ليس هناك ما يقال عن قرارات اللجنة العليا للانتخابات بغض النظر عن ردود الفعل سوي أنه التزم بصحيح ما جاء في الإعلان الدستوري وما تقضي به القوانين ويترتب عليها من إجراءات قضائية. ولقد كان أبرز ما اتسم به تعامل اللجنة مع هذه القضايا هدوء الأعصاب وسيطرة روح العدل وهو الامر الذي جعلها لا تتأثر بالضغوط والتهديدات مع الحرص علي تجنب تعريض نفسها لشبهة الانحياز لاتجاه أو تيار. إن ما قامت به هذه اللجنة التي يرأسها المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا يستحق الاشادة والتقدير رغم تلك الزوابع المفتعلة التي تدخل في اطار الغوغائية والصراخ الذي يستهدف الحصول علي ما هو غير مستحق بالاضافة إلي محاولة انقاذ ماء الوجه. لا جدال ان ما اقدمت عليه اللجنة قد لقي قبولاً شعبياً وهو ما يمكن اعتباره نقيضا للمهمة التي كُلفت بها لجنة المستشار طارق البشري التي خاصمت الحياد وكان إعدادها للإعلان الدستوري المتحيز مليئا بالعيوب وهو ما قادنا إلي العديد من المشاكل. كان من أبرز هذه المشاكل التأخير في تحقيق متطلبات المسيرة الديمقراطية وفقاً لخطوات دستورية تستند إلي الأسس والتسلسل السليمين. بعد قرارات اللجنة العليا للانتخابات فإن المجلس الأعلي للقوات المسلحة مطالب بالتكفير عن الأخطاء التي ارتكبها في حق الثقة التي أولاها إليه الشعب. من المؤكد ان تشكيله المتعمد للجنة اعداد الاعلان الدستوري وبتلك الصورة المعيبة كانت وراء ادخالنا في هذه المتاهات التي أشاعت ما نحن فيه من يأس وإحباط . لقد حان الوقت لتعديل توجهاته والاضطلاع بمسئولياته في حماية كيان الدولة المصرية من تواصل حالة الفوضي التي أعقبت ثورة 52 يناير. ان ما جري استهدف الانحراف بهذه الثورة إلي ما يمكن أن يكون استنساخاً لحزب وطني جديد يضمن هيمنة وسيطرة تيار بعينه علي مقدرات الحياة السياسية. استمرار هذا المخطط يؤدي إلي عودة الأمور إلي ما كانت عليه. »وكأنك يا أبوزيد ما غزيت«.. ان ما يحتاجه هذا الوطن هو نظام سياسي وطني مفتوح لكل الآراء والاتجاهات ويخضع لروح المواطنة الحقة. ان ما يتمناه الشعب في الاسابيع القادمة هو المصداقية في اصلاح ما فسد واعادة الأمور إلي المسار الصحيح علي قدر الامكان. انه يتطلع إلي استكمال المسيرة نحو الديمقراطية الحقيقية التي تحقق الصالح الوطني في ظل دستور يستجيب لتطلعات ورغبات كل أطيافه.. بعيداً عن أي انحراف يناقض تاريخ وشموخ مصر ووسطيتها الإسلامية المتأصلة. ان مهمة المجلس الأعلي في الاسابيع القادمة ومن ورائه أبناء قواتنا المسلحة الباسلة ومعهم قوات الأمن التي تعرضت لمؤامرة عزلها عن القيام بواجباتها الوطنية.. هو التصدي لدعاة الفوضي الذين خرجوا من الجحور يهددون أمن واستقرار هذا الوطن. ان الباب اصبح مفتوحاً علي مصراعيه للقيام بهذه المهمة التي أصبحت تحظي بثقة ودعم ومساندة الشعب الذي فاض به الكيل وعاني الأمرين من تداعي اوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ان ما سوف يتم الاقدام عليه في اطار عملية الاصلاح سوف يحسب لاصحابه في سجلهم الوطني. إنه أمر حتمي وضروري يتوافق تماماً وما تستحقه مصر العظيمة من حماية ورعاية حتي الوصول إلي بر الأمان. وأخيراً أقول شكراً للجنة العليا للانتخابات علي أمل مواصلة مهامها بنفس النزاهة والأمانة والمصداقية. ان الشعب يتوقع استمرار تجاوبها مع متطلبات العدالة التي دعا اليها المولي جلت قدرته وبما يعكس في نفس الوقت الولاء والانتماء للشعب وللشعب وحده.