة وجعل المرأة من المعلقات. وماذا عن قضية جمعيات المجتمع المدني؟! الجمعيات موجودة منذ سنوات طويلة لمساعدة شرائح كثيرة في المجتمع ولا استطيع ان أضعها في سلة واحدة لان بعضها لها اجندات داخلية وخارجية.. لذا اطالب بانشاء جهة رقابية للتعرف علي انشطتها يوميا. بعد الرئاسة ما هي رؤيتك للعلاقة بين البرلمان والمجلس العسكري والحكومة؟ ليس هناك نية للتغيير الوزاري الا بعد انتخابات الرئاسة، خاصة ان حكومة الدكتور الجنزوري تعمل في اسوأ الظروف نتيجة الازمات الحقيقية والمفتعلة، وهي لا يتحملها أي بشر، لكنها تعمل من اجل الوطن الي آخر لحظة.. بل وتسابق الزمن .. اما العلاقة مع المجلس العسكري عنه فأقول ان الكل مع حرية التعبير عن الرأي، لكن لا للتخريب لمؤسسات الدولة خاصة ان المجلس حمي الثورة منذ أول يوم حتي الآن، خاصة لأن الشعب ايدها.. ولي تحفظات علي الالفاظ التي يطلقها البعض، وهي لا تليق بجيش مصر.. الجيش الذي قهر اسرائيل واعاد لنا للعرب العزة والكرامة.. ولا قدر الله اذا حاولت اسرائيل المساس بمصر من سيدافع عني، وعن من اساء الي جيشنا خاصة ان اعضاء المجلس العسكري شاركوا في انتصار اكتوبر العظيم.. لا يجوز ان نتعامل مع من منحونا العزة بما نشهده اليوم، واقول لهم اذا حدث لكم مكروه لماذا أضحي من اجلكم؟ هل هناك أمل؟ الأمل في وجه الله.